تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حفظُ ((زاد المستقنع)) بين الفقهاء والمحدثين

ـ[أبو محمد القحطاني]ــــــــ[27 - 08 - 05, 01:22 ص]ـ

الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين , نبينا محمد وعلى آله وصحبه , أما بعد:

فلا يخفى لدى الجميع أن حفظ المتون العلمية من أهم وأنفع الوسائل لتحصيل العلم الشرعي , ولا يمكن لأحد أن يكون طالباً للعلم إلا بالحفظ مع الفهم , لذلك أهتم أهل العلم بحفظ المتون العلمية - بعد الكتاب والسنة - وعُنوا بها أشد العناية , وتتابع الناس منذ القدم على هذا , فلا زال المؤرخون يقولون في التراجم: حفظ مختصر خليل والألفية والبلوغ ... إلخ.

فجعل أهل العلم لكل فن متناً يحفظ , ولما كان الفقه هو الذي عليه مدار العلوم - كما قال ابن الجوزي - فمن الطبيعي أن يُهتم به بوضع متن خاص , فترى مثلاً حنابلة نجد عُنوا بزاد المستقنع , وحنابلة الشام بدليل الطالب , والمالكية بمختصر خليل , وهكذا.

إذا علمت هذا فاعلم أن أنظار أهل العلم تختلف في حفظ مثل هذه المتون الفقهية , وعند التتبع القاصر وجدتُ الخلاف - وهو خلافٌ لطيف - يكاد يكون منحصراً بين أهل الحديث و أهل الفقه.

ولّعلي أسوق لك الآن الخلاف بين الفريقين مع الأدلة , ليحكم المنصف , فأقول (1):

القول الأول (الفقهاء): أنه ينبغي لطالب العلم أن يحفظ متناً في الفقه كالزاد , وأن يصرف شيئاً من وقته لذلك , وأنه لن يرتقي في درجات الفقه إلا بحفظ متن فقهي , وإلا فسيكون طلبه لعلم الفقه كالفوضى.

الأدلة: [/ B]

1- أنها هي الجادة المطروقة عند أهل العلم منذ زمن , وعليها نشأ العلماء , وربما استأنسوا بأثر ابن مسعود رضي الله عنه: ((اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم))! أخرجه الدارمي.

(فائدة): حفظ الشيخ الفقيه ابن عثيمين زادَ المستقنع والألفية وعمره 15 سنة!.

2 - الفوضى وتشتيت الذهن المترتبان على ترك الحفظ , ويظل الطالب يتخبط من مذهب إلى مذهب.

3 - قال الراجز:

حفظ زاد وبلوغ ** كافيان للنبوغ

قالوا: وهو الواقع.

القول الثاني: (أهل الحديث):لا ينبغي لطالب العلم حفظها

الأدلة:

1 - أن حفظ متن فقهي كالزاد مثلاً , نوعٌ من التقليد , والتقليد مذموم لطالب العلم.

2 - أنه لا ينبغي لطالب العلم أن يحفظ كلام البشر , ويدع كلام سيد البشر الذي هو نورٌ على نور , فلماذا لا ينشغل بحفظ الأحاديث؟.

3 - الجفاف الموجود في المتون الفقهية من الوحيين , فلا تجد فيها إلا يجب و يحرم ويكره ويستحب ويباح! , قال الشيخ الوادعي: ((فإذا كنا نقول: إن ((متن الأزهار)) و ((زاد المستقنع)) و ((متن أبي شجاع)) لا يستفيد منها طالب العلم لأنها مثل الأوامر العسكرية بدون أدلة فما ظنك بالدستور!)) أهـ من الباعث على شرح الحوادث (ص 16).

4 - صعوبة المتن المنثور , وسرعة نسيانه , وهذا بالتجرية.

(فائدة): سأل الشيخ ُ أبو إسحاق الحويني الشيخَ الألباني عن أقرب المذاهب للسنة؟

فقال: مذهب الإمام الشافعي والإمام أحمد. أهـ بمعناه من (سلسة الهدى والنور).

] (المناقشة)

مناقشة الفقهاء لأدلة المحدثين , وهي كالتالي:

أما عن (2) الدليل رقم:

1 - : لا يلزم من ذلك , بل المقصود من الحفظ هو التدرج وضبط الذهن عن التشتت ليس إلا.

2 - نحن لا نقول أنه يدع السنة ويحفظ الزاد , ولكن الموفق الذي يجمع بين الإثنين.

3 - السبب في هذا الجفاف هو طلب الإختصار , والأدلة مبسوطة في مواضع أخرى , لذلك قال ابن باز في رسالته (الفوائد الجلية في المباحث الفرضية) ص 6: ((وقد جرّدتها من الدليل والتعليل في غالب المواضع , طلباً للاختصار , وتسهيلاً على من يريد حفظها)) أهـ

(فائدة): سمعت المفتي في إذعاة القرآن الكريم يثنى على هذه الرسالة , وذكر أنه حفظها وقرأها على الشيخ ابن باز - رحمه الله -.

4 - قضية النسيان نسبية , فالقرآن إذا لم تكرره نسيته , لكن التجربة أتثبتت أن التكرار يُثّبت الحفظ , فمن أراد حفظ الزاد فلا بد من تكراره.

وقد أجاب المحدثون عن أدلة الفقهاء فقالوا:

أما عند الدليل رقم:

1 - ماذا عن الأئمة الذين لم يحفظوا متناً فقهياً؟ أليسوا فقهاء؟ وسرد الأمثلة من التاريخ يطول.

2 - كالأول.

3 - أما البلوغ: فنعم , وأما الزاد: فلا لما تقدم من الأدلة , وقد نبغ أعلام لم يحفظوا الزاد ولا غيره.

قلتُ: والصواب في المسألة الجمع بين القولين , وهو أن نقول: من كانت لديه ملكة قوية في الحفظ فإنه يحفظ متناً فقهياً ويمزج معه الأدلة من الكتاب والسنة , و إن لم يستطع فعليه بالفهم فإنه يكفيه إن شاء الله وإلى هذا يميل الشيخ عبد الكريم الخضير.

وأخيراً: فهذه خواطر نثرتها لكم , وباب النقد مفتوح للجميع , فلا تحرمونا من آرائكم , وبالله التوفيق.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


(1) مرجع هذه الأدلة والمناقشة هي من خلال عدة أشرطة وكتب ومشافهة للمشايخ , تكلمت عن منهجية الطلب , والأدلة والمناقشة هي بلسان الحال وليس بلسان المقال , أعني بالمعنى , فتنبه.

(2): فائدة لغوية: متى تقول (الجواب عن هذا) ومتى تقول (الجواب على هذا)؟؟

إذا كان الجواب دفعاً لإيراد فإنك تقول (عن هذا) , وإذا كان إعلاماً عن مجهول فإنك تقول (على هذا). أفاده ابن عثيمين في شرحه على عمدة الأحكام.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير