ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[16 - 11 - 04, 03:17 ص]ـ
الشَّكْوى الْمُرَّة
حين يُصبح البحث العلمي في يد الصبيان
البحث الِعِلْمي من أعمال ((الأبطال))، تنفر منه النُّفُوس ((البطَّالة))، ويضيق به كلُّ شكس، شموس، لصب، تئق، خشن المراس، صعب العريكة، نزق، رهق، زهق، زهف، خفيف، حاد البادرة، نزق القطاة، خفيف الحصاة، طيرورة، أطيش من فراشة.
ومثل هذا إذا وقفَ على خطإٍ لأحدٍ: رأيناه متهلل الغرة لرؤية أخطاء الناس، وضاح المحيا لمعرفته الصواب، بادي البشر، باسم الثغر، أنيس الطلعة، مشرق الديباجة، هش، بش، لاغر بسام.
فإِذا قيل له يومًا: أخطأتَ يا هذا، فاتَّقِ الله: رأيتَ رجلاً آخر؛ كالحًا، باسرا، كاسفا، ساهما مقطبا، مكفهرا، كريه الوجه، جهم المحيا.
فإِذا تماديتَ في نصيحتِه: انقبض، واشمأز، وتكره، وقطب وجهه، وما بين عينيه، وزواه، وقبضه، وتربد وجهه، واستسر بشره، وغاضت بشاشته، وتهزع، وتعبس، وتكشر، وكرش من وجهه، وغضن من جبهته، وصك وجهك بجبهته، وطوى بساط أنسه، فلم يبد لك واضحة، ولم يوضح بضاحكة، ولم يعرك ابتسامة.
فإِذا بَشَّرْتَهُ بثواب النصيحة والاستجابة لها: لم يحرك منه هزة، ولا هز له عطفا، ولا بسط له غضنا، ولم يزده إلا عبوسًا، وقطوبا، وكلوحا، وبسرا، وكسفا، وسهوما، وشتامة، وكراهة، وجهومة، وانقباضا، واشمئزازا، واكفهرارا، وابتسارا، وتهزعا، وتكشرا، حتى صار وجهه شنة، فعجبت مِمَّنْ لم يستهشه النعيم، فقبَّح الله كلحته.
فمثل هذا لا فرق بينه وبين بليد، فدم، غبي، أبله، غافل، ومغفل، ضعيف الإدراك، مظلم الحس، زمن الفطنة، مصمت القلب، أغلفه، عمه الفؤاد، سيء السمع، سيء الجابة، لا يتنبه للحن، ولا يفطن لمغزى، ولا يأبه لمعاريض الكلام، ولا يكاد يذهن شيئا، أو يعي قولا، ولا يستضيء بنور بصيرة، ولا يقدح بزناد فهم، وإنه لتستعجم عليه المدارك الظاهرة، وتستسر عليه الأشباح الماثلة، ويسافر في طلب المعنى أميالا وهو لا يفوت أطراف بنانه، وينضي اليه رواحل ذهنه وهو على حبل ذراعه. ومن كناياتهم عن مثله: هو عريض القفا، وعريض الوساد.
فازجر عنك غراب الجهل، وازجر أحناء طيرك أيها الصبي، وتحلم، وترزن، وتوقر.
واحذر من الأخذ عن: أحمق، أخرق، أنوك، رقيع، سقيط، فسل، مائق، أحمق من هبنقة، سرف العقل، وسرف الفؤاد (فاسده)، ورجل مأفون، وفي المثل: الرقين تغطى أفن الأفين، ويقال: البطنة تأفن الفطنة.
مقتبسات من ((نجعة الرائد وشرعة الوارد في المترادف و المتوارد تأليف إبراهيم اليازجي اللبناني)) بتصرُّفٍ.
أقول: وهكذا يمكن لجميع الصبيان ((رص الألفاظ)) دون نصبٍ وعناء، وخطر هذه الإمكانية يقع على القارئ الطيب الذي ينخدع بمثل هؤلاء الصِّبْية، ولذا برعَ أهلُ العلم من أسلافنا العظام في وضع ضوابط الأمر وحَدِّ حدوده فقالوا: لا يُؤْخَذ العلم إلا عن المعروفين بالطَّلَب.
وجَهَّل علماؤنا كلَّ باردٍ حاقدٍ ماردٍ يطعن أو يحوِّر تحت أي اسمٍ كان، سواء أكان اسمه الذي سَمَّتْه به أُمُّه، أو اسمًا مستعارًا استجلب به لنفسه ما استجلبه، فَردّوه باسمه ورسمِه.
ونحن نقطع بصفة المنافق التي ذكرها الله عز وجل في كتابه: ((ولتَعْرِفَنَّهم في لَحْنِ القولِ)) فاحذر كلّ لحنٍ ولاحنه.
وبهذا القدر الكفاية. والحمد لله ربِّ العالمين.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[16 - 11 - 04, 03:20 ص]ـ
النقد بالأثر الرَّجْعِيِّ
((الأَثَر الرَّجْعِيُّ)): مصطلحٌ قانونيٌّ شهيرٌ، يعرفه رجال القانون في كليَّات الحقوق، كما يعرفه السَّاسَةُ في الكلام على ((بنود اتفاقيَّاتهم))، وحاصلُ معنى هذا المصطلح: شمول ما يُسْتَجَدّ من قوانين واتفاقيَّات لما كان قبل وجود هذه القوانين والاتفاقات.
ويَحْسُن التمثيل لهذا بقانون: ((التعديل الوظيفي))، حيثُ يُتيح للموظف أن يُعدّل من رُتْبَتِه ودرجته الوظيفية عندما يحصل على درجة عِلْميَّة تستحق هذا التعديل.
وقد اختَلَف الناسُ في هذا القانون: هل يسري من تاريخ إصداره؟ أم هو شاملٌ لكل ما يدخل تحته من الحالات المثْلِيَّة قبل وبعد إصداره.
فهذا معنى مصطلح ((الأَثَر الرَّجْعِيِّ)) لدى القانونيين والسَّاسَةِ.
¥