تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كون الكلمة وحشية تأنفها الطباع وتمجها الاسماع وتنبو عنه كما ينبو عن سماع الاصوات المنكرة " كالجرشي للنفس " في قول أبي الطيب المتنبي يمدح سيف الدولة:

مبارك الإسم أغر اللقب كريم الجرشي شريف النسب.

*فصاحة الكلام

فصاحة الكلام سلامته بعد فصاحة مفرداته مما يبهم معناه ويحول دون المراد منه – وتتحقق فصاحته بخلوه من ستة عيوب هي:

1. تنافر الكلمات مجتمعة 4. التعقيد المعنوي

2. ضعف التأليف 5. كثرة التكرار

3. التعقيد اللفظي 6. تتابع الإضافات

الأول (تنافر الكلمات مجتمعة)

أن تكون الكلمات ثقيلة من تركيبها مع بعضها على السمع. عسرة النطق بها مجتمعة على اللسان وإن كان كل جزء منه على انفراده فصيحا، والتنافر نوعان:

أ. شديد الثقل كالشطر الثاني في قوله:

وقبر حرب بمكان قفر وليس قرب قبر حرب قبر

ب. وخفيف الثقل نحو قول أبي تمام:

كريم متى أمدحه أمدحه والورى معي واذا ما لمته لمته وحدي.

الثاني (ضعف التأليف)

أن يكون الكلام جاريا على خلاف ما اشتهر من قوانين النحو المعتبرة عند جمهور العلماء – كوصل الضميرين، وتقديم غير الأعرف منهما على الأعرف مع أنه يجب الفصل في نحو هذا – كقول المتنبي:

خلت البلاد من الغزالة ليلها فأعاضهاك الله كي لا تحزنا

وكالإضمار قبل ذكر مرجعه لفظا ورتبة وحكما في غير أبوابه نحو:

ولو أن مجدا أخلد الدهر واحدا من الناس أبقى مجده الدهر مطعما

الثالث (التعقيد اللفظي)

هو كون الكلام خفي الدلالة على المعنى المراد به بحيث تكون الألفاظ غير مرتبة على وفق ترتيب المعاني، وينشأ ذلك الخفاء من تقديم أو تأخير أو فصل بأجنبي بين الكلمات التي يجب أن تتجاور ويتصل بعضها ببعض – وهو مذموم لأنه يوجب اختلال المعنى واضطرابه كقول المتنبي:

جفخت وهم لا يجفخون بهابهم شيم على الحسب الأغردلائل

أصله – جفخت (افتخرت) بهم شيم دلائل على الحسب الأغر وهم لا يجفخون بها.

الرابع (التعقيد المعنوي)

وهو كون التركيب خفي الدلالة على المعنى المراد لخلل في انتقال الذهن من المعنى الأصلي الى المعنى المقصود بسبب إيراد اللوازم البعيدة المفتقرة الى وسائط كثيرة مع عدم ظهور القرائن الدالة على المقصود " بأن يكون فهم المعنى الثاني من الأول بعيدا عن الفهم عرفا " كما في قول عباس بن الأحنف:

سأطلب بعد الدار عنكم لتقربوا وتسكب عيناي الدموع لتجمدا

جعل سكب الدموع كناية عما يلزم فر اق الأحبة من الحزن والكمد فأحسن وأصاب في ذلك، ولكنه أخطأ في جعل جمود العين كناية عما يوجبه التلاقي من الفرح والسرور بقرب أحبته، وهو خفي و بعيد إذا لم يعرف في كلام العرب عند الدعاء لشخص بالسرور أن يقال له جمدت عينك، أو لا زالت عينك جامدة. بل المعروف عندهم أن جمود العين إنما يكنى به عن عدم البكاء حالة الحزن، كما في قول الخنساء:

أعيني جودا ولا تجمدا ألا تبكيان لصخر الندى

وقول أبي عطاء يرثي ابن هبيرة:

ألا إن عينا لم تجد يوم واسط عليك بجاري دمعها لجمود

وهكذا كل الكنايات التي تستعملها العرب لأغراض التي تستعملها العرب لأغراض ويغيرها المتكلم ويريد بها أغراضا أخرى تعتبر خروجا عن سنن العرب في استعمالاتهم ويعد ذلك تعقيدا في المعنى حيث لا يكون المراد بها واضحا.

الخامس (كثرة التكرار)

كون اللفظ الواحد اسما كان أو فعلا أو حرفا، وسواء أكان الاسم ظاهرا أو ضميرا، تعدد مرة بعد أخرى بغير فائدة – كقوله:

إني وأسطار سطون سطرا لقائل يا نصر نصر نصرا

وكقول المتنبي:

أقل أنل أقطع احمل عل سل أعد زد هش بش تفضل أدن سرصل

وكقول أبي تمام في المديح:

كأنه في اجتماع الروح فيه له في كل جارحة من جسمه روح

السادس (تتابع الإضافات)

كون الاسم مضافا إضافة متداخلة غالبا، كقول ابن بابك:

حمامة جرعاحومة الجندل اسجعي فأنت بمرأى من سعاد ومسمع.

*فصاحة المتكلم

فصاحة المتكلم عبارة عن الملكة التي يقتدر بها صاحبها على التعبير عن المقصود بكلام فصيح في أي غرض كان.

فيكون قادرا بصفة الفصاحة الثابتة في نفسه على صياغة الكلام متمكنا من الترف في ضروبه، بصيرا بالخوض في جهاته ومناحيه. (السيد أحمد الهاشمي، جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع،ص6 - 27)

والفرق بين الفصاحة والبلاغة:

أن الفصاحة مقصورة على وصف الألفاظ ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير