تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

49 - وقد زعم بعض الناس أن الحكيم لا يواجه بالخطاب غير العاقل. وقال بعض أصحابنا: ليس كذلك؛ بل صفة الحكيم في خطابه أن لا يضع الخطاب في غير موضعه (1) وكان في هذا الحديث كذلك دليل؛ ألا ترى أنه صلى الله عليه وسلم واجه الصغير بالخطاب عند المزاح فقال: " يا أبا عمير، ما فعل النغير "، ولم يواجهه بالسؤال عند العلم والإثبات، بل خاطب غيره، فقال: " ما بال أبي عمير؟ ".

50 - وفيه دليل على أن للعاقل أن يعاشر الناس على قدر عقولهم ولا يحمل الناس كلهم على عقله.

51 - وفي نومه صلى الله عليه وسلم عندهم دليل على أن عماد القسم بالليل، وأن لاحرج على الرجل في أن يقيل بالنهار عند امرأة في غير يومها.

52 - وفيه دليل على سنة القيلولة (2).

53 - وفيه دليل على خلاف ما زعم بعضهم في أدب الحكام أن نوم الحكام والأمراء في منزل الرعية _ ونحو ذلك من الأفعال _ دناءة تسقط مروءة الحاكم.

54 - وفي نومه على فراشها دليل على خلاف قول من كره أن يجلس الرجل في مجلس امرأة ليست له بمحرم أو يلبس ثوبها وإن كان على تقطيع الرجال.

55 - وفيه أنه يجوز أن يدخل المرء على امرأة في منزلها وزوجها غائب وإن لم تكن ذات محرم له (1).

56 - وفي نضح البساط له ونومه على فراشها دليل على إكرام الزائر.

57 - وفيه أن التنعم الخفيف غير مخالف للسنة. وأن قوله: " كيف أنعم وصاحب الصّورِ قد التقم الصّور " (2): ليس على العموم إلا فيما عدا التنعم القليل.

58 - وفيه دليل على أنه ليس بفرض على المزور أن يشيع الزائر إلى باب الدار – كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتشييع الضيف إلى باب الدار (3) – إذ لم يذكر في هذا الحديث تشييعهم له إلى الباب.

59 - وقد اختلف أهل العلم في تفسير ما ذكر من صفة النبي صلى الله عليه وسلم في حديث هند بن أبي هالة (1): " كانوا إذا دخلوا عليه لا يفترقون إلا عن ذواق (2) " قال بعضهم: أراد به الطعام.

وقال بعضهم: أراد به ذواق العلم.

ففي تفسير هذا الحديث الدليل على تأويل من تأوله على ذواق العلم، إذ قد أذاقهم العلم ولم يذكر فيه ذواق الطعام.

60 - وكان من صفته صلى الله عليه وسلم أنه كان يواسي بين جلسائه (3) حتى يأخذ منه كل بحظ. وكذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في دخوله على أم سليم: صافح أنساً، ومازح أبا عمير الصغير، ونام على فراش أم سليم، حتى نال الجميع من بركته صلى الله عليه وسلم (1).

ـ[ابوعبدالله العمير]ــــــــ[11 - 06 - 04, 01:29 ص]ـ

61 - وإذ كان طلب العلم فريضة على كل مسلم، فأقل ما في تحفظ طرقه أن يكون نافلة.

وفيه أن قوماً أنكروا خبر الواحد، ثم افترقوا فيه واختلفوا:

فقال بعضهم بجواز خبر الاثنين قياساً على الشاهدين.

وقال بعضهم بجواز خبر الثلاثة، ونزع بقول الله جل ذكره: {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين} [سورة التوبة: 122].

وقال بعضهم بجواز خبر الأربعة قياساً على أعلى الشهادات وأكبرها.

وقال بعضهم بالشائع والمستفيض. فكان في تحفظ طرق الأخبار ما يخرج به الخبر عن حد الواحد إلى حد الاثنين وخبر الثلاثة والأربعة، ولعله يدخل في خبر الشائع المستفيض.

62 - وفيه أن الخبر إذا كانت له طرق ... وطعن الطاعن على بعضها احتج الراوي بطريق آخر ولم يلزمه انقطاع؛ ما وجد إلى طريق آخر سبيلاً.

63 - وفيه أن أهل الحديث لا يستغنون عن معرفة النقلة والرواة ومقدارهم في كثرة العلم والرواية، ففي تحفظ طرق الأخبار ومعرفة من رواها وكم روى كل راوٍ منهم ما يعلم به مقادير الرواة ومراتبهم في كثرة الرواية.

64 - وفيه أنه إذا استقصوا في معرفة طرق الخبر عرفوا به غلط الغالط إذا غلط، وميزوا به كذب المدلس?، وتدليس المدلس.

65 - وإذا لم يستقص المرء في طرقه واقتصر على طريق واحد كان أقل ما يلزمه إذا دلس عليه في الرواية أن يقول: لعله قد روي ولم أستقص فيه، فرجع باللائمة والتقصير على نفسه والانقطاع، وقد حل لخصمه.

فذلك كله ستون وجهاً من فنون الفقه والسنة والفوائد والحكمة.

66 - ثم نزيد على الستين:

أن مثل هذا الحديث فيه تثبيت الامتحان والتمييز بيننا وبين أمثالهم؛ إذ لم يهتدوا إلى شيءٍ من تخريج فقهه، ويستخرج أحدنا منه – بعون الله وتوفيقه – كل هذه الوجوه!!!

وفي ذلك وجهان:

أحدهما: اجتهاد المستخرج في استنباطه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير