وربيبة «الهرمين» شاخَا إذهما
يتبنيانك صبوةً وفَتَاءَ
تلقين في السراء سحرك كله
وتموعين بصبرك الضراءَ
وتمِّونينَ الدهر سبعاً خصبة
يكفي بها سبعاً له جدباءَ
مشت القرون وخلَّفت أسحارها
ترمي عليك الطل والأنداءَ
والصبح يصبغ وجنة مشبوبةً
والليل يكحل مقلة وطفاءَ
والشمس تلفح سمرة عربيةً
والنجم يُرقص قامةً هيفاءَ
ودرجتِ في حقل «الحضارة» غضةً
وبدأتِه تفاحة خضراءَ
ولممت عن جنبيه أزهار الربى
وجلوتهن جنائناً غلبياء
أسكنتهن الشعر والشعراء
والعلم، والعلماء، والحكماءَ
شعي برغم الداجيات، وزحزحي
عنها، وزيدي بهجة ورواءَ
وتماسكي، فلقد صمدت لمثلها
وأمرَّ، ثم أطرتهن هباءَ
شعي فقارات ثلاث تجتلي
عبر العصور سراجك الوضاءَ
يا «مصر» أحرفك الثلاثة كُنَّ لي
لولا الغلو الوجدَ والإغماءَ
عشرين عاماً لم أزرك، وساعة
منهن كانت منية ورجاءَ
لم .. ؟ لستُ أدري غير أن قصائداً
عشرين لم تشفعْ لديك لقاءَ
ناغيت فيها شعب مصر وهجته
ورجوته أن يركب الهيجاءَ
وشجبت «فرعونا» يتيه بزهوه
ينهى ويأمر سادراً ما شاءَ
وظللت أحسد زائريك، وخلتني
رتعاء، تحسد أختها العجفاء
من كل حدب ينسلون، ولم أكن
- وهواك - فيهم نسلة نكراء
وهبي ثقيلَ الظل كنتُ فلم أُطَقْ
أفما أَطقتِ - فديتُكِ - الثقلاءَ
دللت فيك أبوة عهدي بها
علم اليقين تدلل الأبناءَ
يا «مصر» لي وطن أجل عطاء ه
ويحب فيَّ سماحةً وعطاءَ
يغشى الدروب علىَّ حتى إنني
لأكاد أفقد في الزحام رداءَ
سرنا على درب الكفاح من انجلى
فجر الكفاح بجوه وأضاءَ
متجاوبين مدى الأبيد أهزه
إيثارة، ويهزني إيحاءَ
للموت أحدو والشهادة أهله
أترى وُجْدِْتُ لأذبح الشهداءَ؟
وبمصر لي وطن أطار بجوه
ما لا أطار بغيره أجواءَ
أجد العوالم كلها في سفحه
سبحانَ خالقِ كونهِ أجزاءَ
ياسدرةً في المنتهى لم تعترفْ
إلا ا لظلال الخضر والأفياءَ
عاطي ظلالك «ناصرا» فلطالما
عاطَى الجموع ظلاله وأفاءَ
وعليك يا فخرَ الكفاح تحية
في مثل روحك طيبةً ونقاءِ
إن تَقْضِ في سوح الجهاد فبعدما
سعَّرْتَ فيها الرمل والرمضاءَ
ولقد حملتَ من الأمانة ثقلها
لم تُلقها برماً ولا إعياء
نمْ آمناً ستمد روحُكَ حرةً
وسط الكفاح رفاقَك الأمناءَ
ـ[مُسلم]ــــــــ[15 - 05 - 2010, 02:03 م]ـ
فدوى طوقان
مرثية الفارس
- 1 -
مهرجانُ الموت في الذرو، عَمَّانُ استحالتْ
فيه تابوتاً وقبراَ
والطواغيت سكارى منتشون
بالذي فاضَ به بحرُ الجنون
فشباك الصيد ملأى
ألف مذبوح وألفان والآف ... ألا هل من مزيد
هاتِ يا بحرَ الجنون
شهوةُ الموت تلظتْ. هاتِ. والمائدة امتدتْ
وخمر الدم تُحْييهم وهذا اليوم عيد
هاتِ من صيدك يا بحر فهذا اليوم عيدُ ُأيُّ عيد
في احتدامِ الدم والنار وطغيان الجنون
بَسَطَ الفادي نبيُّ الحب كفيه علينا
وافتدانا
(آه ما أغلى الفداء!)
واشترانا
(آه ما أغلى الثمن!)
وعلى وخز مسامير الألم
وعلى وخز سكاكين العياء
أسندَ الرأسَ وأرخَى هدب جفنيه ونام
وبعينيه رؤى الحب وأحلام السلام
- 2 -
آهِ ما آنَ له أن يترجلْ!
والتوتْ فوق أساها الفرس الثكلى وتاهت مقلتاها
في الخضم الآدمي الهادر المسحوق، من يفدي فتاها
من يفك الفارسَ الغالي المكبلْ
من أسارِ الموتِ -
من يرجعه العاشق المدنف للصهوة للساحة للراية
من يرجعه!
والتوت فوق أساها الفرس الثكلى وعَرَّت حزنها
آهاً فآهاَ:
من يفك الفارس الغالي المكبلْ
آهِ ما آن له أن يترجلْ
قالت الريح: سيأتي
موتُه الميلاد. لا بد سيأتي
وتصادى صوتُها الواثق في كل مدى
في رُبَى مكة دَوَّى
في رحاب القادسية
في ضفاف النيل في اليرموك في القدس السبية
في ربى الأندلس الخضراء في حطين دَوَّى:
موته الميلاد لا بد سيأتي
في يديه الشمس - ذات الشمس - في
مقلتيه الوجد - ذات الوجد - والعشق المعني
من جراح الأرض يأتي
من سنين القحط يأتي
من رماد الموت يأتي
موته الميلاد لا بد سيأتي
ـ[مُسلم]ــــــــ[15 - 05 - 2010, 02:06 م]ـ
محمود حسن إسماعيل
1 - من لحظة الحزن العظيم
وفي لحظةٍ .. أسقط الغيبُ فيها على كل شئ أسى لا يراه
عميق .. عميق .. كجبِّ الظنون، على كل حس
تلاشى مداه
سحيق .. سحيق .. كما لو نزحت من الروح كل
حياة الحياه
وطير يحط بلا أي غصن على شجر موغل في كراه
¥