تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولا شك أن تعدد الطرق الصوفية كان نوعا من الخلاف المذوم الذي حذر منه السلف فكان القوم: (مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ)، وكان التصوف والإرجاء رأسي الحربة الأساسيين اللذين أضعفا الجبهة الداخلية لدولة الخلافة، حتى حملها التعصب على محاربة دعوة التوحيد في الجزيرة العربية، فأوعزت إلى: محمد علي باشا، والي مصر، الذي عرف بعداوته الشديدة للإسلام الصحيح وموالاته للغرب النصراني الذي دعم سلطانه في مصر لإضعاف دولة الخلافة وتغريب مصر، ومن ثم أجهزوا عليه في موقعة "نافارين" البحرية لما خرج عن النص بغزوه دولة اليونان النصرانية الأرثوذكسية، أوعزت إليه بشن حرب ظالمة على دعوة التوحيد في نجد، واستمر المؤشر السياسي في الهبوط مع هبوط المؤشر العقدي حتى فشت حركات التغريب الماسونية في أرجاء العالم الإسلامي، وظهرت النعرات القومية التي استبدلت الرابطة القومية الجاهلية بالرابطة الإسلامية، فوقع العداء بين شعوب الأمة الواحدة، فالأتراك يناصبون العرب العداء، والثورة العربية تتحالف مع أعداء الدولة العثمانية لإنشاء خلافة عربية بمعونة "لورنس العرب"!!!!

وفرنسا تحرص كل الحرص على إحياء التراث الأمازيغي في المغرب لشق الصف المسلم، مع أن اللغة الأمازيغية من الناحية الفعلية: لغة ميتة، ومع ذلك تشيد المعاهد المتخصصة لإحياء التراث الأمازيغي في فرنسا، التي ترفض، في نفس الوقت، أي ثقافة تزاحم ثقافتها الفرنسية الكاثوليكية الخالصة، حتى أثر عن "جاك شيراك" وهو ممن نافح عن مبادئ جمهوريته بشكل يثير إعجاب الخصم، أنه رفض إقرار مشروع يجيز تعدد اللغات في المدارس الفرنسية، معللا ذلك بأنه لا يريد "بلقنة فرنسا" في إشارة إلى تعدد القوميات في البلقان، وهو السبب الرئيسي لاشتعال تلك البؤرة المضطربة في جنوب أوروبا باستمرار.

والحملات الاستكشافية تتقاطر على مصر لإحياء التراث الفرعوني، وربط المصريين بـ: "ماضيهم الوثني المجيد"!!!!

و "شامبليون" ينفق من وقته ما أنفق لحل رموز "حجر رشيد"، وليته أنفقه في البحث عن الحق!!!

الشاهد أنه لابد من إفساد عقيدة الولاء والبراء عند المسلمين بإحياء وتمجيد الجاهليات القديمة ليصير الولاء والبراء على: "الأمازيغية" أو "الفرعونية" أو ............... إلخ، ولا يعني ذلك عدم الانتفاع من هذه الحضارات، وإنما الخلل في تمجيد انحرافاتها العقدية، وقبول كل مفرداتها بلا تمييز، وإحلالها محل الجامعة الإسلامية التي أمرنا بالتمسك بها دون غيرها.

وكانت اللحظة الحاسمة في تاريخ الأمة الإسلامية لما سقطت الخلافة على يد العميل: مصطفى كمال أتاتورك، الذي غرب تركيا، وسلخها من الجسد الإسلامي سلخا، وكانت هذه المصيبة حصيلة قرون من التفرق العقدي المذموم، سبب كل بلية، ولا سبيل إلى علاج ما تعانيه الأمة إلا بتوحيد الكلمة، ولكن بشرط: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا).

والغرب ما فتئ يزكي النماذج المنحرفة التي انتسبت لهذه الأمة، فلا تجد في جامعات الغرب إلا إشادة بأفكار: ابن عربي وأبو حيان التوحيدي وجلال الدين الرومي .......... إلخ من دعاة الفكر المستنير البعيد عن التعصب الذي يسعى إلى توحيد الشعوب بغض النظر عن مللهم أو نحلهم، فكل على خير، وكل الطرق تؤدي إلى الله، عز وجل، فلليهودي طريقته، وللنصراني طريقته، وللبوذي طريقته، وللنصيري طريقته، وللدرزي طريقته، وللباطني الإسماعيلي، طريقته، وكل على خير إن شاء الله!!!!!، فقد سرت فكرة وحدة الوجود من الأعيان إلى الأديان، وهي دعوة خبيثة يشيد بها كثير من "الحداثيين" المعاصرين، ويعتبرونها خطابا إسلاميا معتدلا يصلح لحوار الغرب بخلاف الخطاب "الوهابي" المتشدد!!!!!، والحق واحد لا يتعدد، و: (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)، والله، عز وجل، أعدل من أن يسوي بين من عبده، ومن عبد وثنا أو حجرا أو بشرا أو بقرا .............. إلخ.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير