تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

من أسماء الله الحسنى خواصًا تتعلق به، وقد تنبه إلى ذلك منذ 900 عام تقريبًا حجّة الإسلام أبوحامد الغزالي في كتابه (المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى) فكتب في نهاية شرحه لكل اسم، تنبيهًا يقول فيه: (وحظ العبد من هذا الاسم أن يكون كذا وكذا ... ) يتفق العلماء على أن من أسمائه تعالى ما لا يجوز إطلاقه على غيره سبحانه ... كالله والرحمن ... كما لا يجوز التخلق بهذين الاسمين، وإنما يجوز التعلق بهما، ومن أسمائه تعالى ما يجوز للمسلم أن يأخذ من أخلاقها كالرحيم والكريم ... ومن الأسماء ما يباح ذكره وحده كالعظيم والشكور، ومن الأسماء ما لا يباح ذكره وحده كالمميت والضار، فلا يقال يا مميت يا ضار، وإنما يقال يا محيي يامميت، يا نافع يا ضار، تأدبا في حقه تعالى، وتفاديا من إيهام ما لا يليق بجلاله سبحانه. ومن المتفق عليه أيضا أن ما نعرفه نحن كبشر من أسماء الله تعالى، ليس هو كل أسماء الله تعالى، فإن لله عز وجل أسماء لا يعلمها إلا هو، أسماء استأثر بها في علم الغيب وحده ...

ومن أحاديث الرسول أنه كان يدعو الله بقوله: (أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وذهاب همِّي، وجلاء حزني). وقد فهم العلماء من هذا الحديث أن لله تعالى أسماء لم يطلع عليها أحدًا من خلقه. أول ما نعرفه من أسماء الله الحسنى ... هو الله. قال تعالى: (وما من إله إلا الله) (آل عمران 62). و (الله) في العقيدة الإسلامية هو اسم رب العالمين سبحانه وهو اسم لمن انفرد بالوجود الحقيقي، وهو أعظم الأسماء التسعة والتسعين، لأنه دلّ على الذات الجامعة لصفات الألوهية كلها، أما سائر الأسماء فتدلُّ على معان منفردة كالعلم والقدرة، وهو أخص الأسماء فلا يطلق على غيره سبحانه، لا من باب الحقيقة ولا من باب المجاز ... واسم الله أشهر الأسماء، وهو المستغنى عن التعريف بغيره، فنحن ننسب غيره من الأسماء إليه، ولا ننسبه إلى الأسماء، فنقول: أن الصبور والرحيم والشكور من أسماء الله، ولا نقول أن الله من أسماء الصبور أو الرحيم أو الشكور ... وقد اختلف العلماء هل الاسم مشتق أم لا ... قيل أنه مشتق من إله ... أي المتأله المتعالى الذي لا يحكمه أحد ويحكم كل أحد ... وقيل انه مشتق من الوله ... أي الذي يتوله في حبه أهل محبته ... وقيل أنه مشتق من الهوية، إذ يشير كل ما في الكون إليه ... فلا إله إلا هو ... وفي العلماء من يعتقد أن كل ما ذكر في اشتقاقه وتصريفه تعسف وتكلف كالإمام الغزالي. ويرى بعض العارفين أن كل اسم من أسمائه تعالى يصلح للتخلق به إلا هذا الاسم ... فإنه يصلح للتعلق دون التخلق ... روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أصدق بيت قالته العرب قول لبيد: ...... إلا كل شيء ما خلا الله باطل). "المذكور الشطر الثاني للبيت وهو المطلوب". فائدة وعن الإمام مالك رضي الله عنه قال: (إنما لم يُرَى الله في الدنيا لأنه باق، ولا يُرَى الباقي بالفاني، فإذا كان في الآخرة ورُزِقوا أبصارًا باقية ... رُؤيَ الباقي بالباقي).فائدة لماذا يريد الله منا أن نحبه، إلا إذا كان سبحانه وتعالى قد سبقنا بالحب. لا أحد من أحد أن يحبه إلا إذا كان يسبقه بفضل الحب، فما بالك بخالق له فضل الخلق إبتداء والإيجاد والإنعام والبعث إنتهاء. فائدة في أسماء الله الحسنى

نسوق إليكم هذا المثال حول الأسماء وصفاتها: فلو أحضرنا نارًا في موقد (نعلم أن من صفات النار الحرارة والسخونة)، ووضعنا على هذا الموقد المشتعل قِدرًا مملوءًا بالماء ... فبعد فترة وجيزة سيسخن هذا الماء، وسوف نطلق عليه ونقول: هذا ماء حار أو ساخن ... فالماء لم يتحول إلى نار ... ولكنه أخذ صفة من صفات النار - وهي الحرارة أو السخونة.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير