تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لا أقول لكم أن هناك تنظيم يضم (الآخر وخاصة يهود) والمحبين له الناقلين عنه (وهم عندي المنافقون) أو المتأثرين بهم (وهم السماعون لهم)، ولا أقول إنهم يلتقون ويرتبون كفريق عمل واحد، لا، لا يحدث هذا على الدوام، ولكن تتفق أهوائهم، ويمسك بالزمام (الآخر) بما أذن الله لهم من أسباب قوة وكانوا محتلين للبلاد، المنافقون ينصرفون عن الدين لشبهة أو لشهوة ـ والشهوة تنتهي في الغالب بشبهة فالمعصية قد تتحول إلى بدعة ثم كفر ـ و (الآخر) يستغل هذا الأمر، فهم يشيعون الفاحشة فيجتمع المنافقون، ويشيعون الشبهات ويردد المنافقون، ويقيمون منابراً للضلال ويعتلي المنافقون، وهم يقفون في وجه الطيبين كي يسير المنافقون آمنين مطمئنين لا يخافون.

وإن رحت تستقصي الأفكار الهدامة التي دخلت الإسلام وجدتَ أصلها من الكافرين .. مثلا بدعة القدرية أوَّلُ من تكلم بها سَوْسن في العراق وهو نصراني عراقي أسلم ثم ارتد ثانية إلى الكفر، هذا الكافر المرتد تكلم بالقدر وأخذ عنه معبد الجهني [26] ( http://www.benaa.com/edit.asp#_ftn26) . ثم جاء بعده غيلان القدري وكان بليغا فتكلم وأكثر، وناظر الضعفاء، وعاند العلماء. والشيعة بدأها بن سبأ اليهودي، بعد أن دخل في الإسلام وتقمص دور (المؤمنين) وتعامل مع مرضى النفوس (المنافقين) والغافلين المتحمسين، فكان ما كان. وبدعة الجبر (أن الإنسان مجبور) و الإرجاء في الإيمان [27] ( http://www.benaa.com/edit.asp#_ftn27)، والتعطيل في الأسماء والصفات ظهرت على يد الجهمُ بن صفوان وشيخه الجعد بن درهم، كانت أسانيدهم (ترجع إلى اليهود والصابئين والمشركين والفلاسفة) [28] ( http://www.benaa.com/edit.asp#_ftn28) ، حتى الفلسفة والعلوم الأخرى التي دخلت للإسلام وأثرت في المذاهب الفكرية المنحرفة، كان للآخر علاقة بها، متعاوناً مع الذين في قلوبهم مرض، وهذا يظهر أثر مخالطة المبتدعة. والضالين.

فهناك نفوس تشرب البدعة وتأبى إلا ذلك. هذه نفوسُ المنافقين، ويتصل بها (الآخر) بقصد ـ وهو الغالب ـ أو بدون قصد، ويقوم بتفعيلها لتحدث الفتنة في صفوف المؤمنين.

ولهذا السبب تأثر الفكر الإسلامي بالأفكار الأخرى مع أننا كنَّا الغالبين، والغالبُ في الغالبِ لا يتأثر بالمغلوب، وإنما أوتينا من قبل المنافقين ـ مرضى القلوب ـ؛ اتصل (الآخر) بمرضى القلوب أو اتصلت بهم القلوب المريضة فشربت من حياضهم ثم عادت إلينا، تروي المهزومين والمتطفلين بما ارتوت به. وهذا ما حدث مع العقَّاد، فقد أحب ما عند القوم فنقله، أو حقد على إخوانه فأراد هزيمتهم بأي شيء ولو كان ببضاعة غيره.

ـ هناك حصر وهمي يقع فيه من يقرأ عن العقَّاد أو المازني أو طه حسين أو غيرهم ممن أُبرزوا في الجيل الماضي، فهناك إصرار من العلمانيين على إخراج دعاة الحق من التاريخ، فمثلاً ـ فيما يخصنا في الحديث عن العقَّاد ـ نجد أنيس منصور يكتب عن العقاد سبعمائة صفحة ولا يأت على سيد قطب مع أن سيد قطب صاحبَ عباس العقاد حيناً من الدهر، وتجده يعرض نقاشات فكرية طويلة دارت بين العقاد وجلسائه ولا يتعرض لم دار بين العقاد والرافعي ـ رحمه الله ـ، بل ولا يتعرض للرافعي إلا غمزاً ولمزاً! [29] ( http://www.benaa.com/edit.asp#_ftn29).

قلتُ: وهذا ديدن القوم في كتابتهم للتاريخ أجمعه، فنحن نقرأ تاريخ الفراعنة ولا نجد فيه ذكراً لأنبياء الله، ومحالٌ أن يكون الله قد ترك الفراعنة بلا نذير، والله يقول: {وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ} فاطر24، وقال تعالى على لسان مؤمن آل فرعون وهو يخاطب قومه {وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ} غافر34 يقصون تاريخ الفراعنة ولا يأتون على أكبر حدث فيه وهو موسى ـ عليه السلام ـ، فقد انتهى حكم الفراعنة لمصر وغرقوا جميعاً في عهده ـ عليه السلام ـوغرقوا جمعياً وورث الأرض قوماً غيرهم {كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ} [الدخان: 28]، ويقصون تاريخ الأمم دون ذكرٍ للرسل، لا من اشتهر منهم ولا من لم يشتهر. حتى أن بعضهم يفتش في التاريخ الذي بين يديه ويقول: أين توحيد؟ متى عرفت البشرية التوحيد؟!!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير