تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومن مقاهي سيدي الحسين، من حدائق القناطر

من تُرَعِ النيل التي تركتها .. حزينة الضفائر

هذا خطاب عاجل إليك

من الملايين التي قد أدمنتْ هواك

من الملايين التي تريد أن تراك

عندي خطاب كله أشجان

لكنني .. لكنني يا سيدي

لا أعرف العنوان ..

الزرع في الغيطان، والأولاد في البلد

ومولد النبي،

والمآذنُ الزرقاء،

والأجراسُ في يوم الأحد

وهذه القاهرةُ التي غفت

كزهرة بيضاء في شعر الأبد

يسلمون كلهم عليك

يقبلون كلهم يديك

ويسألون عنك كلَّ قادم إلى البلد

متى تعود للبلد؟ ..

حمائم الأزهر، يا حبيبنا، تهدي لك السلام

معديات النيل، يا حبيبنا، تهدي لك السلام

والقطن في الحقول، والنخيل، والغمام

جميعها .. جميعها .. تهدي لك السلام

كرسيك المهجور في (منشية البكري) يبكي فارس الأحلام

والصبر لا صبر له ..

والنوم لا ينام ..

وساعة الجدار، من ذهولها، ضيعت الأيام

يا من سكنتَ الوقتَ، والتاريخ، والأيام ..

عندي خطاب عاجل إليك ..

لكنني يا سيدي .. لا أجد الكلام

الحزن مرسوم على الغيوم، والأشجار، والستائر

وأنت سافرت .. ولم تسافر ..

فأنت في رائحة الأرض، وفي تفتح الأزاهر ..

في صوت كل موجة، وصوت كل طائر ..

في كتب الأطفال، في الحروف، في الدفاتر

في خضرة العيون، وارتعاشة الأساور ..

في صدر كل مؤمن، وسيف كل ثائر

عندي خطاب عاجل ..

لكنني .. لكنني يا سيدي

تسحقني مشاعري ..

يا أيها المعلم الكبير

كم حزننا كبير

كم جرحنا كبير

لكننا ..

نقسم بالله العلي القدير

أن نحبسَ الدموعَ في الأحداق

ونخنق العبره ..

نقسم بالله العلي القدير

أن نحفظ الميثاق

ونحفظ الثوره ..

وعندما يسألنا أولادنا

من أنتمُ؟

في أي عصرٍ عشتمُ؟

في عصر أي ملهمٍ؟

في عصر أي ساحرِ؟

نجيبهم: في عصرِ عبد الناصرِ

الله .. ما أروعها شهادة

أن يوجد الإنسان في زمانِ عبد الناصرِ

ـ[مُسلم]ــــــــ[15 - 05 - 2010, 02:01 م]ـ

محمد مهدي الجواهري

أكبرتُ يومكَ أن يكون رثاءَ

أكبرتُ يومَكَ أن يكون رثاء

الخالدون عهدتُهم أحياءَ

أَوَ يرزقون؟ أجلْ، وهذا رزقهم

صنو الخلود وجاهةً وثراءَ

قالوا الحياة فقلت دينُ ُ يُقتضَى

والموتُ قيلَ فقلتُ كان وفاءَ

يا قائد الجيش الشهيد أمضَّه

شوقُ ُفزار جنودَه الشهداءَ

أكبرت يومك أن يكون رثاءَ

أجعلت منه موعداً ولقاءَ؟

أبرفرف الخلد استفزك طائفُ ُ

لتسامر الخلصانَ والخلطاءَ؟

أم رمتَ جمعَ الشمل بعد تفرق؟

أم أن تثيرَ كعهدِكَ الشعراءَ

يا أيها «النسر» المحلق يتقي

فيما يميل عواصفاً هوجاءَ

ينقض عجلاناً فيفلت صيده

ويصيده إذ يحسنُ الإبطاءَ

أَثنى عليك .. وما الثناء عبادة

كم أفسد المتعبدون ثناء

ديةُ الرجالِ إساءتان ... مقلل

وأساءَ، جنب مكثر وأساء

لا يعصم المجدُ الرجالَ، وإنما

كان العظيم المجد والأخطاءَ

وإذا النفوس ترفعت لم تفتكرْ

لا الا نتقاصَ بها، ولا الإطراءَ

لا يأبه البحرُ الخضمُّ روافداً

يلقي، ولا زبداً يطير غثاءَ

لم يَخْلُ غابُ ُلم يحاسب عنده

أسد، بما يأتي صباح مساء

تُحْصَى عليه العاثرات، وحسبه

ما فات من وثباته الإحصاء

قد كنتَ شاخصَ أمةٍ، نسماتها

وهجيرها، والصبح، والإمساءَ

ألقتْ عليك غياضَها، ومروجَها

واستودعتْكَ الرملَ، والصحراء

كنتَ ابنَ أرضكَ من صميم ترابها

تُعطي الثمارَ، ولم تكن عنقاءَ

تتحضن السراء من أطباعها

وتلمُّ رغم طباعك الضَّراءَ

قالوا: أبُ ُبر فكانت أمة

ألفاً، ووحدك كنت فيها الباءَ

خبطت كعشواء عصوراً، وانثنت

مهزومة، فأثرتها شعواءَ

وأنرتَ درب الجيل شاءت دربه

حيل الطغاة عميةً تيهاءَ

وعرفتَ إيماناً بشائر وعيه

إذ كان يعرف قبلها إغراءَ

وانصعتَ في سودِ الخطوب لئيمةً

تسدي طلائعه يداً بيضاء

وبرمتَ بالطبقات يحلب بعضُهَا

بعضاً، كما حلب الرعاةُ الشاءَ

ووددتَ لو لم تعترف شريهما

لا الأغنياءَ بها ولا الفقراءَ

وجهدت أن تمضي قضاءك فيهما

لتشيد مجتمعاً يفيض هناءَ

أسفاً عليك، فلا الفقير كفيتَه

بؤساً، ولا طلت الغنيَّ كفاءَ

قد كان حولك ألفُ جار يبتغي

هدماً، ووحدَكَ مَنْ يريد بناء

لله صدرك ما أشدَّ ضلوعه

في شدة، وأرقهن رخاءَ

تَلِجُ السياسة في تناقض حالها

فتطابقُ العزمات والآراءَ

كراً وإحجاماً، ورقةَ جانب

وصلابةً، وسلاسةً ودهاءَ

وأريت في «أسوانَ» قدرةَ ساحرٍ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير