ـ حالَ التعرض للحركة الفكرية في مصر ابتداءً من منتصف القرن التاسع عشر إلى يومنا هذا، لا يمكن أبداً تفسير التحولات الفكرية .. أو المنازلات الفكرية على الساحة المصرية دون استحضار (الآخر)، بل إننا نجد أن الآخر هو المؤثر الأول في كل التحولات الفكرية في الساحة المصرية، وكان الصراع معه على الحقيقة، كانت جولة مع الكفر على أرضنا، وقد عقدتٌ فصلا مطولا لبيان ذلك في بحث المنافقين تحت عنوان (أثر الاستشراق في توجيه المنافقين) فلابد من إعطاء الرصد الفكري لهذه الحقبة من الزمن مساحة أوسع من الأشخاص، أو من الأحداث الجزئية التي كانت تحدث على أرض الواقع.
والناظر لما حدث في مصر من صراعات فكرية دارت بين الأشخاص يرى بوضوح أن هذا الأمر كان مقصوداً لتفكيك البنية الفكرية الإسلامية في مصر، وإيجاد خيارات كلها سيئة أمام المفكرين، ولتستبين قولي دعني أسأل: بين مَن كان الصراع، وأعني الصراعَ الذي نقل لنا؟!
بين مَنْ كلهم يتبنون نظريات الغرب وأفكاره كليَّاً أو جزئياً، أو هكذا نقلوه لنا، أو صراع بخلفيات أدبية بين (المحافظين) ـ وهم كانوا مجددين حقيقة ونهضوا بالشعر بعد قرونٍ من الانحطاط ـ وبين (المجددين) وهم كانوا متأثرين بالغرب. أو صراعات بخلفيات سياسية، بين محتل ووطنيين، وغاب الجهاد وغاب مفهوم الأمة الواحدة تحت خلافة إسلامية واحدة. فتبني الحركات الوطنية كان مرحلة لإقصاء مفهوم الأمة الإسلامية الواحدة التي لا تعترف بالوطن ولا باللغة إلا تابعاً للمفهوم الإسلام مندرجاً فيه.
هذه بداية، وبحول ربي وقوته أعود لمناقشة فكر العقاد .. أعرض أفكاره وأناقشها من الناحية العقدية، هذا ما يعنيني.
الرجل ينكر الوحي، والرجل يدافع عن عباد الصليب، والرجل لا يراها إسلامية بل عربية، والرجل والرجل .. والرجل .. فاضبط عني. وانتظرني. البضاعة في رأسي بل خطها قلمي، ولكن أمهلك وتمهلني، حتى لا تتابع المقالات فتضيع الحقائق في الزحام ... وحتى ألقاك أخي القارئ .. أعني بالدعاء. سلامٌ عليك!!
ظهر الأحد 8/ 2/2009
___
(1) ( http://www.benaa.com/edit.asp#_ftnref1) في 2004 عقد المركز القومي للثقافة ندوة خاصة بعباس العقاد شارك فيها عدد من المثقفين، وكان لإحياء ذكرى وفاته، وتعريف الناس بأفكاره وأحواله، وتكرر الأمر في عام 2007م حاولوا إحياء ذكر ميلاد العقاد بندوة في مكتبة القاهرة تقدم للناس أفكاره.!!
(2) ( http://www.benaa.com/edit.asp#_ftnref2) وقد بدأتُ في كتابة السيرة النبوية بخلفية عقدية وانتهيت من الجزء الأول منها تحت عنوان (الكفر والإيمان إذْ يعتركان ـ قراءة عقدية للفترة المكية في السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام) وقريباً ينشر إن شاء الله.
(3) ( http://www.benaa.com/edit.asp#_ftnref3) العقاد لقب لمن يعملون بالحرير، وربما كانت مهنة في أجداده.
(4) ( http://www.benaa.com/edit.asp#_ftnref4) عرفت هذه المدرسة باسم (مدرسة الديوان) وسميت بذلك نسبة للكتاب الذي ألفه العقَّاد والمازني يشرحا فيها أهداف هذه المدرسة وأُسسها واسم الكتاب (الديوان في النقد)، وهي نقل عن الغرب، تحديداً الإنجليز، تحديداً هازلت، وأصحابها وأنصارها إلى اليوم لا ينكرون هذا الأمر بل يفاخرون به.!!
(5) ( http://www.benaa.com/edit.asp#_ftnref5) كتب الرافعي في الرد على العقاد كتاب (على السَّفُّود)، والسَّفُّود هو سيخ الحديد تُشوى عليه اللحوم في المطاعم، ومُسَّفَّد تعني شُوي على (السيخ)، هكذا قال الرافعي في بداية كتابه (على السَّفود) وقد روى طابع الكتاب، وكاتبه قصة الخلاف بين العقَّاد والرافعي كما أشرتُ إليها. وأحسب أن الرافعي انتصب للعقاد يرد عليه غضبة لله حين تطاول العقَّاد على كتاب الله، وليس لأمر شخصي.
¥