ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[08 - 04 - 2008, 08:26 ص]ـ
إن نظرية القرائن من أجرأ محاولات التجديد النحوي بلا جدال وهي في حقيقتها محاولة لإعادة ترتيب بعض المقولات النحوية فالقرائن المعنوية أو اللفظية هي من أعمدة التفكير النحوي وما يمتاز به تمام هو أنه استطاع أن يعيد الاستفادة من جملة الأفكار النحوية ويصوغها وفاق المدرسة الوصفية ولكنه لم يوفق حين ذهب إلى أن التحليل الإعرابي فرع على المعنى الوظيفي للجملة أو النص حتى ذهب إلى التمثيل بنص مصنوع مفرغ من الدلالات المعجمية، فمثل هذا القول لا يقبل على إطلاقه فقد يكون واضحًا في بعض السياقات وغير واضح في سياقات أخرى فقد يعوز الأمر إلى فهم المعنى المعجمي لألفاظ النص حتى يمكن التوصل إلى التحليل الإعرابي الصحيح، ولو أن المعنى الوظيفي وحده يكفي لما تعددت أعاريب اللفظ في الجملة الواحدة أو البيت الواحد وفاقًا لتعدد الفهم
وأما جعله الإعراب قرينة من القرائن فقول صحيح منطلق من وصف اللغة فظاهرة التصرف الإعرابي إنما تتصف بها ألفاظ دون ألفاظ وزعم النحويين بتقدير العلامات هو تعميم لنمط لغوي واحد كان يمكن الاستغناء عنه بمعنى أنه ليس من اللازم الربط بين الوظيفة والعلامة ولأنها علامة فوجودها دليل على الشيء ولكن اختفاءها ليس دليلا على اختفائه ولعلهم ارادوا بتقديرها تحرير هذا المعنى وبالجملة كان يمكن أن يقولوا إن الفاعل يحرك بالضم إن كان متصرفًا أي يتغير آخره فالضمة مظهر خاص لبعض ما يكون فاعلا.
أما معالجة الضعف اللغوي فهي بالتدرب الجاد على استعمال اللغة منذ الطفولة فمن الملاحظ أن القراءة الجهرية للطالب قليلة وكذلك الكتابة المشكولة واللغة مهارة لا تكتسب بعلم نظري بل بالممارسة الجادة وتعليمنا العام مزدحم بالعلوم والمعارف التي تشتت الطاقة بالإضافة إلى أن العربية قد نحيت عن مجالات الحياة العملية فإجاتها ليست شرطًا لأي عمل كما هي اللغة الإنجليزية. إنك لن تجيد شيئًا لا تحتاج إليه في حياتك، من يضطر إلى السباحة ويحتاج إليها سيتعلمها ومن يحتاج إلى قيادة السيارة سيتعلمها وتعلم أخي أن أكثر أخطاء الناس تقع في تراكيب لغوية يعلمون أحكامها فهم يخطؤون فيرفعون المفعول وينصبون الفاعل وقد يجرونهما وأحكام تلك واضحة معلومة، أرجو أن أكون مقاربًا لإجابة السؤالين وإن في اختصار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد؛
فحيّاكم الله و بيّاكم أستاذنا الكريم أ. د. أبا أوس الشمسان في (الفصيح) ,وإنّ الفصيح ليشرف بأهل الفضل والعلم أمثالكم, و أشكر لكم تلبية الدعوة سائلًا الله أن ينفع طلاب العلم بوجودكم في رحاب هذا المنتدى المبارك.
و أرجو تفضّلكم بالإجابة عن السؤالين التاليين:
س1 - قيل عن جهود أستاذنا الدكتور/تمام حسان: إنها أجرأ محاولة لتجديد النحو العربي بعد سيبويه! فهل ترى أستاذي الكريم هذا الرأي؟ و ما رأيكم في (نظرية القرائن) التي تبنّاها الدكتور تمام في كتابه: اللغة العربية معناها ومبناها؟ وما موقفكم من جعله الإعراب واحدة من تلك القرائن؟
س2 - ما السبيل لمواجهة الضعف اللغوي الذي نلمسه في طلّابنا, ألم يئن لأهل اللغة أن يفكّروا في حلٍّ منهجيّ لهذه المعضلة التي تؤرق كلَّ غيور على لغته؟!
مع خالص شكري و تقديري!
ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[08 - 04 - 2008, 08:54 ص]ـ
حاول إبراهيم مصطفى إخراج العلامة الإعرابية من كونها شكلاً مترتبًا على أثر لفظي يحدثه لفظ في غيره وأراد أن يربطها بالمعنى فربط بين الضمة والإسناد فجعلها علامة للإسناد وجعل الكسرة علامة للإضافة والفتحة لما سوى ذلك، وهذا القول لا يقدم كثيرًا بل هو تعميم فهو لا يفسر الضم في المنادى مثلا وهو من جهة أخرى ليس ببعيد من قول القدماء فالمسند إليه عندهم مرفوع وعلامة رفعه الضمة وقد يكون المسند والمسند إليه مرفوعين وقد يكون المسند إليه منصوبًا كما في إنّ زيدًا منطلق، فهل ترك اسم إن إسناده لأنه بلا ضمة؟ وعلى أي حال فإن محاولته جزئية لم تنجح في تفسير متكامل أو واسع فالفتحة مثلا علامة في عدد من المنصوبات المختلفة في معناها الوظيفي، ويمكن أن نسأل عن الضمة في الفعل المضارع أعلامة إسناد؟ أليس يسند إلى الفاعل كما يسند الماضي؟ وبالجملة رأيي في محاولة مصطفى أنها محاولة غير موفقة.
بسم الله الرحمن الرحيم
¥