تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الأدب في طلب العلم لفضيلة الشيخ صلاح عبد الموجود]

ـ[أبو معاذ الأثري]ــــــــ[22 - 09 - 05, 08:09 م]ـ

الأدب في طلب العلم

لابد لطالب العلم من آداب في نفسه , تعينه على ثبات عِلْمِه ونشره.

عن المهدي أبي عبد الله قَالَ: سمعت سفيان الثوري , يقول: كان يقال: أَوْلُ العِلْمِ الصَّمت , والثاني: الاستماع له وحفظه , والثالث: العمل به , والرابع: نشره وتعليمه.

عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: كَادَ الْخَيِّرَانِ أَنْ يَهْلِكَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. لَمَّا قَدِمَ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفْدُ بَنِي تَمِيمٍ؛ أَشَارَ أَحَدُهُمَا بِالْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ التَّمِيمِيِّ الْحَنْظَلِيِّ -أَخِي بَنِي مُجَاشِعٍ -وَأَشَارَ الْآخَرُ بِغَيْرِهِ , فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ: إِنَّمَا أَرَدْتَ خِلَافِي , فَقَالَ عُمَرُ: مَا أَرَدْتُ خِلَافَكَ , فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا عِنْدَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَنَزَلَتْ {يَا أَيُّهَا الَّذين آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} إِلَى قَوْلِهِ {عَظِيمٌ} قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: فَكَانَ عُمَرُ بَعْدُ؛ إِذَا حَدَّثَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَدِيثٍ حَدَّثَهُ كَأَخِي السِّرَارِ , لَمْ يُسْمِعْهُ حَتَّى يَسْتَفْهِمَهُ.

وهذا عبد العزيز بن مروان - والد عمر بن عبد العزيز - بعث ابنه عمر إلى المدينة يتأدبُ بها , وكتب إلى صالح بن كيسان يتعاهده , وكان يلزمه الصَّلوات , فأبطأ يومًا عن الصَّلاة فقال: ما حبسك؟ قَالَ: كَانَتْ مُرَجِّلَتي تُسَكِّن شَعْرِي , فقال: بلغ من تَسْكِين شَعْرِكَ أَنْ تُؤْثِرَهُ عَلَى الصَّلاة. وكتب بذلك إلى والده فبعث عبد العزيز رسولًا إليه؛ فما كلَّمه حتى حلق شعره.

قَالَ مالك بن أنس: وحُق على من طَلَبَ العِلْمَ أن يكون له وقار وسكينة وخشية , والعِلْم حسن لمن رُزِق خيره , وهو قَسْمٌ من الله , فلا تمكن النَّاس من نفسك , فإن من سعادة المرءِ أن يُوفق للخيرِ , وإن من شِقْوَةِ المرء أن لا يزال يخطئ , وذُلٌ وإِهَانَةٌ للعِلْمِ أن يتكلم الرجلُ بالعلمِ عند من لا يطيعه.

قَالَ القعنبي: سمعت مالك بن أنس يقول: كان الرَّجل يختلف إلى الرَّجُلِ ثلاثين سنة يتعلم منه.

قَالَ ابْنُ الْمُبَارَك: لَو لَمْ يُؤْتَ مَخْلَد بن حُسين إلا ليعلم منه الأدب , كان يَنْبَغِي أَنْ يُؤتى.

قَالَ زكريا العنبري: عِلْمُ بِلَا أَدَبٌ كَنَارِ بِلا حَطَب , وَأَدَبٌ بِلَا عِلْم كَرُوحٍ بِلَا جِسْم.

قَالَ الحسن: إن كان الرَّجُل ليخرج في أَدَبِ نَفْسِهِ السَّنَتَيْن ثُمَّ السَّنَتَيْن.

قَالَ عبد الله بن المبارك: طَلَبْنا الأدبَ حين فاتنا المؤدِّبون.

وعن عبد الرحمن بن مهدي قَالَ: رأيت رجلًا جاء إلى مالك بن أنس يسأله عن شيءٍ أيامًا؛ ما يجيبه! فقال: يا أبا عبد الله إني أريد الخروج , قَالَ: فَأَطْرَقَ طَويلًا ثم رفع رأسه وقال: ما شاء الله يا هذا! إِنِّي إِنَّمَا أَتَكَلَّم فِيمَا أَحْتَسِب فِيه الخير , وليس أُحْسِنُ مَسْأَلَتَك هَذِه.

وعن ابن مهدي قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ مَالِكًا عَنْ مَسْألَةٍ , فقال: لا أُحْسِنها , فقال الرجل: إني ضَرَبتُ إِلَيك من كَذا وكذا لأسألك عنها , فقال له مالك: فَإِذَا رجعت إلى مَكَانك , وموضعك فأخبرهم أني قد قلت لك: إني لا أُحْسِنها.

فقد كان من هدي السَّلف رضي الله عنهم التَّرَوِّي في طلب العلم ولا ينشرونه إلا بقدر حاجةِ النَّاس إليه ليظلَّ عَزِيزًا عند أهله.

قَالَ سُفْيان الثَّوري: مَنْ حدّث قبل أن يحتاج إليه ذَلَّ.

وَقَالَ أيضًا: إذا ترأس الرَّجُل سَرِيعًا أَضَرَّ بِكَثيرٍ من العلم , وإذا طَلَب وطَلَب بلغ.

وعن عبد الرحمن بن مهدي قَالَ: كان يقال: إذا لقي الرَّجُلُ الرَّجُلَ فوقه في العلم , فهو يوم غنيمته , وإذا لقي من هو مثله دارسه وتعلم منه , وإذا لقي من هو دُونه تواضع له وعلَّمه.

وَقَالَ سُفْيان الثَّوري: لا نَزَالُ نَتَعَلَّمَ العِلْمَ مَا وَجَدْنَا مَنْ يُعَلِّمنا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير