ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[16 - 08 - 2007, 03:28 م]ـ
ص 39
ولو أن كل فريق من هؤلاء أمر أن يزول عن لغته وما جرى عليه اعتياده طفلا وناشئا وكهلا لاشتد ذلك عليه وعظمت المحنة فيه / ولم يمكنه إلا بعد رياضة للنفس طويلة، وتذليل للسان وقطع للعادة فأراد الله برحمته ولطفه أن يجعل لهم متسعا في اللغات ومتصرفا في الحركات كتيسيره عليهم في الدين حين أجاز لهم على لسان رسوله صلى الله عليه أن يأخذوا باختلاف العلماء من صحابته في فرائضهم وأحكامهم وصلاتهم وصيامهم وزكاتهم وحجهم وطلاقهم وعتقهم وسائر أمور دينهم.
ص 42
كل ما كان منها موافق لمصحفنا غير خارج من رسم كتابه جاز لنا أن نقرأ به وليس لنا ذلك فيما خالفه لأن المتقدمين من الصحابة والتابعين قرأوا بلغاتهم وجروا على عادتهم وخلّوا أنفسهم وسوم طبائعهم فكان ذلك جائزا لهم ولقوم من القراء بعدهم مأمونين على التنزيل عارفين بالتأويل فأما نحن معشر المتكلفين فقد جمعنا الله بحسن اختيار السلف لنا على مصحف هو آخر العرض وليس لنا أن نعدوه كما كان لهم أن يفسروه وليس لنا أن نفسره.
ولو جاز لنا أن نقرأه بخلاف ما ثبت في مصحفنا لجاز أن نكتبه على الاختلاف والزيادة والنقصان والتقديم والتأخير وهناك يقع ما كرهه لنا الأئمة الموفقون رحمة الله عليهم.
ص 49
ولو أن رجلا كتب في المصحف سورا وترك سورا لم يكتبها لم نر عليه في ذلك وَكْفا إن شاء الله تعالى
ص 51
وكان الحجاج وَكَل عاصما وناجية بن رمح وعلي بن أصمع بتتبع المصاحف وأمرهم أن يقطعوا كل مصحف وجدوه مخالفا لمصحف عثمان ويعطوا صاحبه ستين درهما.
ص 59
منهم رجل ستر الله عليه عند العوام بالصلاح وقربه من القلوب بالدين.
لم أر فيمن تتبعت وجوه قراءته أكثر تخليطا ولا أشد اضطرابا منه
[ذكر المحقق أنه يقصد حمزة الزيات]
ص 86
القرآن نزل بألفاظ العرب ومعانيها ومذاهبها في الإيجاز والاختصار والإطالة والتوكيد والإشارة إلى الشيء وإغماض بعض المعاني حتى لا يظهر عليه إلا اللقن وإظهار بعضها وضرب الأمثال لما خفي.
ولو كان القرآن كله ظاهرا مكشوفا حتى يستوي في معرفته العالم والجاهل لبطل التفاضل بين الناس وسقطت المحنة وماتت الخواطر
ومع الحاجة تقع الفكرة والحيلة ومع الكفاية يقع العجز والبلادة.
....
وكل باب من أبواب العلم من الفقه والحساب والفرائض والنحو فمنه ما يجل ومنه ما يدق ليرتقي المتعلم فيه رتبة بعد رتبة حتى يبلغ منتهاه ويدرك أقصاه ولتكون للعالم فضيلة النظر وحسن الاستخراج ولتقع المثوبة من الله على حسن العناية.
ص 87
ولو كان كل فن من العلوم شيئا واحدا لم يكن عالم ولا متعلم ولا خفي ولا جلي؛ لأن فضائل الأشياء تعرف بأضدادها فالخير يعرف بالشر والنفع بالضر والحلو بالمر والقليل بالكثير والصغير بالكبير والباطن بالظاهر.
وعلى هذا المثال كلام رسول الله صلى الله عليه وكلام صحابته والتابعين وأشعار الشعراء وكلام الخطباء ليس منه شيء إلا وقد يأتي فيه المعنى اللطيف الذي يتحير فيه العالم المتقدم ويقر بالقصور عنه النقاب المبرز.
ص 90
وقال المازني سألت الأخفش عن حرف رواه سيبويه عن الخليل في باب من الابتداء يضمر فيه ما بني على الابتداء وهو قوله ما أغفله عنك شيئا أي دع الشك، ما معناه؟
قال الأخفش: أنا مذ ولدت أسأل عن هذا
وقال المازني سألت الأصمعي وأبا زيد وأبا مالك عنه فقالوا: ما ندري ما هو
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[16 - 08 - 2007, 03:28 م]ـ
ص 122
ولم تكن العرب طرا مع أفهامها وألبابها لتتواطأ على تخيل وظنون ولا كلها أسمعه الخوف وأراه الجبن، فهذا أبو البلاد الطهوي وتأبط شرا وهما من مردة العرب وشياطين الإنس يصفان الغول ويحليانها ويساورانها
وهذا أبو أيوب الأنصاري يأسرها
/ وهذا عمر رضي الله عنه يصارع الجني
وما جاء في هذا أكثر من أن نحيط به
ص 150
والعرب تقول: أخي وأخوك أينا أبطشُ يريدون أنا وأنت نصطرع فننظر أينا أشد؟ فيكني عن نفسه بأخيه لأن أخاه كنفسه.
ص 172
وكان بعض أهل اللغة يأخذ على الشعراء أشياء من هذا الفن / وينسبها فيه إلى الإفراط وتجاوز المقدار، وما أرى ذلك إلا جائزا حسنا على ما بيناه من مذاهبهم
كقول النابغة في وصف سيوف:
تقد السلوقي المضاعف نسجه وتوقد بالصفاح نار الحباحب
¥