تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهنا ألفت النظر إلى أن الدعاة أنفسهم يجب أن يستعدوا لما هم مقبلون عليه ولا يرجئوا ذلك إلى ما قبل الرحلة، بل إن حملات التوعية التي تخرج تحت إشراف وزارات الأوقاف وغيرها تقيم اجتماعات للمرشدين ويتبادلون فيها الخبرات ويستقرون على الآراء التي سيفتون الناس بها تجنبا للبلبلة التي قد تحدثها بعض الفتاوى، وبالذات في حال اختلاف المشارب الفقهية أو القدرات العلمية للمرشدين.

صوت السلف: تنبيه في محله، يحملنا إلى السؤال عن صفات الداعية المرافق للحملة؟

د/ ياسر: لا بد أولا أن يكون سبق له الحج؛ لكي يكون عارفا بالمناسك وما فيها ولاسيما بعد التعديلات الأخيرة، فاطلاعه على المعالم الجغرافية للأماكن وإدراكه لما قد يقع فيه الحجيج من مشكلات أو تزاحم، ومعرفته للأوقات الأهدأ في الطواف والرمي كل هذا يتطلب ممارسة عملية ربما لأكثر من مرة للحج.

كما أن تلك الممارسة تجعله بمعزل عن بعض الاستغلالات التي يمارسها بعض المقاولين أو السائقين وغيرهم، على الحجيج مثل: ادعاء بُعد المسافات بين المناسك بغية مثلا الإسراع بالناس قبل الزحام لاسيما في المبيت بالمزدلفة بينما من مارس الحج أكثر من مرة يعرف أن المسافات بين الشعائر صغيرة نسبيا ويتحمل الشباب والأصحاء من الحجيج الدفع من مزدلفة لمنى على الأقدام، ويحضرني هنا حادث مر بي في أول حجة حججتها وكان في حر وركبنا باصا غير مكيف وعلى بداية عرفة توقفت الباصات كلها بسبب الزحام ولوقت زاد على خمس ساعات، والغريب أنه كان بيننا وبين مكان خيمتنا مسافة لا تزيد عن ربع ساعة على القدمين ولو كان بيننا من يعرف هذا لما ضاع وقتنا يوم عرفة، وأذكر أن امرأة نزلت من السيارة لحاجة تريدها ثم ضلت طريقها فسألت عن موقعنا فوصلت قبلنا بكثير ورحمت من الحر.

صوت السلف: هل من كلمة توجهها لأصحاب الحملات، وشركات السياحة؟

د/ ياسر: أرى أن كثيرا من أصحاب الحملات يتعاملون مع الموضوع وكأنه تجارة للتربح وفقط، وربما كان البعض منهم يهتم بسمعة حملته من ناحية التنظيم والإدارة والطعام فقط، وهذا وإن كان حسنا لذاته، لكنه يفتقر إلى الحس الإيماني الذي يجب أن يكون رائده فيه الشعور بأنه يعين الناس على طاعتهم لله -تعالى-، فلذا أرى أن أول واجب يجب على المشرفين على الحملات التفكير فيه والمبادرة إلى تنفيذه يتمثل في حرصهم على أداء الحجيج لعبادتهم بصورة صحيحة، بل ويحرص على أن يشارك في إصلاحهم بما يزيد من إيمانهم ويقربهم إلى الله -تعالى- بتنمية حبهم لله -تعالى-، وحرصهم على طاعته ودعوتهم لتحسين عقائدهم وعباداتهم ومعاملاتهم وفقا لشرع الله -عز وجل-.

ولن يتأتى ذلك إلا بحرص الحملات على إيجاد سبل لدعوة الناس، ويكون ذلك أولا باختيار دعاة أمناء أصحاب منهج قويم وخلق لين، وخبرة في الدعوة والحج.

وثانيا: أن يوفروا لهم الإمكانات التي تساعدهم على أداء مهمتهم، مثل: توفير كتيبات وأشرطة وجوائز للمسابقات أثناء الرحلة، ومهم جدا توفير مكبرات للصوت تعمل بكفاءة ويكون منها وصلة لمكان النساء؛ فكل ذلك من الواجب الذي عليهم، وقد يحاسبهم الله -تعالى- على تقصيرهم فيه، وهو بالطبع يزيد من تقربهم لله -تعالى-، كما أنه أيضا يرفع من رصيدهم عند الحجيج.

صوت السلف: وما هي الأعمال التي يجب توعية الحجيج عليها قبل السفر؟

د/ ياسر: يجب تنبيههم على أهمية التوبة والعزم على بدء صفحة جديدة، والتخلص من المظالم وأداء الحقوق، وسداد الديون أو استئذان أصحابها، ثم بيان المناسك بشكل مجمل مثل: بيان كيفية لبس الإحرام، وأرى أن الداعية يصطحب معه لبس الإحرام من الإزار والرداء، ويبين كيفية ارتدائها أمام الناس والاضطباع وغير ذلك.

ثم يشرع في شرح معان إيمانية للإحرام وأرض الحرمين، وكذلك يجلي لهم ما يحل لهم وما يحرم عليهم بعد الدخول في الإحرام، مشيرا ما استطاع إلى ما يشوق الناس للعبادات، ثم يشرع في بيان العمرة والحج والزيارة والآداب المرعية في كل ذلك، ويقوم بالشرح لكيفية أداء الشعائر واحدة فأخرى بشكل مجمل؛ لأنه سيفصل لهم ذلك لاحقا، وأرى أن الأفضل الاستعانة بمواد مصورة أو نماذج لشرح الأعمال.

صوت السلف: ما المقصود بالنماذج في الشرح؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير