تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[السراج]ــــــــ[30 - 09 - 2010, 05:11 ص]ـ

الموت ُ ليس هزيمةً لمظفرٍ ... دأبت مآثرُه على إحيائه

في هذا البيت بثّ الشاعر حقيقة طالما سبك الشعراء منها أبياتاً عدّة ومعانٍ متراكبة ويتراءى لي بيت أبي تمام الذي وضعه في آخر قصيدته الحزينة على استشهاد الطوسي:

عليك سلام الله وقفاً فإنني ** رأيتُ الكريم الحرّ ليس له عمرُ

وهنا، بعدما تكثّفت ألفاظ الحرب والمعارك حتى خشينا (أن تلامسنا) شيء منها، تكثّفت في أبيات قليلة بل بيتين؛ كان لابد من ذكر هزيمة وانتصار نتيجة لها.

من يبقى اسمه في الحياة؟

مظفّر، دأبت أعماله ومآثره وأقواله تُعيد اسمه على الألسن وتحييه في نفوس الناس وإن سقط مهزوماً في هذه المعركة (التي لا يفلت منها أحد).

الجمال في: التشبيه الحركي (التشخيص) الذي جعل من المآثر (لاحظ أنها جاءت جمعاً لكثرتها) إنساناً في حركة دؤوبة ومنتظمة.

ـ[عامر مشيش]ــــــــ[30 - 09 - 2010, 03:12 م]ـ

أستاذي السراج، جزاك الله خيرا.

نثرك دائما بديع، والدرُّ درٌّ إن كان منظوما أو كان منثورا.

الجمال في: التشبيه الحركي (التشخيص) الذي جعل من المآثر (لاحظ أنها جاءت جمعاً لكثرتها) إنساناً في حركة دؤوبة ومنتظمة.

أحسنت أخي السراج.

صورت لنا صورة متحركة بديعة، لم أكن منتبها لها قبل.

فعلا قد أدت هذه الكلمة "دأبت" إلى الصورة الدؤوبة المنتظمة المتجددة لذلك الإنسان.

بوركت، بوركت، بوركت.

ـ[السراج]ــــــــ[04 - 10 - 2010, 07:58 ص]ـ

لم يبن مثلك في الأعالي موطنا ... ملأ الزمانَ بأرضه وسمائه

فانعم فإنك لست بالرجل الذي ... يفنى جميلُ صنيعِه بفنائه

فالسيف_ أعواماً_ يلازم غمدَه ... ودمُ الأعادي شاهد ٌ لمضائه

على خُطى أبي تمام (عليك سلام الله وقفاً فإنني ** رأيتُ الكريم الحرّ ليس له عُمر)، هذا المعنى يختصر ائتلاف الأبيات الثلاثة وتوحّدها وإن تلوّن كلّ منها بشرائط المعاني ودقّة التصوير، وإن وجدتَ في كل بيتِ منها ما يأخذ عنك فكرة براقة تقترب حيناً من الشاعر وحينا آخر من الشاعر (المرثي)!

ربطاً بما سبق فمن الأحياء من هم موتى بفعالهم ومسح أسماءهم.

مازالت معالم (مجدُ الأدب) حيثُ الأعالي شامخاً ببنائه، وهذا البناء لا زال إشارة موضع وأثر خطوة لم تمحُها الريح (وهنا يقصدُ القصائد التي ملأت الأرض بجمالها) فالموطن الذي بناه موطن الأدب. وهو موطن أراده – الشاعر – حيوياً أكثر كي يتكيف مع الأجسام فيحوي ويتسع ويضيق ويسترسل وينقد ويفرح – هو من الآخر روعة الشعر!

وهنا في البيت الثاني: إن الصنيع الجميل يبقى وإن وري صاحبه الثرى (وهو الكريم الحر عند أبي تمام). لازمتْ هذا الصنيع في هذا البيت أسلوباً نستخدمه كثيراً حين نُسرّ بشخص ونجلّه (فانعم) التي دفّقت ما في حنايا شاعرنا من احترام للفقيد بتصدرها هذا البيت وإزالة حجاب الفقد (الخطاب المباشر).

ماذا بقى:

بقى أن يرسل ذلك المعنى في غلاف مُحكم من زهوٍ ومن خيالٍ ومن رونق يُكمل به معناه الذي أراده (والذي اتفقنا عليه). حينها انتقى شيئاً من بلاغة وبالأقرب من التشبيه الضمني الذي أراد به أن يُكني مع إصابة المقصود.

واختار آلة القوة – السيف – ورصّع المعنى باعتراض رائع - أعواماً – دليلاً على فترة زمنية طويلة، ثم أردف بملازمة بيته، وما يدلّ على قوته ومضائه وحدّته دماء الأعادي التي تسيل فهي الشاهد (وهنا نستطيع استجلاب عبقرية الشاعر فكان بإمكانه قول – دليلُ مضائه – لكنها كانت لا تؤدي معنى (الحيوية) والجمال أكثر من شاهد الذي له عينٌ وفمٌ فيروي ما شاهده).

ـ[السراج]ــــــــ[15 - 10 - 2010, 12:41 م]ـ

وتصحَّرت لغةُ الحديثِ فأصبحت ... تنداحُ من ألف النشيج ليائه

هو الشعر المقصود لا جدال ..

هو الشعر الذي أثار ضجيجاً متواصلاً، أما شاعرنا فظلّ ممسكاً بسيف القدماء وترس المحدثين بجمال اللفظ ورشاقة المعنى وانسياب ماء الكلمات دونما حاجز ودون إغلاقٍ لفكرة بضبابية الخيال المفرط أو أستار التعقيد.

ظلّ مع عمود الشعر، واللغة الريانة الوارفة الظلال في قصائده التي طارت في الآفاق كطائرات ورقية ...

الآن يقول الشاعر: حكم على الشعر بخلوّه من الإبداع وأصبحت لغته (متصحرة) فلا ماء يرويها - كما كان يفعل القصيبي - فتغدو جميلة عذبة بحروفها تنسال في هدوء.

وكان لابد من فعلِ الاتساع فهي الآن صحراء لا تطلبُ إلا ما حولها كي تستولي عليها، ودائماً كان الجمال في القليل وهاهو يصدّر شطر البيت بلفظة توحي على الابتعاد والتلاشي وأغلب ظني أنه أراد أن الكلمات (انداحت) من المقدمة والجمال وغيرها من الصفات إلى الأخير والنهاية. لذا اقترنت بالنشيج الحزين.

..

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير