تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وبسقوط السلاجقة، صار الطريق ممهدا للحملات الصليبية لغزو المشرق، فسقط بيت المقدس في أيديهم بخيانة بني عبيد، فضلا عن جماعات الباطنية المنتشرة في بلاد الشام، فكان للتفرق المذموم دوره في سقوط مقدسات المسلمين في أيدي أعدائهم، واستمرت الفرقة العقدية والضعف السياسي متلازمان، حتى نجح صلاح الدين الأيوبي، رحمه الله، في القضاء على دولة العاضد العبيدي، آخر أمرائهم في مصر، فرفع لواء كلمة التوحيد أولا، قبل توحيد الكلمة، وأعاد مصر مرة أخرى إلى سلطان الخلافة العباسية الشرعية في بغداد، على مذهب الشافعية، رحمهم الله، واجتث ملك الباطنية الإسماعيلية، وكان حريصا على الجماعة بمعناها الحقيقي، فلم يستقل بدولته، وإنما حرص على

الانضواء تحت راية الخلافة الشرعية في بغداد.

وانتعشت الأمة بعض الشيء، بهذه الحركة الإصلاحية التجديدية، وانتصر المسلمون على الصليبيين في حطين واستردوا بيت المقدس ومعظم الأراضي التي احتلها الصليبيون في الشام، ولكن مرض الفرقة العقدية عاد إلى الظهور مرة أخرى، لاسيما في بغداد والمشرق، فكان للباطنية دولة قوية في المشرق أسسها الحسن الصباح، عرف أتباعها بـ: "الحشاشين"، الذين اغتالوا عددا من الشخصيات الإسلامية البارزة كـ: نظام الملك، رحمه الله، الوزير السلجوقي الفذ، وحاولوا اغتيال صلاح الدين، ولكنهم فشلوا، ومن صلب هذه الدولة الخبيثة خرج الخبيث: نصير الدين الطوسي، الذي ساهم في سقوط حاضرة الخلافة سنة 656 هـ، بخيانة الوزير: ابن العلقمي، الذي خان أهل السنة في العراق، فعمل على إضعاف جيش الخلافة بتسريح الجند، حتى صاروا يتسولون في الطرقات، وكأن بول بريمر الحاكم الأمريكي للعراق قد استلهم فعلته الشنيعة بحل الجيش وأجهزة الأمن العراقية من ابن العلقمي، وكاتب هولاكو سرا يحرضه على غزو بغداد، كما حدث في عصرنا الحاضر تماما مع اختلاف الأسماء فقط، ووفد نصير الدين الطوسي على ظهور خيول الفاتحين الذين حرروا بغداد، حتى من أهلها!!!!، فأغرى "هولاكو" بقتل الخليفة "المستعصم" آخر خلفاء بني العباس، وبمقتله انهارت الخلافة العباسية في المشرق بعد: 524 عاما كانت فيها بغداد قبلة المسلمين السياسية، وجامعتهم الإسلامية، واكتسح المغول الشام بمساعدة اليهود والنصارى وملاحدة الباطنية الذين لعبوا نفس الدور الذي لعبوه في الحملات الصليبية، كما هو الحال اليوم في العراق بعد سقوط النظام السابق، وكان الانهيار العقدي كالعادة وراء هذا الانهيار السياسي العسكري، فالأهواء قد عمت، ومذهب السلف: علما وعملا، كاد يندثر، ومذاهب المتكلمين وأهل الرأي وطرائق التصوف قد اكتسحت العالم الإسلامي، ومرة أخرى قيض الله، عز وجل، لهذه الأمة: حركة تجديدية، بقيادة: سلطان العلماء: العز بن عبد السلام، رحمه الله، والسلطان المملوكي: سيف الدين قطز، رحمه الله، ونجحت هذه الحركة في دحر المغول في عين جالوت، وحفظ الله، عز وجل، دينه، من خطر أولئك الوحوش الذين ارتدوا إلى المشرق، ونجح الإسلام، بقوته الذاتية في اكتساحهم، بالرغم من تفوقهم العسكري، تماما كما يكتسح اليوم أوروبا، رغم تفوقها المادي: التكنولوجي والعسكري .......... إلخ على أمة الشرق المسلم.

وجاء عصر شيخ الإسلام، رحمه الله، والحركة الفكرية الإسلامية قد أصابها الجمود والتقليد، والبدع ما زالت منتشرة في أوساط الأمة، علمية كانت أو عملية، وللمتكلمين الذين انحرفوا في باب العقائد، وللصوفية الذين انحرفوا في باب العمل اليد الطولى، فالأمة بأكملها خاضعة لنفوذهم إلا من رحم الله، والباطنية ما زالوا يكيدون للإسلام وأهله في جبال الشام، حتى جاهدهم شيخ الإسلام، رحمه الله، بنفسه، مع نائب السلطنة، واستنزلهم من حصونهم في جبال "كسروان" واستتابهم، والخطر المغولي قد عاد إلى الظهور مرة أخرى، تحت قيادة القائد المغولي الشهير: غازان، فقيض الله، عز وجل، ابن تيمية، رحمه الله، لقيادة المشروع التجديدي العقدي الفكري، هذه المرة، فانتصر لمذهب السلف في الأصول والفروع والسلوك، وتوج العلم بالعمل، فاستحث السلطان الناصر بن قلاوون على قتال المغول وشارك بنفسه في قتالهم في موقعة " شقحب" الشهيرة، وحمل مشروعه

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير