تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

النملة -أيها الإخوة- نعم هي مخلوق صغير، ولكن سبحان الذي قال (أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) () وقال -جل وعلا- (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ) () والنملة -أيها الإخوة -لا أقول: إن للنملة قصة، بل إن للنملة قصصا وعبرا، والله -جل وعلا- عندما ذكر لنا بعض القصص في القرآن قال في أولها أو في آخرها (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً) () وقال -جل وعلا- (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى) ().

موضوع النملة -أيها الإخوة- لماذا اخترت هذا الموضوع؟ اخترته لأنني وصلت إلى حاله سيتضح لكم من خلال الأمثلة، ومن خلال الحقائق أنني أتمنى أن كثيرا من طلاب العلم يصل إلى مستوى النملة، وأرجو أن لا يكون في هذا الكلام مبالغة، بل والله إنها هي الحقيقة، وما جئت في هذا المكان -أيها الإخوة- لأذكر لكم قصص لنبتسم من أجلها، إنما أردت أن أذكر قصصا من أجل العبرة والعظة.

أريد يا أخي الكريم، وأنت تستمع إلى هذه الكلمات أريد منك شيئا واحد، أريد منك، وأنا أتحدث عن النوع الأول من النمل، وهو الأساس في كلمتي ومحاضرتي بعد انتهاء المحاضرة أريد منك شيئا واحد -بارك الله فيك- قارن نفسك بهذه النملة، قارن نفسك وإخوانك بمجتمع النمل، وستلحظون إن كنت منصفا، ولا أخالك إلا ذاك فستجد نفسك بعيدا بعيدا عن النملة.

ستجد أن النملة قد قطعت أشواطا تتمنى أن تصل إلى حالها في كثير من المجالات، أقول هذا عن تجربة وبيان ورصد لحالة كثير -لا أقول من الناس-، لا، لحالة كثير من طلاب العلم.

من هنا، ومن أجل ذلك جئت ألقي هذا الموضوع، وجئت أتحدث عن هذا الموضوع، وجئت أقول: إن الله -جل وعلا- عندما خلق هذا المخلوق الذي أرى، وأتوقع أن الكثير منا لم يفكر فيه يوما من الأيام أن فيه من العجائب، والدروس ما فيه من العبرة، وفيه من العظة لكن هل نعترف؟ هل نتعظ؟ هل نستفيد؟

ربما وقر في نفوس كثير منا أن هذه النملة حشرة من الحشرات، بل ربما أن أكثر ما يشغل بال كثير منا كيف نتخلص من النملة، وكيف نقضي على النملة إذا دخلت إلى بيوتنا، ولكنه لم ينظر إلى الأوجه الحسنة في هذه النملة العجيبة.

ثالثاً: دروس من موقف النملة مع نبي الله سليمان عليه السلام

لنبدأ بما في كتاب الله -جل وعلا- أيها الأحبة-، ولنقف مع قوله -تعالى- في سورة النمل (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) () هذه الآية لو وقفت معها في هذا اليوم في محاضرة مستقلة لما كفيتها، ولكن مراعاة للموضوع، ولأن في الموضوع -كما قلت لكم- وقفات أخرى فسأشير إشارات والحر تكفيه الإشارة، وأنتم أحرار، وسأكتفي من القلادة ما أحاط بالعنق (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ) () إذًا هو واد النمل. لماذا سمي بواد النمل؟

لأن أغلب ما فيه هو من النمل؛ لأن أغلب من يسكن هذا الوادي هم من النمل.

عندما نأتي إلى بعض مناطقنا، ويقال منطقة بني عمرو، أو منطقة بني شهر، ماذا يعني هذا؟ ماذا يدل عليه هذا؟ هل رأيتم هذا الاسم في شمال المملكة أو في شرقها؟ إنما يدل عَلى أن أغلب من يسكن هذا المنطقة هم من بني شهر أو من بني عمرو أو من غيرهم من القبائل التي تعرفون.

إذًا أغلب من يسكن هذا الوادي هي النمل ماذا يدل عليه ذلك؟ يدل على كثرتها، حتى اعتبرت أكثر من يسكن هذا الوادي فسمى بوادي النمل.

ليس مهما أن نتحدث بما أشار إليه المفسرون أين هو هذا الوادي؟، وهل هو بالطائف أو بغيره؟ لا يهمنا هذا كثيرا الذي يهمنا أنه وادي ممتلئ بالنمل.

ماذا حدث؟ عندما جاء سليمان -عليه السلام-، ومعه جنوده، هنا تأتي القضية (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ) () الله أكبر يا أحبتي الكرام، الله أكبر، نملة عندما أحست بالخطر الداهم على قومها وبني جنسها أعلنت صائحة، ومنذرة لبني قومها: إن الخطر قادم، فهيا أنقذوا أنفسكم (لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) ().

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير