أنا والثأر لم تغمِض لنا عينانْ
*****
أقيمت لي على درب الهوى .. الزيناتْ
وهفت رِيحةُ الأحبابِ .. حفَّت بي على الطرقاتْ
وجاءت زوجتي كالصبر .. لم تندم على مافاتْ
وفي أعطافها عطرُ
وطيُّ ثيابها طهرُ
وفوق جبينها فكرٌ .. وضَحكاتٌ تُجَلِّيها
وتخفي تحتها الآهات
*****
ضحكتُ، وقلبيَ الملآن لم يضحكْ
فنار الثأر في جنْبَيَّ تكويني على الجَنَباتْ
وجاء الأهل والجيران .. جاءت أختيَ النشوى
تهنيني، تبث الوجد والنجوى
وقد شابت من الحَدَثان
وأبدى لي صفاءُ الوجه…ماتخفي من الأحزان
وأغراني الذي أدْريهِ أن أبكي
ولكني… ولكني .. ولكني ..
كتمت الدمع في عيني مع الثأر الذي أطويهِ في الوجدانْ ..
*******
نزيلُ السجن ياأحبابِ لم يرجع من "اللومان"
نزيل السجن ياأحباب .. مسجون ومجلود مدى الأزمانْ
ومهما عاد .. لكن عاد بين ضلوعه سجان
لأن أخاه قد قتلوه .. قد صلبوه .. قد حَرَقوه بالنيران
فعدت بنصفيَ المشلول لا فرحٌ ولا أحزان
وعدت ..
وإنما الثُّكْلُ الذي قد عادَ
والضغنُ الذي أُنمِيهِ في صدري على الطغيان
أخي دفنوه يا أحباب في قبر بغير تراب
أخي جروه .. ماغطوه، مالفوه في ثوب من الأثواب
أخي تركوه للغيلان
********
فلما عدت كان الموت في عيني بكل مكان
وأضناني التماسُ القبرِ حتى تهت في البُلدان
وغاض اللون من خدي ومن كفي
وأفرغت الدموع دما .. ولم تشفِ
وحتى عدت لم أعثر على ثوب يغطيهِ
سوى ثوبي
ولا قبر يواريه ..
سوى قلبي ..
ولا ذكرى سوى ثأري
ولا نسيان
*****
وعودٌ بالمنى في وجه أعدائي تداجيني
ونظراتٌ .. تداريني
ودجالون بالكلمات يغروني ..
ببرق خُلَّبٍ كذاب ..
وظنوا في ابتساماتي .. رضاً بسراب
وساموني رخِيَّ العيش بالأحباب ..
إلى أن ثارت الثوراتُ في صدري ..
وزادت زمَّةُ الغيظ الذي يطغى على صبري ..
وماج الموج في جنبيَّ…حتى أغرق الجنبين
ومد ذراعه الموار ملء السمع والعينين
ولم يُفضِل من الدنيا سوى ثأري ..
سوى ثأري .. سوى ثأري…
ولكني…ولكني ..
ولكن يا أصيحابي .. دعوني اليوم من ثأري…
ومن دمعي الذي يجري على صدري ..
دعوني من أخي المقتول…
دعوني من دمي المطلول…
دعوني… ثورتي ستطول ..
فثمةُ غدرةٌ أكبر ..
وثمة طعنةٌ أفجر ..
وثمة مصحف داسوه بالأقدام؛
أغلى من أخي المقتول ..
عدمتك ياجرابَ السيفِ بعد اليوم إلا سيفيَ المسلول
عدمتك أيها الدرع الذي يحمي
فلولَ الجبن في نفسي ..
عدمت كلامك المعسول
عدمت كلامك المعسول
عدمت كلامك المعسول!!
ـ[السراج]ــــــــ[29 - 07 - 2010, 09:20 م]ـ
لله درّك يا (جبلي)، إنّك تخفي الدُرر!
نصّ رائع، بمقومات عديدة أهمها صلابة المتكلم: الشاعر ..
ـ[الخلوفي]ــــــــ[29 - 07 - 2010, 11:02 م]ـ
سلمت اناملك أخي محمدا على النقل الجميل فلقد أبدعت في الاختيار
ـ[فتون]ــــــــ[30 - 07 - 2010, 06:35 ص]ـ
من جميل ما ورد في أبيات عبدالله ابن المبارك:
ذَهَبَ الرجالُ المُقتدى بفِعالهم /// والمُنكِرون لكل أمرٍ مُنكَرِ
في البيت الأول وصف الشاعر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم (وهذا الأغلب لأن عبدالله ابن المبارك من السلف ولم يسبقه إلا قلة من التابعين) بوصفين،
ففي الشطر الأول وصفهم بأنهم هم المقتدى بفعالهم، وفي الشطر الثاني بأنهم منكرون لكل أمر منكر، ونحن نعلم عظمة الصحابة وأنه يمكن وصفهم بعشرات الصفات ولكن الشاعر اكتفى بهتين الصفتين تمهيدا وإشارة لما بعده من أبيات وتعريضا بقومه وتوبيخا لهم، جميل جدا كون الشاعر حاذقا ولايأتي بالكلمة إلا في موضعها ولمقصد يريده.
وبقيت في خَلَفٍ يُزَيِّن بعضُهم /// بعضاً ليأخذَ مُعْوِرٌ من مُعْوِرِ
فعلا هاهم قومه ينكبون عن الاقتداء بالصحابة رضوان الله عليهم، ليأخذوا عمن لايقتدى بهم ولا يأخذ عنهم.
-ألا يحق للقارئ أن يتساءل لم كان هذا حال قومه؟؟ مالسبب؟؟
لم يخفى على الشاعر هذا التساؤل البدهي من قبل القارئ بعد كل هذا الوصف، ولكنه أخر الإجابة تشويقا، ولأن الإجابة هي غاية الشاعر من الأبيات؛
فتأخيرها بعد التمهيد والوصف والإشارة إليها يجعلها أبقى في النفس وهذا هو مراد الشاعر.
العِلم زينٌ للرجال مروءةٌ /// والعلم أنفع من كنوز الجوهرِ
ماعلاقة العلم؟؟ هل قل علم أولئك القوم ولذا كانوا كما كانوا؟؟
إشارة ثم ...
أَ أُخَيَّ إنَّ من الرجال بهيمةً /// في صورة الرجل السميع المُبصِرِ
عاد ليصف حالهم