لو عقلنا ما ضحكنا لحظةً ... غيرَ أنا فُقِدَتْ منا العقولُ
·قال أسعد بن يحيى السنجاري:
لله أيامي على رامةٍ ... وطيبِ أوقاتي على حاجرِ
تكاد لسرعةِ في مَرها ... أولُها يَعْثَرُ بالآخرِ
·كان قاضي القضاة يوسف بن رافع يَتمثل:
مَنْ يتمن العمر فَلْيدرع ... صبراً على فَقْدِ أحبابِهِ
ومَنْ يُعمرْ يَلْقَ في نفسِه ... ما قد تمناه لأعدائهِ
·وفي سنة أربع وخمسين: كان ظهور الآية الكبرى وهي النار بظاهر المدينة النبوية، ودامت أياماً تأكل الحجارة، واستغاث أهل المدينة إلى الله وتابوا، وبكوا، ورأى أهل مكة ضوءها من مكة، وأضاءت لها أعناق الإبل ببصرى، كما وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه. وكسف فيها الشمس والقمر، وكان فيها الغرق العظيم ببغداد، وهلك خلق من أهلها، وتهدمت البيوت، وطفح الماء على السُور.
إذا تم أمر بدا نقصه ... توقع زوالاً إذا قيل تم
·ومن شعر ابن حزم:
هَلِ الدهرُ إلا ما عرفنا وأدركنا ... فَجائِعُه تَبْقى ولذاته تفنى
إذا أمكنتْ فيه مَسَرة ساعة ... تَولت كَمَر الطرْفِ واستهلت حزنا
إلى تبعاتِ في المعادِ وموقفٍ ... نَوَدٌ لديه أننا لم نَكُنْ كنا
حنينٌ لما وَلى وشُغْلٌ بما أتى ... وهم لما نَخْشى فَعَيْشُك لا يَهْنا
حصلنا على هَم وإثْمٍ وحَسْرةٍ ... وفاتَ الذي كنا نَنَلذُ به عنا
كان الذي كنا نُسَرُ بكونه ... إذا حققته النفسُ لفظ بلا معنى
·ومن شعر علي بن الحسين الربعي:
إنْ كنتَ نِلْتَ من الحياة وطيبِها ... نم حُسْنِ وجهِك عِفةً وشبابا
فاحذرْ لنفسك أنْ ترى متمنيا ... يوم القيامة أن تكون تُرابا
·ومن شعره أيضاً:
تَنَكَر لي دهري ولم يَدْرِ أنني ... أعز وأحداثُ الزمان تهونُ
فباتَ يثرِيني الخَطْبَ كيف اعتداؤُه ... وبِتُ أُريه الصبرَ كيف يكونُ
·وقال الحافظ ابن عساكر في (تاريخه): سمع ابن ابي كدية يوماً قائلاً ينشد قول أبي العلاء المعري:
ضحكنا وكان الضحكُ منا سفاهةً ... وحُق لسكان البسيطة أن يَبْكو
تُحطمُنا الأيامُ حتى كأننا ... زجاجٌ ولكنْ لا يُعادُ لنا سَبْكُ
·فقال ابنُ أبي كُدية يجيبه:
كَذَبتَ وبيتِ الله حِلْفَةُ صادقٍ ... سيَسْكبُها بعد النوى مَنْ له المُلْكُ
وتَرجعُ أجساماً صحاحاً سليمة ... تَعَارَفُ في الفردوسِ ما عندنا شَكٌ
·اجتاز أبو بكر الشلبي على بقال ينادي على البقل: يا صائم من كل الألوان. فلم يزل يكررها ويبكي، ثم أنشأ يقول:
خليلي إنْ دام همُ النفوسِ ... على ما أراه سريعاً قَتَلْ
فيا ساقي القوم لا تَنْسَني ... ويا ربة الخِدرِ غَني رَمَلْ
لقد كان شيءٌ يُسَمى السرورُ ... قديماً سمعنا به ما فعلْ
·ومن شعر الميداني قوله:
تَنفَس صُبحُ الشيبِ في لَيْل عارضي ... فَقُلْت عساه يكتفي بعَذاري
فلما فشا عاتبتُه فأجابني ... ألا هل يُرى صبحٌ بغير نهار
·ومن شعر الحلواني الشافعي:
حالي مع الدهرِ في تقلٌبهِ ... كطائرٍ ضم رجلَه شَرَكُ
هِمته في فكاك مُهْجَتِه ... يَرُوم تخليصَها فتشتبكُ
·من شعر الخليفة الراشد بالله العباسي ك
زمانٌ قد استتْ فِصالُ صروفِه ... وذلل آسادَ الكرامِ لذي القَرْعى
أكولتُه تَشْكو صروفَ زمانِه ... وليسَ لها مَأوى وليسَ لها مَرْعى
فيا قلبُ لا تَأسَفْ عليه فربما ... تَرى القوم في أكنافِ أفنائه صَرْعى
·ومن شعر ابن عساكر:
أيا نفسُ ويْحَك جاءَ المشيبْ ... فماذا التصابي وماذا الغزلْ
تَوَلى شبابي كأنْ لم يكنْ ... وجاء مشيبي كأنْ لم يَزلْ
كأني بنفسي على غُرةٍ ... وخَطْبِ المنون بها قد نزلْ
فيا ليتَ شعري ممنْ أكونَ ... وما قَدَر الله لي في الأزَلْ
·قال ابن الجوزي: وكان الوزير ابن هبيرة مبالغاً في تحثيل التعظيم للدولة، قامعاً للمخالفين بأنواع الحيل، حسم أمور السلاطين السلجوقية، وقد كان آذاه شحنة في صباه، فلما وزر، استحضره وأكرمه، وكان يتحدث بنعم الله، ويذكر في منصبه شدة فقره القديم، وقال: نزلت يوماً إلى دجلة وليس معي رغيف أعبر به. وكان يكثر مجالسة العلماء والفقراء، ويبذل لهم الأموال، فكانت السنة تدور وعليه ديون، وقال: ما وجبت على زكاة قط. وان إذا استفاد شيئاً من العلم، قال: أفادنيه فلان. وقد أفدته معنى حديث، فكان يقول: أفادنيه ابن الجوزي، فكنت أستحيي، وجعل لي مجلساً في داره كل جمعة، ويأذن للعامة في الحضور، وكان بعض الفقراء يقرأ عنده كثيراً، فأعجبه، وقال لزوجته: أريد أن أزوجه بابنتي، فغضبت الأم. وكان يقرأ عنده الحديث كل يوم بعد العصر، فحضر فقيه مالكي، فذكرت مسألة، فخالف فيها الجمع، وأصر، فقال الوزير: أحمار أنت! أما ترى الكل يخالفونك؟! فلما كان الغد، قال للجماعة: غنه جرى مني بالأمس في حق هذا الرجل ما لا يليق، فليقل، لي كما قلت له، فما أنا إلا كأحدكم، فضج المجلس بالبكاء، واعتذر الفقيه، قال: أنا أولى بالاعتذار، وجعل يقول: القصاصَ القصاصَ، فلم يزل حتى قال يوسف الدمشقي: إذ أبى القصاص فالفداء، فقال الوزير: له حكمه. فقال الفقيه: نعمك علي كثيرة، فأي حم بقي لي؟ قال: لا بد. قال: علي دين مئة دينار، فأعطاه مئتي دينار، وقال: مائة لإبراء ذمته، ومائة فبرأ ذمتي.
·قال أبو المظفر سبط ابن الجوزي: وقد اضطر ورثة الوزير ابن هبيرة إلى بيع ثيابهم وأثاثهم، وبيعت كتب الوزير الموقوفة على مدرسته، حتى لقد بيع (البستان) لأبي الليث السمرقندي في الرقاق (بخط منسوب وكان مذهباً) بدانقين وحبة، وقيمته عشر دنانير، فقال واحد: ما أرخص هذا البستان! فقال جمال الدين بن الحسين: لثقل ما عليه من الخراج – يشير إلى الوقفية – فأُخذ وضُرب وحُبس.
¥