تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

-ختم بقوله: ((والله يعلم متقلبكم ومثواكم)) فقابل تحقيق التوحيدبالمثوى، وقابل الاستغفار بالتقلّب؛ لأن الجنة مثوى كل موحد، وإن وقع فيالكبائر، والمعاصي سبب لتقلب القلوب والاستغفار سبب لثباتها .. ومنه دعاء النبي صلىالله عليه وسلم من حديث أم سلمة رضي الله عنها: ((يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)).

((وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين)).هذهإشارة أن المبالغة في الاشتغال بالشعر؛ يصرف عن العلم النافع.ولهذا قالالشافعي:

ولولا الشعر بالعلماء يزري ... لكنت الآن أشعر من لبيدِ

وكثير منالطلبة يقضي الأوقات الطوال في حفظ الأشعار على حساب السنة، وربماالقرآنفيقال لمثلهم: إنما يستعان بدواوين العرب طلباً لفهم اللغةوالقرآن.أما صرف الهمم للإحاطة بأشعار العرب، أو الإكثار من النظم.فثم ماهو أولى منه، وإني لأعجب من اشتغال فئام من أهل العلم بوضع المنظومات إلى يومناهذا، مع كون القدامى لم يتركوا فنّا إلا كتبوا فيه عشرات المنظومات.فألئكضوّعوا العلم، وبعض هؤلاء ضيّعوه .. وإن كان قد يلتمس العذر لبعضهم، ومن باب الترفهذا أن يجرد أحد علماء النحو وقته لإعراب ألفية ابن مالك.

: ((لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوعليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين)) وقال تعالى: ((هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهمالكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين)) وقال تعالى: ((كما أرسلنا فيكمرسولاً منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم مالم تكونواتعلمون)) البقرة 151 وقال تعالى: ((ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهمالكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم)).

وههنا هناملحوظات، وبإزائها تعليقات

-يلاحظ من تدبر هذه الآيات أن الله سبحانه وتعالىقدم التزكية على تعليم الكتاب والحكمة ما خلا آية، فتقدم تعليم الكتاب والحكمةعلى التزكية، والسر في ذلك أن الآية التي تقدّم فيها ذكر التعليم علىالتزكية هي حكاية على لسان الخليل عليه السلام، والمقام مقام دعاء والأليقبالدعاء أن يقدّم العلم كما علم الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم: ((وقل رب زدنيعلماً)) وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا لابن عباس فقال: ((اللهم فقهه فيالدين)) وفي لفظ: ((وعلمه التأويل)).وأنه دعا لمعاوية فقال: ((اللهم علمه الكتاب)) لأنَّالدعاء بذكر السبب غالباً ما يكون أصدق من الدعاء بالغاية. فهناك من يقول: اللهمأدخلني الجنة، وثم من يقول: ارزقني الشهادة في سبيلك فالأول قد لا يلتفتللعمل .. والثاني لحظ معنى ثمن الجنة .. وأنها محفوفة بالمكاره .. فإبراهيم عليهالسلام .. قد قدم علم الكتاب على التزكية، باعتبار أن الاستنارة بالوحي، سبب لتزكيةالنفس ورفعتها فهو عليه الصلاة والسلام لحظ هذا المعنى وفيه قوله تعالى: ((وننزل منالقرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين)).وحرف الخفض (من) للجنس وليست للتبعيضقطعاً .. وكذلك قوله سبحانه ((ألا بذكر الله تطمئن القلوب)) والقرآن خير الذكر والنفسالمطمئنة نفس زكيّة. أما في الآيات الثلاث الأخر فهي من كلام اللهابتداءً، وهي في مقام الامتنان، فناسب كرمه سبحانه أن يقدم الغاية التي أرادهاإبراهيم.وهي التزكية بمنزلة من سأل الله شيئاً فأعطاه الله خيراً مماسأل.وأيضاً فإنَّ تزكية النفس وتهذيبها بالإيمان ومكارم الأخلاق وأدب الطلب يجبأنْ يتقدم على العلم البحت.ويدل عليه ما ورد عن ابن مسعود وابن عمر من تعلمالإيمان قبل القرآنوكذلك ما نقل عن غير واحد من السلف كسفيان الثوري: ((تعلمناالعلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله)).فلو أنه تزكى في البدء لما قالذلك لكنّ الله تكرّم عليه ولطف به فصرف توجهه إليه، وزكى قلبه بحرصه علىالعلم.والحاصل أن العلم سبب لرفعة النفس في مقام التزكية، والاهتمام بتزكيةالنفس عن الرزايا شرط للعلم الذي ينفع صاحبه فالنسبة بينهما مطردة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير