ـ[محمد الجبلي]ــــــــ[01 - 09 - 2010, 04:25 م]ـ
عبرت في سطرين ما عبرت أنا به في أكثر من عشرة أسطر، صحيح أحيانا نحتاج للتفصيل
في الحديث هنا لكن الإيجاز حينما أتى في موضعه دل على التمكن.
شكرا لك
هذه القصيدة قرأتها كثيرا جدا وكل قراءة كنت أحاول استحضار ذلك الشعور الذي انتابني في القراءة الأولى , فبينا أنا منهمك متحمس لتلك المشاعر الصادقة تجاه المرثي والرغبة في الثأر وامتزاج الثبات بالدموع المخنوقة , وبتلك البراعة التي كان لصدق العاطفة فيها يد طولى يقول:
وغاض اللون من خدي ومن كفي
وأفرغت الدموع دما .. ولم تشفِ
وحتى عدت لم أعثر على ثوب يغطيهِ
سوى ثوبي
ولا قبر يواريه ..
سوى قلبي.
ولا قبر يواريه سوى قلبي
عبارة أنزلت العبرة فكل منا له غال ولا يمكن أن يكون قبره إلا في القلب , ينسى الإنسان ولا ينسى , ينسى بطبعه وهو الأصل لكن تظل في كل اوية وركن وشارع وحجر ورصيف وموقف وبرنامج تلفزيوني , أو حديث إذاعي , أو لون معين أو صنف من الطعام أو صديق لفقيدك
طعنة تطعنك في صميم قلبك فوالله حتى أن يومك يتحول إلى حزن ....
لي صديق مات كانت له حركة معينة في حاجبه تصدر منه تلقائيا , وكنا نتندر عليه بها ,,,,
أشفقنا على ابنه الذي لم يكن قد خرج إلى ضيق الدنيا يوم وفاة أبيه ولم نعلم بعد أنه ابنه أو بنته , وبعد سنين قليلة وجدت رأيت الوليد وهو ما زال غضا في الثالثة أو الرابعة برفقة عمه في السوق , عرفته طبعا وفرحت كثيرا فهو من صلب صديقي وداعبته وضحكت معه , لم يكن يشبه أباه كثيرا
وفي جنة الأنس بقرب ابن الحبيب نظر إلي الولد فإذا بحاجبه كحاجب أبيه , لقد أخذ عنه تلك الصفة , امتزج ضحكي بصراخ دمعة خنقتها في محاجري , ضاقت عليها المآقي لكنني قتلتها قبل أن تخرج ....
لهذا وجد قوله ولا قبر يواريه سوى قلبي من مشاعري كل هذا الاهتمام , تخيلوا كيف سار بي الشاعر بل كيف تبعته دون وعي إلى مخالجة الأحزان التي لا يفنيها النسيان , أحزان فقدان أحبة لا عزاء إلا الرجاء أن نلقاهم في مستقر رحمة الله ...
وزادت زمَّةُ الغيظ الذي يطغى على صبري ..
وماج الموج في جنبيَّ…حتى أغرق الجنبين
ومد ذراعه الموار ملء السمع والعينين
ولم يُفضِل من الدنيا سوى ثأري ..
سوى ثأري .. سوى ثأري…
كل هذا وأنا معك أيها الشاعر , أجدت إذ وصفت شعورا كل إنسان معرض لأن يمر به , لكن ليس كل إنسان قادر على وصفه , وليس كل منا يستطيع أن يجعل غيره يعيش معه الحدث
ولكني…ولكني ..
ولكن ماذا؟ ولكنك خائف؟ ولكن ماذا؟ ألم يفضل من الدنيا سوى ثأرك.؟
لماذا التردد إذن؟
ولكن يا أصيحابي .. دعوني اليوم من ثأري…
ومن دمعي الذي يجري على صدري ..
دعوني من أخي المقتول…
دعوني من دمي المطلول…
دعوني… ثورتي ستطول ..
ما أسرع تراجعك , قد أفاق قارئك من أضغاث لسانك , وانتبه من سحر بيانك
كنت أتساءل لم عدل عن ثأره؟ فلم يجبني إلا صوت في داخلي يقول:
فثمةُ غدرةٌ أكبر ..
وثمة طعنةٌ أفجر ..
صوت أحدث في صدري زلزالا
وثمة مصحف داسوه بالأقدام؛
هنا حيث ترخص الدماء وتهون الثارات
أغلى من أخي المقتول ..
هنا بكيت لأنني نسيت أن هناك ما هو أغلى وأقدس من دمائنا
ـ[فتون]ــــــــ[03 - 09 - 2010, 08:08 ص]ـ
جدا جميلة قراءتكم أستاذ محمد الجبلي
استمتعنا بها
وبها أثريت النافذة
ومكنتنا من إعطاء النص جزءا من حقه
وأكملت نقصا كان بقراءتي السابقة
فلك شكري ...
أظن أن هناك الكثير لدى رواد هذه النافذة والمشاركين فيها سواء بالنصوص أم بالتعليق وحتى المارين بصمت، ولكن نحن منه
محرومون لأسباب كثيرة منها أنني لم أجد العرض ...
ـ[فتون]ــــــــ[03 - 09 - 2010, 08:23 ص]ـ
ألم جديد مختلف عن كل الآلام؛ ذلك لأنه يتصل بنا نحن ويتحدث عن شيء من آلامنا ...
نص جميل وقراءة أجمل أخي السراج
آمل أن يبقى النص لحين عودتي عودة متأملة ...
لك شكري ...
ـ[السراج]ــــــــ[18 - 09 - 2010, 10:01 ص]ـ
تمضي جميلاً لكي توحي لأعيننا
ـ نحنُ الكسالى – جمال الموت في الوطنِ
تمضي .. جميلاً ..
في إشارة لرائحة الموت التي غالباً ما تكون قوية ويشوبها شيء من (الرعب)، لكن في حضور الاستشهاد وارتباطه بهذا (الطفل) قرنه - الموت - باالجمال؛ ألا ترى الابتسامة (العذبة)!
ثم ...
علاقة الإيحاء والجمال في مُضي هذا الطفل إلى الاستشهاد بنيران العدو، فها هو يمضي وجمال الصورة تضيء جوانب الخطوط والإطارات والإيحاء هُنا - لنا - بل هو إيقاظٌ لسباتنا وكأنها رعشة أن هبّوا فجميل أن تموت في سبيل الوطن!
وهو مازال يظنّ بنا خيراً (وكأنه يضمّن بيته عبارة: اللبيب بالإشارة يفهمُ، فهُنا يوحي لنا: لأعيننا، أن عينيّ لاتزالان في عبق الحياة، فالموتُ في سبيل الوطن حياة وجمال).
الشاعر جعل بين معترضتين صفة لحالنا المتردّي، لكنه (هذّب) اللفظ قليلاً رغم أنه بإمكانه الذهاب بعيداً في الصفة، فما من كسلٍ ولا من تعبٍ ونحنُ نرى الزهور تسقطُ في وحول الموت لكنه التخاذل والجُبن.
¥