تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وفي الأبيات الأخيرة من (17 - 22) ترى انتقالة إلى الحديث عن فلسطين، وفيها يخاطب الشاعر ابن زيدون، ويناشده أن يعينه بيانه فيما يواجهه من محنة، فهو بين فردوس مفقود ضيع فيه الحلف مجداً عريقاً وعزاً شامخاً، وخلف آثاراً تتجاوب أحجارها وجدرانها بالبكاء لما نزل بها – بين نكبة الماضي ونكبة أخرى في فلسطين، يخشى أن ينتهي أمرها بما انتهى إليه أمر الأندلس، ويقف منها العرب عند الرثاء والأحزان، ولكن الحرب سجال، وعسى أن يجعل الله بعد العسر يسرا، وبعد الهزيمة فتحاً ونصراً ..

وفي الأبيات الأخيرة من (17 - 22) ترى انتقالة إلى الحديث عن فلسطين، وفيها يخاطب الشاعر ابن زيدون، ويناشده أن يعينه بيانه فيما يواجهه من محنة، فهو بين فردوس مفقود ضيع فيه الحلف مجداً عريقاً وعزاً شامخاً، وخلف آثاراً تتجاوب أحجارها وجدرانها بالبكاء لما نزل بها – بين نكبة الماضي ونكبة أخرى في فلسطين، يخشى أن ينتهي أمرها بما انتهى إليه أمر الأندلس، ويقف منها العرب عند الرثاء والأحزان، ولكن الحرب سجال، وعسى أن يجعل الله بعد العسر يسرا، وبعد الهزيمة فتحاً ونصراً ..

ثم تلوح له أشعة الأمل في مستقبل عزيز كريم، فيناجي ابن زيدون .. قائلاً: طب نفساً يا أبا الوليد، عقدنا العزم أن نصل مجد الماضي بعظمة المستقبل، ولنا مع الأعداء موعد، وعلى طريق الثأر صراعٌ نحقق فيه الأمل ونبرهن على أننا جديرون به، فلقد وحدتنا جراح الهزيمة، وجمعنا الثأر على وحدة الشعور وإرادة النصر، وعلى إنقاذ القدس من مأساتها بالدماء والأرواح.


هذه أبيات قيلت بعد النكسة، وضمها الشاعر إلى الأبيات السابقة التي أعدها بعد زيارته للأندلس، وأوحى إليه بذلك أنه رأى في مأساة فلسطين صورة قريبة من مأساة العرب في الأندلس.

ونرى في الأبيات عاطفة ثائرة محتدمة على ما يشاهد من خلاف في العالم العربي، وقد دفعته هذه العاطفة أن يمر بالنكبة مروراً سريعاً يصور حاضر العرب تصويراً لاذعاً عندما قال اليوم صرنا لأهل الشرك عبدانا). ولكن الشاعر بعد ذلك كله متفائل وواثق من الغد، مستبشر بنصر قريب ومن الصور الجزئية في هذا المقطع الاستعارة في قوله: (وقد تناوح أحجاراً وجدرانا) لشدة الكارثة التي حلت بها، وفي لهفي على القدس في البأساء دامية) وقد صورت صورة القدس جريحةً، تدمى كلومها، فعطفت عليها القلوب واستثارت فيها نوازع الحماسة لإنقاذها.

ومن التشبيه فيهاهذي فلسطين كادت تكون أندلساً) وهو تشبيه بليغ يدفع إلى التنبه، واليقظة، والحذر من وخامة العاقبة، و (صرنا لأهل الشرك عبدانا) وهو كذلك تشبيه بليغ، لاذع يريد به الشاعر أن يستنهض العزائم، لتدارك الموقف.

وقوله والأرض كانت لخيل الله ميدانا) وهي تدل على كثرة الحروب وسعة السلطان.
وألفاظ الأبيات ملائمة لفكرتها والأسلوب خبري يتخلله النداء، وفي البيت الثامن عشر اعتراض يبعث على الأمر، هو قوله: (والوغى دول) كما أن في البيت التاسع عشر مطابقة، تعرض حالة من الماضي إلى جانب حالة مضادة لها من الحاضر والتأليف بينهما يفجر في النفس شعور الأسى والمرارة .. ولا يفوته أن يختم الأبيات بالحديث عن القدس؛ لما لها من مكان في قلب كل عربي وكل مسلم.

التعليق العام:
بعد دراسة هذه القصيدة ترى أنها تعرض صفحتين من التاريخ العربي: الأولى من الماضي البعيد وقد عرض فيها مأساة العرب في الأندلس، والثانية من الماضي القريب، وقد عرض فيها لنكبة فلسطين ..

ويمكنك أن تلاحظ فيها المميزات البلاغية الآتية:
أن الشاعر – فيما عرض – يستمد مادته الفكرية من التاريخ العام والأدبي، ومن مشاهدته وخبرته، كما يستوحي قراءاته الشعرية من القديم والحديث.
وتمتاز قصيدته، مع ذلك، بالصدق العاطفي؛ لأنه يمزج فكرته بوجدانه، فتبدو فيها الذاتية إلى حد كبير.

وقد اعتمد في إبراز عاطفته على الصور الجزئية، وبعض ألوان المجاز، كما اعتمد بدرجة أقل على إيحاء الألفاظ، ومن صوره ما سبق إليه الشعراء.
وتعوز القصيدة الوحدة العضوية، لأن التسلسل الفكري فيها غير قوي، فهو يحدثك عن فرسان العرب الأبطال، وما أثل من مجد، ثم ينتقل إلى قرطبة، وعندئذ يعود بك إلى شيء من الأمجاد التي يرجع إليها في عرض مأساة فلسطين.

وفيها تكرار للخواطر، تلمح في الحديث عن الأندلس في مطلع القصيدة ثم عن قرطبة، وتكرار للمشاعر والألفاظ.

و من الملامح الأدبية في هذه القصيدة ما يأتي:
اختار الشاعر لقصيدته عنواناً على نمط ما يرى في الشعر الحديث، وقد يكون العنوان جديداًُ، ولكن الموضوع قديم، فقد وقف البحتري على الآثار يبكيها، وكان من أغراض الشعر الأندلسي رثاء الممالك الزائلة، وفي العصر الحديث تناول موضوع القصيدة شوقي، وعلي محمود طه.

يصلح العنوان لما قيل عن الأندلس، ولا ينطبق على فلسطين وعما يرجى من عودة قريبة إليها.

إن وزن القصيدة واحد، وقافيتها واحدة، وفيها روح ابن زيدون وما عرف به من سلاسة و عذوبة ووضوح.

تندرج القصيدة تحت أدب القومية العربية، وأدب التحرير.
من أخص المميزات الفنية في النص: إن الألفاظ نقية، و العبارات ناصعة سلسة في قوة، وإن المعاني واضحة بين اللفظ والفكرة والجو الشعوري في كل مقطع.

منقوووووول.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير