تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي الأخير طفت للإفاضة، وكانت العين خلاله فياضة سائلاً الله القبول، متوسلاً إليه بشدة اقتفائي أثر الرسول، مستحضرًا الأجر العظيم إن قُبلتْ توبتي، وجزاني الكريم بواسع فضله على أدائي حجتي، أسأله بفقري وغناه وذلي وعلاه: ألا يحرمني رضاه، وأن يغفر لي ما قدمت يداي، ويوفقني - برحمته - لطاعته ما بقي من محياي.

عن عبد الله ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( ... إن شئتما أخبرتكما بما جئتما تسألاني عنه فعلت، وإن شئتما أن أمسك وتسألاني فعلت. فقالا: أخبرنا يا رسول الله! فقال الثقفي للأنصاري: سل. فقال: (جئتني تسألني عن مخرجك من بيتك تؤم البيت الحرام وما لك فيه، وعن ركعتيك بعد الطواف وما لك فيهما، وعن طوافك بين الصفا والمروة وما لك فيه، وعن وقوفك عشية عرفة وما لك فيه، وعن رميك الجمار وما لك فيه، وعن نحرك وما لك فيه، مع الإفاضة.) فقال: والذي بعثك بالحق! لعن هذا جئت أسألك. قال: (فإنك إذا خرجت من بيتك تؤم البيت الحرام؛ لا تضع ناقتك خفًا، ولا ترفعه؛ إلا كتب (الله) لك به حسنة، ومحا عنك خطيئة. وأما ركعتاك بعد الطواف؛ كعتق رقبة من بني إسماعيل. وأما طوافك بالصفا والمروة؛ كعتق سبعين رقبة. وأما وقوفك عشية عرفة؛ فإن الله يهبط إلى سماء الدنيا فيباهي بكم الملائكة يقول: عبادي جاؤني شعثًا من كل فج عميق يرجون رحمتي، فلو كانت ذنوبكم كعدد الرمل، أو كقطر المطر، أو كزبد البحر؛ لغفرتها، أفيضوا عبادي! مغفورًا لكم، ولمن شفعتم له. وأما رميك الجمار؛ فلك بكل حصاة رميتها تكفير كبيرة من الموبقات. وأما نحرك؛ فمدخور لك عند ربك. وأما حلاقك رأسك؛ فلك بكل شعرة حلقتها حسنة، وتمحى عنك بها خطيئة. وأما طوافك بالبيت بعد ذلك؛ فإنك تطوف ولا ذنب لك يأتي ملك حتى يضع يديه بين كتفيك فيقول: اعمل فيما تستقبل؛ فقد غفر لك ما مضى.)

وعن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (فإن لك من الأجر إذا أممت البيت العتيق أن لا ترقع قدمًا أو تضعها أنت ودابتك؛ إلا كتبت لك حسنة، ورفعت لك درجة. وأما وقوفك بعرفة؛ فإن الله عز وجل يقول لملائكته: يا ملائكتي! ما جاء بعبادي؟ قالوا: جاؤا يلتمسون رضوانك والجنة. فيقول الله عز وجل: فإني أشهد نفسي وخلقي أني غفرت لهم، ولو كانت ذنوبهم عدد أيام الدهر، وعدد رمل عالج. وأما رميك الجمار؛ قال الله عز وجل: ?فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ?

وأما حلقك رأسك؛ فإنه ليس من شعرك شعرة تقع في الأرض؛ إلا كانت لك نورًا يوم القيامة. وأما طوافك بالبيت إذا ودعت؛ فإنك تخرج من ذنوبك كيوم ولدتك أمك.)

عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (اجلس)، وجاء رجل من ثقيف، فقال: يا رسول الله! كلمات أسأل عنهن. فقال صلى الله عليه وسلم: (سبقك الأنصاري). فقال الأنصاري: إنه رجل غريب، وإن للغريب حقًا، فابدأ به، فأقبل على الثقفي فقال: (إن شئت أجبتك عما كنت تسألني، وإن شئت سألني وأخبرك؟). فقال: يا رسول الله! [بل] أجبني عما كنت أسألك، قال: (جئت تسألني عن الركوع والسجود والصلاة والصوم). فقال: لا والذي بعثك بالحق؛ ما أخطأت مما كان في نفسي شيئًا، قال: (فإذا ركعت؛ فضع راحتيك على ركبتيك، ثم فرج بين أصابعك، ثم امكث حتى يأخذ كل عضو مأخذه، وإذا سجدت؛ فمكن جبهتك، ولا تنقر نقرًا، وصل أول النهار وآخره.)

فقال: يا نبي الله! فإن أنا صليت بينهما؟ قال: (فأنت إذًا مصل، وصم من كل شهر ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة). فقام الثقفي. ثم أقبل على الأنصاري فقال: (إن شئت أخبرتك عما جئت تسأل، وإن شئت اسألني فأخبرك.) فقال: لا يا نبي الله! أخبرني عما جئت أسألك؟ قال: (جئت تسألني عن الحاج؛ ما له حين يخرج من بيته، وما له حين يقوم بعرفات، وما له حين يرمي الجمار، وما له حين يحلق رأسه، وما له حين يقضي آخر طواف بالبيت.)

فقال: يا نبي الله! والذي بعثك بالحق؛ ما أخطأت مما كان في نفسي شيئًا، قال: فإن له حين يخرج من بيته: أن راحلته لا تخطو خطوة؛ إلا كتب له بها حسنة، أو حط عنه بها خطيئة، فإذا وقف بعرفة؛ فإن الله عز وجل ينزل إلى سماء الدنيا فيقول: انظروا إلى عبادي شعثًا غُبَّرًا، اشهدوا أني قد غفرت لهم ذنوبهم، وإن كانت عدد قطر السماء، ورمل عالج، وإذا رمى الجمار؛ لا يدري أحد ما له حتى يوفاه يوم القيامة، وإذا حلق رأسه؛ فله بكل شعرة سقطت من رأسه نور يوم القيامة، وإذا قضى آخر طوافه بالبيت؛ خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه.)

فلما أتممتُ طواف إفاضتي انصرفت، وقد شبّ الأمل في القلب: عسى أن يتفضل بقبول حجتي الربّ، فأعود نقيًا بلا جرمٍ ولا ذنبّ، فما شيء من ذا إلى قلبي أحبّ.


(1) علق عليه الشيخ الألباني في: صحيح الترغيب والترهيب/كتاب الحج/ الترغيب في الحج والعمرة وما جاء فيمن خرج يقصدهما فمات / رقم: 1112 / قائلاً: حسن لغيره.

(2) سورة السجدة،/ آية / 17

(3) علق عليه الشيخ الألباني في: صحيح الترغيب والترهيب /11 - كتاب الحج/1 - باب الترغيب في الحج والعمرة وما جاء فيمن خرج يقصدهما فمات
/ رقم: 1113 / قائلاً:حسن لغيره.

(4) علق عليه الشيخ الألباني في: صحيح موارد الظمآن / رقم: 801 / قائلاً: حسن لغيره.


¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير