تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإن الطريق الصحيح والمنهج السليم فيها أن يجريها الإنسان على ظاهرها اللائق بالله عز وجل فيجريها على ما يدل عليه ظاهرها لكن من غير تمثيل ولا تكييف فإذا قرأ قول الله تعالى يخاطب إبليس (ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي استكبرت أم كنت من العالين) أمن بأن لله يدين اثنتين حقيقة لا مجازاً لكن لا يجوز أن يقول كيفيتهما كذا وكذا ولا أن يقول أنهم مثل أيدي المخلوقين يعني لا يمثل ولا يكيف وكذلك إذا قرأ قول النبي صلى الله عليه وسلم (ما من قلب من قلوب بني أدم إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن) فيثبت لله عز وجل أصابع حقيقية ولكن لا يمثل ولا يكيف فلا يقول إن أصابع الله عز وجل كأصابع المخلوق ولا يكيف صفة معينة يقدرها في ذهنه لهذه الأصابع ودليل هذا أن الله سبحانه وتعالى خاطبنا في القرآن باللغة العربية فما دل عليه اللفظ بمقتضى اللغة العربية فهو ثابت لقوله تعالى (إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون) وقوله تعالى (نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين) فبين الله تعالى أنه أنزل القرآن وصيره بالغة العربية من أجل أن نعقله ونفهمه وهذه هي القاعدة في إرسال الله تعالى الرسل يرسلهم الله تعالى بلغة أقوامهم ليبينوا لهم قال الله تعالى (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم) فنجري آيات الصفات على ما تقتضيه اللغة العربية لكننا لا نمثل ولا نكيف أما عدم التمثيل فلأن الله تعالى نهانا أن نضرب له المثل فقال (فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون) وأخبرنا عز وجل أنه لا مثل له فقال تعالى (ليس كمثله شي وهو السميع البصير) وقال تعالى (رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا) وبهذه الآيات يتبين أنه لا يحل لنا أن نمثل بصفات الله عز وجل وأما امتناع التكييف بأن نقول كيفية يده كذا كيفية أصابعه كذا فلقول الله تعالى (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنك مسئولا) ولقوله تعالى (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لم تعلمون) ومن المعلوم أن الله تعالى أخبرنا عن صفاته ولم يخبرنا عن كيفيتها فإذا حاولنا أن نكيف صرنا ممن افترى على الله كذبا هذه هي القاعدة في باب أسماء الله وصفاته فلو قال لك قائل المراد باليدين النعمة أو القدرة فبكل سهولة أنت قل هذا باطل لأن هذا خلاف مدلولهما في اللغة العربية والقرآن نزل باللغة العربية ولا نقبل هذا التحريف إلا بدليل من كتاب الله أو سنة رسوله أو أقوال السلف وإذا قال لك قائل المراد باستواء الله على العرش استيلائه عليه فقل هذا باطل لأن الاستواء على الشيء لا يعني الاستيلاء عليه في اللغة العربية والقرآن نزل باللغة العربية ومعنى الاستواء على الشيء في اللغة العلو عليه علوا خاصا ليس العلو المطلق العام الشامل وإذا قال لك قائل (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) أي يبقى ثواب الله فقل هذا باطل لأن الله وصف الوجه بالجلال والإكرام فقال (ويبقى وجه ربك ذو الجلال) وذو صفة الوجه ومعلوم أن الثواب لا يوصف بأنه ذو الجلال والإكرام وسر على هذا المنهج تسلم من البدع الضالة فإن النبي صلى الله عليه وسلم حذر من البدع قال إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة والعجب إن هولاء المحرفين الذين يقولون المراد باليد النعمة أو القدرة والمراد بالوجه الثواب والمراد بالاستواء الاستيلاء يدعون أنهم فعلوا ذلك تنزيهاً لله عما لا يليق به وفي الحقيقة أنهم بفعلهم هذا وصفوا الله بما لا يليق به فقد أخبر عن شيء هو في نظرهم غير صحيح فيكون في كلام الله إما الكذب وأما التلبيس والتعمية على الخلق الله عز وجل يقول (يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم) ويقول عز وجل (يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شي عليم) فالله عز وجل قد بين لنا في القرآن كل شي ولا سيما ما يتعلق بأسمائه وصفاته فقد بينه الله تعالى بيانا كافيا شافيا لا يحتاج إلى أقيسة هؤلاء التي يدعونها عقلية وهي خيالات وهمية ثم إني أنصح من أراد طلب العلم أن يختار شيخا له موثوقا في علمه وموثوقا في دينه سليم العقيدة سليم المنهج مستقيم الاتجاه لأن التلميذ سيكون نسخة من أستاذه فإن وفق الله له أستاذا سليما مستقيما صار على نهجه وإن كانت الأخرى فسينحرف كما انحرف أستاذه فإذا قدر أنه لا يستطيع الوصول إلى مثل هذا الأستاذ الموصوف بما ذكرنا فقد اتسع الأمر ولله الحمد في الآونة الأخيرة وصارت أصوات العلماء تصل إلى أقصى الدنيا عبر الشريط فيمكنه أن يقرأ علي الأستاذ بما يسمعه من الشريط ويقيد ما يشكل عليه من الكلام ويراجع به الأستاذ المتكلم إما عن طريق الهاتف أو عن طريق الفاكس أو عن طريق المكاتبة كل شيء متيسر ولله الحمد ومعلوم أن تلقي العلم عن الشيخ أقرب إلى التحصيل وأسرع وأسلم من الزلل ولهذا نجد الذين يعتمدون على مجرد قراءة الكتب يحصل منهم الخطأ الكثير ولا يصلون إلى الغاية من العلم إلا بعد زمن طويل لكن عند الضرورة لا بأس أن تستند إلى الكتب وإلى الأشرطة وما أشبه ذلك بشرط أن تكون هذه الأشرطة والكتب عن مأمون في علمها ودينه ومنهجه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير