تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

· قال الذهبي: تعلقاً على حديث: (ثلاث مَن كن فيه فهو نفاق: إذا حدْث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أئْتُمن خان) قال رجل: يا رسول الله، ذهبت اثنتان، وبقيت واحدة؟ قال: (فإن عليه شعبة من نفاق، ما بقي فيه منهن شيء). وفيه دليل على أن النفاق يتبعض ويتشعب، كما أن الإيمان ذو شعب ويزيد وينقص، فالكامل الإيمان من اتصف بفعل الخيرات، وترك المنكرات وله قُرَب ماحيه لذنوبه، كما قال تعالى: {إنما المؤمنون الذين إذا ذُكِر الله وَجِلت قلوبهم} إلى قوله: {أولئك هم المؤمنون حقاً} وقال: {قد أفلح المؤمنون} إلى قوله: {أولئك هم الوارثون * الذين يرثون الفردوس هم فِيها خالدون} ودون هؤلاء خلق من المؤمنين الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً، ودونهم عصاة المسلمين، ففيهم إيمان ينجون به من خلود عذاب الله تعالى وبالشفاعة. ألا تسمع إلى الحديث المتواتر (أنه يخرج من النار من في قلبه وزن ذرة من إيمان) وكذلك شعب النفاق من الكذب والخيانة الفجور والغدر والرياء، وطلب العلم ليقال، وحب الرئاسة والمشيخة، وموادة الفجار والنصارى، فمن ارتكبها كلها، وكان في قلبه غِلُ النبي صلى الله عليه وسلم أو حَرَج من قضاياه، أو يصوم رمضان غير محتسب، أو يجوز أن دين النصارى أو اليهود دين مليح، ويميل إليهم، فهذا لا تَرْتَبْ في أنه كامل النفاق، وأنه في الدرك الأسفل من النار، وصفاته الممقوتة عديدة في الكتاب والسنة من قيامه إلى الصلاة كسلان، وأدائه الزكاة وهو كاره، وإن عامل الناس فبالمكر والخديعة، قد اتخذ إسلامه جُنة، نعوذ بالله من النفاق فقد خافه سادة الصحابة على نفوسهم.

· فإن كان فيه شعبة من نفاق العمال، فله قسط من المقت حتى يدعها، ويتوب منها، أما من كان في قلبه شك من الإيمان بالله ورسوله، فهذا ليس بمسلم وهو نم أصحاب النار، كما أن من في قلبه جزم بالإيمان بالله ورسله وملائكته وكتبه وبالمعاد وإن اقتحم الكبائر، فإنه ليس بكافر، قال تعالى: {هُو الذي خَلَقَكُم فمِنكم كافر ومنكم مؤمن} وهذه مسألة جليلة، قد صنف فيها العلماء كتباً، وجمع فيها الإمام أبو العباس شيخنا مجلداً حافلاً قد اختصره. نسأل الله تعالى أن يحفظ علينا إيماننا حتى نوافيه به.

· ومن كلام الحسن بن منصور: رب معتزل للدنيا ببدنه مخالطها بقلبه، ورب مخالط لها ببدنه مفارقها بقلبه، وهو أكيسهما.

· وعن سحنون قال: كان بعض من مضى يريد أن يتكلم بالكلمة، ولو تكلم بها لانتفع بها خلق كثير، فيحسبها، ولا يتكلم بها مخافة المباهاة. وكان إذا أعجبه الصمت تكلم، ويقول: أجرأ الناس على الفتيا أقلهم علماً.

· قال إبراهيم بن أيوب الحوراني: قلت لإسماعيل بن عبد الله القاضي: بلغني أنك كنت صوفياً، من أكل من جرابك كسرة افتخر بها. فقالت: حسبنا الله ونعم الوكيل.

· قال محمد بن القاسم: صحبت محمد بن أسلم أكثر من عشرين سنة لم أره يصلي حيث أراه ركعتين من التطوع إلا يوم الجمعة. وسمعته كذا وكذا مرة يحلف: لو قدرت أن أتطوع حيث لا يراني ملكاي لفعلت خوفاً من الرياء. وكان يدخل بيتاً له، ويُغلق بابه. ولم أدرٍ ما يصنع حتى سمعت ابناً له صغيراً يحكي بكاءه، فنهته أمه، فقلت لها: ما هذا؟ قالت: إن أبا الحسن يدخل هذا البيت، فيقرأ ويبكي، فيسمعه الصبي فيحكيه، وكان إذا أراد أن يخرج، غسل وجهه، واكتحل، فلا يُرى عليه أثر البكاء.

· وكان محمد بن أسلم يصل قوماً، ويكسوهم، ويقول للرسول: انظر أن لا يعلموا من بعثه، ولا أعلم منذ صحبته، وصل أحداً بأقل من مئة درهم إلا أن لا يمكنه ذلك. وكان يقول لي: اشتر لي شعيراً أسود، فإنه يصير إلى الكنيف، ولا تشتر لي إلا ما يكفيني يوماً بيوم، واشتريت له مرة شعيراً أبيض ونقيته، وطحنته، فرآه فتغير لونه، وقال إن كنت تتوقت فيه، فاطعمه نفسك، لعل لك عند الله أعمالاً تحتمل أن تُطعم نفسك النقي، وأما أنا، فقد سرت في الأرض ودرت فيها فبالله ما رأيت نفساً تصلي أشد عندي من نفسي، فبما أحتج عند الله إن أطعمتها النقي؟! خُذ هذا الطعام، واشتر لي كل يوم بقطعة شعير رديئاً، واشتر لي رحى فجئني به حتى أطحن بيدي وآكله، لعلي أبلغ ما كان فيه علي وفاطمة رضي الله عنهما.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير