32 - وما يدل على حسن الخلق.
33 - وفيه دليل على أنه يجوز أن يختلف حال المؤمن في المنزل من حاله إذا برز، فيكون في المنزل أكثر مزاحاً، وإذا خرج أكثر سكينة ووقاراً _ إلا من طريق الرياء _ كما روي في بعض الأخبار: كان زيد بن ثابت من أفْكَهِ الناس إذا خلا بأهله، وأزمتهم عند الناس (1).
34 - وإذا كان ذلك كما وصفنا ففيه دليل على أن ما روي في صفة المنافق أنه يخالف سره علانيته ليس على العموم وإنما هو على معنى الرياء والنفاق، كما قال جل ثناؤه: {وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون) [البقرة: 14] (1)
35 - وفي قوله: (فرآه حزيناً): ما يدل على إثبات التفرس في الوجوه. وقد احتج بهذا المعنى بعض أهل الفراسة بما يطول ذكره وأكره الإكثار إذ الغرض غيرهما (2).
36 - وفيه دليل على الاستدلال بالعبرة (3) لأهلها إذ استدل صلى الله عليه وسلم بالحزن الظاهر في وجهه على الحزن الكامن في قلبه حتى حداه على سؤال حاله.
37 - وفي قوله: " ما بال أبي عمير؟ " دليل على أن من السنة إذا رأيت أخاك أن تسأل عن حاله.
38 - وفيه دليل _ كما قال بعض أهل ا لعلم _ على حسن الأدب بالسنة في تفريق اللفظ بين سؤالين: فإذا سألت أخاك عن حاله قلت: مالك؟ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي قتادة " مالك يا أبا قتادة " (1) وإذا سألت غيره عن حاله قلت: ما بال أبي فلان؟ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: " ما بال أبي عمير".
39 - وفي سؤاله صلى الله عليه وسلم من سأل _ عن حال أبي عمير _ دليل على إثبات خبر الواحد.
40 - وفيه دليل على أنه يجوز أن يكنى من لم يولد له، وقد كان عمر بن الخطاب يكره ذلك حتى أخبر به عن النبي صلى الله عليه وسلم (2).
41 - وفي قوله: (مات نُغيره الذي كان يلعب به): تركه النكير بعد ما سمع ذلك صلى الله عليه وسلم دليل على الرخصة في اللعب للصبيان.
42 - وفيه دليل على الرخصة للوالدين في تخلية الصبي وما يروم من اللعب إذا بم يكن من دواعي الفجور. وقد كان بعض الصالحين يكره لوالديه أن يخلياه.
43 - وفيه دليل على أن إنفاق المال في ملاعب الصبيان ليس من أكل المال الباطل ... إذا لم يكن من الملاهي المنهية.
44 - وفيه دليل على إمساك الطير في القفص.
ـ[ابوعبدالله العمير]ــــــــ[11 - 06 - 04, 01:28 ص]ـ
45 - وقص جناح الطير لمنعه من الطيران، وذلك أنه لا يخلو من أن يكون النغيرة التي كان يلعب بها في قفص، أو نحوه؛ من شد رجلٍ أو غيره أو أن تكون مقصوصة الجناح. فأيهما كان المنصوص فالباقي قياس عليه، لأنه في معناه، وقد كان بعض الصحابة يكره قص جناح الطائر، وحبسه في القفص (1).
46 - وفيه دليل على أن رجلاً لو اصطاد صيداً خارج الحرم ثم أدخل الحرم لم يكن عليه إرساله (1) .. وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم حرم الاصطياد بين لابتي المدينة وأجاز لأبي عمير إمساكه فيها. وكان ابن الزبير يفتي بإمساك ذلك .. ومن حجته فيه: أن من اصطاد صيداً ثم أحرم وهو في يده .. فعليه إرساله، فكذلك إذا اصطاد في الحل ثم أدخله الحرم.وفرق الشافعي بين المسألتين كما وصفنا، فقال: من اصطاد ثم أحرم والصيد في ملكه فعليه إرساله، ومن اصطاده ثم أدخله الحرم فلا إرسال عليه.
47 - وفي قوله: " ما فعل النغير؟ " دليل على جواز تصغير الأسماء كما صغر النغيرة وكذلك المعنى في قوله: كان ابنٌ لأبي طلحة يكنى أبا عمير.
48 - وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مازحه [بذلك يبكي] (1) أبو عمير، ففي ذلك دليل أن قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: " إذا بكى اليتيم اهتز العرش" (2) ليس على العموم في جميع بكائه. وذلك أن بكاء الصبي على ضربين: أحدهما: بكاء الدلال عند المزاح والملاطفة.والآخر: بكاء الحزن أو الخوف عند الظلم أو المنع عما به إليه الحاجة. فإذا مازحت يتيماً أو لاطفته فبكى فليس في ذلك _ إن شاء الله تعالى _ اهتزاز عرش الرحمن.
¥