ولئن سألتهم من خلق السماواتوالأرض ليقولن الله)).وسير أكابر أئمة أهل العلم .. ملأى بما يدل على عنايتهم بهذاالشرط، ومن أبرز ذلك ما كان من أمر شيخ الإسلام رحمه الله تعالى فلطالما عفّروجهه بالتراب في المساجد المهجورة .. وهو ساجد يقول: اللهم يا معلم إبراهيم علمني ويامفهم سليمان فهمني .. ولهذا قال الملائكة: ((سبحانك لا علم لنا إلا ماعلمتنا)).الثالثة:-تكرار لفظ فعل الأمر ((اقرأ)) مرتين، ويقارنها تكرير لفظالفعل الماضي ((علّم)).وفي ذلك إشارة إلى أن القراءة مرة بعد مرة، والمراجعة تلوالأخرى، وترديد المحفوظ بعد الترديد. شرط في ثبوت العلم وازدياد الفهمللمعلوم.وليس عبثاً أن يأتي فعل التعليم، بصيغة الماضي الدال على التحقيق، فيحين جاء فعل القراءة بصيغة الأمر.كأن الله تعالى يقرر أنه كما خلق وهو أمر لايجادل فيه أحد؛ فإنه سبحانه هو من علّم، وما عليك ياابن آدم، سوى القراءة بتحقيقالشروط.
((وعلم آدم الأسماء كلها)).يستشف منها ضرورة اهتمام طالب العلم بمفرداتاللغة، ومعرفة لسان العربفقد عبر بلفظ العموم (كل) .. والراجح في أصل اللغة أنهاتعليم من الله بالإلهام.ولا ينافي هذا أن تكون تطورت مع الزمان، لكن أن يقالإن مجموعة من العقلاء اصطلحوا على تسمية الأشياء فبعيد وليس عليه دليل قط.
((قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون)) التفصيل هو الإسهاب في ذكر ماأوجز وأحكم.فعلى طالب العلم أن يعتني بتقسيم المباحث وتفصيل إشكالاتهاوفروعها، حتى تكون حاضرة، في ذهنه وقت الحاجة إليها.ومن سمات بحور العلم اتضاحالفروق بين دقائق المسائل، وتفريعاتها.ونضرب على هذا مثالاًيسيراً بالتوحيد.فهو في مجمله إذا لخص بجملة:شهادة أن لا إله إلا الله، وأنمحمداً رسول اللهفإذا أردت استقراء التوحيد وجدته منقسما إلى ثلاثةأنواع:-
توحيد الألوهية .. وتوحيد الربوبية .. وتوحيد الأسماء والصفات. وكل واحدمن هذه الأقسام يتفرع عنه شعب ومقتضيات ولوازم، وهكذا
((فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم)).هذه قاعدة جليلة .. وهي على صغرها ,يندرج تحتها من الفوائد واللطائف علمجمّ وأسوق إليك طرفاً من ذلك، وبالله التوفيق ومنه السداد:-
-قدّم العلم علىالعمل .. ولذلك بوّب البخاري باب العلم قبل العمل.
-ذكر من العلم أخصّه، وهوالتوحيد الخالص الذي يطهر القلب من الشرك، والشبهاتوذكر من العمل الذكر، وخصّالاستغفار؛ لأنه يطهر القلب من الغفلة، والشهواتواجتناب البدع والمعاصي صفةطريق المسلم الحق، مثلما أن تحقيق الاعتقاد مقدم على معرفة تفاصيل الحلال والحرامفي طريق طالب العلم.وخص الاستغفار كذلك تلويحاً على: ((إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء)).
-وجمع بين طلب العلم والاستغفار تطهيراًلطالب العلم من العُجب، وحبه محمدة الناس، والتفاته لحظوظ نفسه.
-ذكر سبحانهالمعمول في فعل: ((اعلم)) وحذفه في فعل: ((استغفر)) لأن من عَلِم اللهَ وأنه لا إله إلاهو حق المعرفة استغفره ولابد، والقرآن جاء بأبلغ عبارة دالة علىالمقصود، والاختصار من طرائق الطلبة الأذكياء .. إذا استشرحوا أو قرؤواالمطوّلات، وقد حذف سبحانه من شهادة التوحيد ههنا الأمر بعلم أن محمداً رسولالله؛ لأن الخطاب له عليه الصلاة والسلام، فاكتفى بذلك عن ذكرها؛ ولأن الأصل أنالعلم بالله سبب للعلم برسله، وأنهم واسطة الحق إلى الخلق في التبليغ.
-نصّعلى الذنب في حق الرسول صلى الله عليه وسلم .. فقال: ((لذنبك)) وحذفه في حق المؤمنينوالمؤمنات؛ لأن الأصل أن يستغفر الإنسان لذنبه هو فلا يتكل على غير ربه؛ ولأنالمؤمنين والمؤمنات أولى بثبوت الذنوب في حقهم سداً لذريعة أن يداخل أحدهم كبر كماصح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ((ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته))؛ ولأنهصلى الله عليه وسلم أسوة لنا .. فاستغفاره ربه سبب لأن يقتفي المؤمنون أثره فيذلك.
¥