تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المتكبر المستكفي بعقله.

ثم خطا الجهم خطوة أخرىوهي أنه راح يُدلي بدلوه في القضايا التي كان الجدال محتدما حولها ومنها قضيةالإيمان، واعتماداً على عقله أخذ يفكر ثم خرج بما قاله في الإيمان، وهو أن الإيمانالمعرفة والكفر هو الجهل، فمن عرف الله بقلبه فهو مؤمن، دونما حاجة إلى قولٍ باللسانولا عمل بالجوارح ـ على حد قول الجهم. وهو مخطأـ.

ثم خطا جهم خطوة أسوء من هذا كله، وهي أنه تعصب لمذهبه وأخذ يبحث في الشاذ والغريب من أقول العلماء و (العلماء) ولوازم الأقوال ليثبت مذهبه، فتجمع على الجعد بن درهم في العراق، وخرج من عندهم الإرجاء والتعطيل بتأثير الآخر (24) ( http://www.benaa.com/edit.asp#_ftn24)

وقريب منه واصل بن عطاء. . تلميذٌ يتعلمُ عند إمام العصرِ (الحسن البصري)، وتطرح أم القضايا المعروضة على الساحة الدعوية يومها (مرتكب الكبيرة) فلا يجد حرجا من الإجابة، ثم ينشق على شيخه ويتعصب لرأيه ويلتف حول النصوص فيحملها جبراً عنها لتشهد بقوله، والنصوص طيعة .. من كلام العرب .. يدخلها الاحتمالات بأدنى الحيل .. ولذا تجدها يقينية الثبوت ظنية الدلالة .. لا يَعرف فساد حالِ المستدل إلا العلماء، راح يُنظِّرْ لمذهبه الجديد، ويضع له الأصول. ولو أنصف لردَّ على الحسن البصري وجادله طلبا للحق أو ذهب لغيره من العلماء يعرض ما عنده وينصت لما عندهم. كما كان يفعل أبو حنيفة مثلا. ففي سبيل الضالين ثلاث خطوات رئيسية:

الأولى: التكلم عن جهل، أو أن يعتقد الرجل أن العلم كله عنده فحين يُسأل يجيب بما عنده وهو قليل ولا يراجع أهل العلم، أو يعتمد على عقلة ويُنشأ أقيسه مَغْلوطة. وسيتضح هذا جداً ونحن نناقش العقاد عقدياً.

والثانية: وهي التعصب لهذا الرأي المنبثق أساسا من الجهل. أو من الرغبة في الثأر للنفس، ويذهب صاحبة للنصوص الشرعية ليحملها على القول بهذا الباطل.

وما أجمل ما قال الشاطبي ـ رحمه الله ـ وهو يفرق بين صاحب الحق وصاحب الهوى، يقول: إن صاحب الحق يذهب إلى النصوص الشرعية ينظر ماذا تقول ثم يمتثل، أما صحاب الهوى يذهب إلى النصوص الشرعية ليأتي بها على هواه.

أو بكلمات أخر. إن أصحاب البدع يعتقدون ثم يستدلون. كما يقول الشيخ بن عثيمين رحمه الله في آخر شرح نظم الورقات للعمريطي.

وسيأتي هذا في فِكرِ العقاد، سنجد ـ إن شاء الله تعالى ـ أن الثابت عند العقاد هو (الفردية) و (العقلانية) .. هو إثبات الذات في وجه من يتعالون عليه أو من سادوا في الناس بعلمهم أو سلطانهم، وقراءة الشريعة جاءت تابعة لذلك، قرأ الشريعة ليدلل على ذلك، أو ليصل إلى ذلك.أو وهو متأثر بتلك المفاهيم الغربية الغريبة عن الشريعة.

والثالثة: ـ الظالمون من أصحاب السلطان يكون لهم دور في تسويق هذه الأفكار وفرضها على الناس. وتلميع هذه الشخصيات وخلع ألألقاب عليهم. وقد انتشر فكر جهم ومن تبعه فيما بعد، في عهد المريسي وبن أبي دؤاد (خلق القرآن) حين أصبح الوزير منهم أو يميل لهم.

ـ كل الانحرافات في القديم والحديث مصدرها الآخر أو يلعب الآخر فيها دوراً لا يمكن تجاهله. وهذا واضح جداً في شخص العقاد ومن عاصروا العقاد، فمدرسة (الديوان في النقد الأدبي) والتي ظهرت على يد العقاد والمازني وشكري كانت نقلاً عن الغرب، والعقاد نفسه كان يتبنى المدرسة الإنجليزية العقلانية، وبعد أن دب الخلاف بين الفتيان الصغيران (المازني وشكري) حين رمى أحدهم (شكري) الآخر بالسرقة من الإنجليز، أنشأت مدرسة جديدة تُكمل المسيرة وتحمل أسماء أحد (آلهة) اليونان وهو (أبوللو) [25] ( http://www.benaa.com/edit.asp#_ftn25) ، وكل هؤلاء المشاغبين تعلموا في الغرب وتبنوا أفكاره، ونصَرَهُم الغرب بشكلٍ أو بآخر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير