تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

في عصر العجائب الكثيرة التي نعيشها اليوم. هو «غرائب وعجائب الجان كما

يصورها القرآن والسنة»، تحقيق وتعليق إبراهيم الجمل، (مكتب الخدمات

الحديثة بجدة، عام 1982م)، وكأن القرآن الكريم أنزله الله تعالى ليكون كتاب

عجائب وغرائب، وكذلك وردت السنة النبوية!

والذي يتبادر للذهن أنه كتاب غير الكتاب الأول بكل تأكيد، للمفارقة التامة

بين العنوانين، فالأول أحكام، والثاني عجائب .. وهذا يدفع لاقتناء الكتاب،

وخاصة لمن يتابع القراءة في مثل هذه الموضوعات أو يبحث فيها. ثم يفاجأ بأن

الكتاب نفسه عنده بعنوان آخر.

ولن تحتاج إلى جهد كبير لتقف على معرفة الجاني الذي عدا على الكتاب

بالمسخ وتغيير هويته، فستطالعك مقدمة محقق الكتاب بكل صراحة ووضوح:

« .. فغيَّرنا اسمه إلى: عجائب وغرائب .. ليلائم روح العصر». (أقول: لا عجب أليس الإسلام ملائماً وصالحاً لكل عصر؟) وهذا التعليل أَعْجَبَ ناشر الكتاب

فقال مادحاً المحقق، مزكياً عمله: «وقد أحسن المحقق (!) إذ عدَّل في عنوان

الكتاب فجعله: غرائب وعجائب الجان .. حتى يعكس العنوان حقيقة المصدر الذي

اعتمد عليه المؤلف، فيطمئن القارئ إلى أنه سيقرأ كتاباً مستمداً من نور القرآن

الكريم والسنة المطهرة، خالياً من الشعوذة والخرافات التي عمّ انتشارها عن الجن

وأحوالها وعلاقتها بالناس»!!

ولست أدري - ولا أخال عاقلاً يدري - كيف يطمئن القارئ إلى ما يقرأ،

وكيف يثق بالنص أمامه وهو يجد الإقرار على التحريف والتزوير الذي سماه

المحقق «تغييراً»، وسماه الناشر «تعديلاً»، كيف يطمئن لصحة النص وهو

يجد ذلك منذ وقعت عينه على غلاف الكتاب ثم على الورقة الداخلية، ويجد الإقرار

ممهوراً بتوقيع الجاني وشهادة الناشر!

فهل يظن حضرة المحقق أو الناشر أن هذا التراث نهب لكل من أراد، أو أنه

مزرعة آلت إليه ملكيتها بالإرث من أحد آبائه، وهو الوارث الوحيد، فله الحق أن

يفعل فيها ما يشاء دون رقيب أو حسيب؟ فماذا لو كان هناك وارث آخر وبدا له أن

يغير العنوان مرة ثانية (لأنه شريك في التركة) بعد سنوات ليكون ملائماً «لروح

العصر» أيضاً؟

ثم ما هذا التدليس والتغرير بالقراء بهذه العبارة: «كما يصورها القرآن

والسنة»، أهي متاجرة بالدعوة للعودة إلى المصادر الأولى: الكتاب والسنة، بين

جيل الصحوة الذي يجد في هذه الدعوة تحقيقاً لأمله؟

أما اطمئنان القارئ إلى أنه سيقرأ كتاباً معتمداً على الكتاب والسنة، فيكفيه أن

يكون الكتاب عنوانه «أحكام الجان» فإن الأحكام في الإسلام مستمدة من الكتاب

والسنة والمصادر التبعية الأخرى، بينما العجائب والغرائب التي حشرها المحقق

ليست كذلك. فما كان جديراً بالمحقق ولا الناشر أن يتاجرا بهذا الكلام ويطمسا

الحقيقة. وأي شعوذة أو خرافة أكثر من هذا العمل في علاقتها بهذا الكتاب!

* وليس هذا الكتاب الوحيد الذي يتلاعب «الأستاذ الجمل» به، فيبدو أنه

استمرأ العملية هذه واستملحها، وساعده على ذلك ناشرون آخرون، فإن ابن غانم

المقدسي له كتاب اسمه: «مجموع منتخب في مصايد الشيطان، وذم الهوى»

فسطا عليه المحقق وعبث فيه، فجعل عنوانه: «مصائد الشيطان وذم الهوى،

مختصر إغاثة اللهفان لابن القيم» لابن غانم المقدسي (مكتبة القرآن، القاهرة،

1982 م).

وبالتأكيد لم يكن هذا سهواً أو جهلاً بحقيقة اسم الكتاب، بل كان عن عمد

وقصد، والشهادة على هذا بالزنكوغراف في الكتاب وفي صورة الصفحة الأولى

من المخطوط، والعنوان واضح فيها وضوح الشمس في رابعة النهار!

* للحارث بن أسد المحاسبي كتاب اسمه «العقل، وفهم القرآن» وقد نشره في بيروت الدكتور حسين القوتلي، (دار الكندي 1402 هـ) ولكن محقَّقاً آخر هو- الأستاذ أحمد عطا، نشر الكتاب ثانية في القاهرة بعنوان:

«المسائل في أعمال القلوب والجوارح والعقل» تضمن كثيرً من السهو والخطأ

والاجتهادات الشخصية في تغيير النص .. ويستطيع القارئ اكتشاف ذلك كله بالمقارنة بين النشرتين للكتاب. (مقدمة القوتلي ص 7).

* ثم ظهر كتاب آخر للإمام الآجري - رحمه الله - بعنوان: «أخلاق أهل

القرآن» محققاً في بيروت بإشراف المكتب السلفي لتحقيق التراث (!) وعنوانه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير