تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أما "جانيت كوك" الصحفية الأمريكية الشابة فنشرت في "واشنطن بوست" موضوعًا مؤثرًا عن طفل عمره 8 سنوات مدمن للهيروين بسبب قسوة صديق أمه، وزعمت أن صديق الأم هددها ألا تذكر اسم الطفل ولا أي معلومات عنه وإلا قتلها، ووزعت الصحيفة 892 ألف نسخة وتفاعل الرأي العام مع القصة، وعرض أحد الأثرياء تبني الولد، وادعى مسئول الشرطة أنه بصدد القبض على صديق الأم، بل حصلت الصحفية الشابة على جائزة بوليتزر في التميز الصحفي. ولكن بعد فترة بدأت تقاريرها عن الطفل تتضارب وتتناقض، فطالبها الرأي العام بالكشف عن اسمه، وحققت معها الصحيفة لمدة 8 ساعات انتهت باعترافها بأنها لفقت الموضوع من الألف إلى الياء!

ضرب المحبة!

وكثيرا ما يكون "ضرب" الصحافة سببه الحب والقلب الطيب، يحكي الصحفي المصري إسماعيل النقيب أنه كان يحب الأديب المصري الكبير يحيى حقي بشدة، وعلم منه أنه يحلم بأن يكون عضوًا بالمجلس الأعلى للآداب والفنون والعلوم الاجتماعية، وفي إحدى المرات وصل إلى صحيفة "الأخبار" التي يعمل بها النقيب خبر بالأسماء المرشحة لعضوية هذا المجلس وليس من بينها يحيى حقي، ودون أن يلاحظ أحد أضاف النقيب اسم الأديب يحيى حقي للأسماء الثلاثة المذكورة، فما كان من المسئولين عندما قرءوا الجريدة في اليوم التالي إلا أن أضافوا الأديب الكبير، معتقدين أن الخطأ كان من جانبهم في نسيان اسمه في الخبر الذي وزع على الصحف!

أما الكاتب الساخر المصري أحمد رجب فقد ألّف رواية أسماها "الهواء الأسود" في أقل من ساعة وكانت تتكون من جمل وعبارات غير متناسقة ولا مترابطة ولا حتى تؤدي إلى معنى مفيد، وكان هدفه من ذلك السخرية من تيارات العبث واللامعقول التي انتشرت وقتها، ثم بعث بها إلى مجلة الكواكب مدعيا أنها لمؤلف أجنبي يدعى فريدريك دون مارث.

وطافت الرواية على عدد من كبار النقاد الفنيين والأدباء في مصر، فقال عنها سعد أردش بأنها رواية عالمية، وبالغ عبد الفتاح البارودي فقال: هذه هي الدراما!، في حين وصفها د. عبد القادر القط بأنها تعبر عن مأساة الإنسان في القرن العشرين، واتفق معه في الرأي رجاء النقاش الذي رأى أنها تشرح بوضوح أزمة الإنسان المعاصر ... ثم كانت صدمة الجميع عندما أعلن أحمد رجب أنه المؤلف الحقيقي للرواية العبثية!

صور مقلوبة

والصور المقلوبة ليست فقط عنوانا لكتاب الساخر الكبير أحمد رجب، ولكن لما تعرض له شخصيا، فقد أجرت صحيفة عربية حديثا مطولا معه ثم نشرته مرفقا به صورة لزعيم المافيا الشهير "جياكومو منجوزي" الذي يشبهه بدرجة كبيرة، واعتذر مكتب القاهرة لهذا الخطأ في العدد التالي، ونشر صورة صحيحة لأحمد رجب ولكنهم كتبوا تحتها "جياكومو منجوزي"!

واستقبلت دولة عربية رئيس إحدى دول أمريكا اللاتينية فنشرت الصحف صورة للرئيس السابق الذي أطاح به الرئيس الجديد في انقلاب عسكري -انقلاب بجد وليس انقلاب العسكري من على الموتوسيكل! - وغضب الضيف بشدة واعتبرها إهانة معتقدًا أن الصحف تتعمد الاحتفاء بخصمه اللدود، وكاد يلغي زيارته احتجاجا، وتبين فيما بعد أن الأرشيف لم يكن به صور للرئيس الجديد.

"آلو .. ممكن أكلم المرحوم! "

و"المقالب" الصحفية التي تكاد تكون جزءًا من الحياة اليومية للصحفيين هي في كثير من الأحيان السبب في الأخطاء الفادحة.

وممن ذاقوا مرار المقالب الصحفية إسماعيل النقيب، وكان وقتها مندوبًا لجريدة "الأخبار" في وزارة الري، إحدى الوزارات التي تندر فيها الأخبار الكبيرة والعناوين الرئيسية الحمراء، واستغل زميلان له سفر وزير الري إلى طنطا بشكل مفاجئ وتركا له ورقة في الاستعلامات بتوقيع مكتب الوزير، وفيها أن الوزير قرر أن يوزع "مليون" فدان على الفلاحين من طرح النهر مجانا! وأعطى الصحفي الكبير لخبرته الصحفية إجازة مفتوحة فرحا بالخبر الذي سيحتل عناوين الصحيفة، وقدمه لمدير التحرير، وهنا فقط وقبل أن تقع الفأس في الرأس كشف الزميلان عن المقلب، وتذكر النقيب أن أراضي طرح النهر تؤجر لأنها غير ثابتة، كما أن الرقم مبالغ فيه للغاية، وسحب الخبر بعد أن كاد يفتك بهما واستطاع معالجة الخطأ قبل حدوثه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير