تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

v القسم الثالث وهو حال فقهاء الأمة فقهاء أهل الحديث ومن تابعوا حال السلف في ذلك: وهم الذين يسألون عن معاني الكتاب والسنة وعما يدخل في دلالاتهم من الفقه، هذا السؤال المحمود الذي من بحث عنه فهو الذي يرضى قوله وعمله تسأل عن معنى آية تسأل عن معنى حديث استشكلته فتسأل عن ذلك فهذا لا يدخل ضمن المنهي عنه، النبي r قال «من نوقش الحساب عذب» فقالت عائشة: يا رسول الله أليس الله جلّ وعلا يقول ?فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا? [الانشقاق:8]، قال رسول الله r« ذلك العرض، ومن نوقش الحساب عذّب» (العرض) يعني أن يعرض عليه أن يحاسب بمعنى تعرض عليه، عملت كذا وكذا وسترتها عليك وعملت كذا وكذا وأثيبك عليها وهكذا، هذا عرض للمسائل، وأما المناقشة فإنّ معها العذاب لأنّ الله جلّ وعلا لا يناقش الحساب أحدا إلاّ عذبه كما قال عليه الصلاة والسلام «من نُوقش الحساب عُذّب»، هذا القسم محمود سؤاله، وهو الذي فعله أهل العلم ويفعلونه مع مشايخهم؛ يسألون عن أشياء تخصهم في دينهم؛ يستفتون، أو يسألون عن معاني الكتاب والسنة، ويسألون لرجاء نفعهم.

من المسائل التي ينبغي أيضا أن تراعى في أدب السؤال ما يخص الذين يسألون أهل العلم في عقب المحاضرات أو الندوات: السائل الذي أَرسل السؤال في الورقة طبعا يضيق المقام أن تعرض جميع الأسئلة بعد محاضرة أو بعد ندوة لكن هو يحتاج إلى الجواب، وهذا الذي يفرز الأسئلة ينبغي أن يكون متأدبا مع العالم في السؤال، وأحيانا لا يرعى الأدب في ذلك بأن تُحجب بعض الأسئلة وتُعرض بعض الأسئلة، الأسئلة التي فيها مخالفة لرأي هذا الذي يفرز لا يعرضها والتي توافق رأيه يعرضها، هولم يؤتمن على هذا!! اُئتمن على أنّ المسألة التي تفيد السائل وتناسب الحال وله أن يقيم الحال حال المسجد يرعى المصلحة ويدرأ المفسدة أو ينظر لرغبة الشيخ أو العالم فيما يسأل عنه وما لا يسأل عنه هذا لابد منه، طيب، لكن أن يكون هو يختار ما يريده ويلغي ما لا يريده، هذا نوع من عدم الأدب مع أهل العلم في السؤال، وسببوا إشكالات كثيرة، فيأتي هذا ويستدعي عالم أو يطلب من عالم فيسأله عن أشياء هو يريدها، أو تأتي الأسئلة فيبعد بعض الأسئلة التي جوابها يعلم أن العالم يجيب هذا الجواب لكن هذا الجواب غير مرضي عنه، يعني أنت حكم على أهل العلم في أجوبتهم؟ هذا يسبب فرقة في الأمة ويسبب أشياء من عدم رعاية وتوقير أهل العلم.

الذي ينبغي من الأدب للذين يسألون أهل العلم أن يسألوا الأسئلة النافعة، سواء كانت توافق ما عنده أو لا توافق؛ لأنّ العالم هو الذي سيجيب بما دلت عليه النصوص -إذا كان راسخا في العلم- والهوى بعيد عن أهل العلم، وهذا من تزكية الله جلّ وعلا لهم، ولهذا لا ينبغي لهذا الذي يفرز الأسئلة أن ينتقي على رغبته بل يسأل ويقول للعالم قبل أن يأتي الأسئلة إذا جاءت: ما الأسئلة التي تحب أن تعرض وما التي لا تحب أن تعرض؟ فيقول له الأسئلة التي فيها كذا وكذا لا تعرضها؛ لأنه قد لا يناسب عرضها أمام الناس في مسجد، منهم من يكون خالي الذهن أصلا عن بحث هذه المسألة، يأتي تعرض فيطلع على شيء هو في غنية عن أن يطلّع عليه.

إذن هذه المسألة بحاجة أن ترعى في الندوات والمحاضرات أن يكون الذي يفرز الأسئلة يرعى ما يرغبه العالم فيما يعرض وفيما لا يعرض، وألاّ يتحكم هو؛ لأنّ تحكمه يسبب بعض عدم رعاية توقير أهل العلم، لهذا نجد أنّ بعض المشايخ يعتذر عن بعض الندوات ويعتذر عن بعض المحاضرات، لمَ؟ لأنّه يخشى أن تأتي أسئلة لا يناسب الجواب عليها أمام العامة، مثل ما ذكرنا السلف ما أجابوا على كل سؤال في كل مقام، وإنما يختلف الجواب بحسب اختلاف الحال، يفصل في موضع، لا يفصل في موضع، يمتنع عن الجواب في موضع، إلى آخر ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير