تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الوديعة - قصة قصيرة]

ـ[كنوز الشرق]ــــــــ[27 - 09 - 2009, 08:38 م]ـ

سَكَنَتْهُ آلام الوحدةِ والحِرْمَانِِ .... صَفَعَتْهُ طَعَنَات النَظَرِِِ إلًى شَفَاةٍ تَتَمَعَّضُ شَفَقَةً عَلَيْهِ , تُلاحِقُهُ أَيْنَمَا وُجِدَ ... عَويَ الذِئَابُ فِي صَحَرَاءِ حَيَاتِهِ حَتَى بَاتَتْ مُوحِشَةً جَرْدَاء ..

اِسْتَوْطَنَتْهُ مَرَارَةُ السِنيِِن العجَاف مُبَعْثَرَةً دَمْعَاتُهُ تَتَوَسَلُ الْمُسْتَحِيلَ.

قَرَعَ أَبْوَابَ الْسَمَاءِ دَاعِيَاً .. رَاجِيَا .. مُتَمَنِياً .. عَسَىَ اللهُ أَنْ يَسْتَجِيبَ الْدُعَاءَ ,

مَرَّغَ وَجْهَهُ فِي سجُودِه بِِظُلُمَاتِ الْلَّيْلِ ... إمْتَلأَتْ نَفْسهُ بِجَوْعِ الْحَنِينِ لِلأُبُوَةِ .. غَنَّتْ دُمُوعُهُ بِحَسْرَةِ الْرُؤَى كُلَّمَا حَمَلَ صَغِيرَاً ,

تَسَاءَلَ كَثِيرَاً حَيْثُ الأمَل مُخْتَنِق:

هَلْ لِي أَنْ أَتَزَوَّجَ بِأُخْرَى؟

هَلْ سَيَأْتِي يَوْمٌ تَرْتَسِمُ عَلَى وَجْهِي بَسْمَةُ صَافِيَة؟

وهَلْ مِنْ بزُوغِ فَجْرٍ سَعِيدٍ؟!

رَمَى بِرَوْحِهِ عَلَى قَارِعَةِ الْبَحْثِ بِأُخْرَى ... وسَانَدَتْهُ لَيَالِي الْبُؤْسِ الَّتِي شَتَّتَتْ وِحْدَتَهُ الَّتِي اعْتَصَرَهَا الْحِرْمَان يَسْتَجْدِي كُل مِنْ حَوْلِه يَهُزُهُ الْشَوْق حَنِينَاً ..

تَتَرَاقَصُ لَهُ الْدُنْيَا فَرَحَاً ... لِيَلْتَقِط مَابَقِيَ مِنْ أَنْفَاسِ الْحَياَةِ ,

يَنْبُت بُرْعُمٌ يَسْقِيِهِ بِفَيْضِ عَيْنَيْهِ لِتًصْبِحَ نَبْتَةً تَعْبِقُ أَجْوَاءَ رَوْحِهِ ...

زَهْرَة جَمِيلَة أنْسَتْه تِلْكَ الْذِكْرَيَاتِ الْمَثْكُولَةِ ,

فَلَفِظَ كُلَ تَرَاكُمَاتِ الْمَاضِي وَعَاشَ الأُبُوَةُ بِكِلِّ مَعَانِيهَا ,

كَانَ يَجْثُو تَحْتَ قَدَمَيْهَا , يَسْتَنْشِقُ أنْفَاسَهَا لِتَمْتَلِئَ نَفْسهُ سَعاَدَةَ وَرَضَاً.

خَمْسَة عَشْر عَامَا ... تَجَرَعَتْ فِيهَا الْزَوْجَةُ الأُوَلَى مَرَارَةَ الْحِرْمَانِ حَتَّى قَرَّحَ الْدَمْعُ مَآقِيهَا , وآلْهَبَت سِيَاطُهُ مُتُونَ صَبْرِهَا , تَنْتَظِر أَنْ يَنْبِضَ قَلْبها الَّذِيِ أَهْلَكَهُ الانْتِظَار , حَيْثُ تَرَاكَمَتْ الأَحْزَانُ تَصْرُخُ بِمَرَارَةٍ تُنَغَّصُ أَيَامَهَا ... تُطََارِدُهَا أُمْنِيَاتٍ تَتَمَخَّضُ بِوَجَعِ الْشَوْقِ لِلأمُومَةِ .. تُبَعْثِرُهَا الأَنَاتِ وتَعُودُ تُلَمْلِمُهَا مَرَةً أُخْرَى ,

يَالَهَا مِنْ أَحْلاَمِ لاتَتْعَب ولا تَتَأَوَه!

وإِذَا بِشَيْءٍ يُوحِي بِالْحَيَاةِ ..

يَمْتَزِجُ الْحلْمُ بِالْخَيَالِ ... يَتَجَسَدُ .. يُرْوِي عَطَشَ الْسِنِينِ؛ لِيَسْعِفَها الْقَدَر ويَمُنُ اللهُ عَلَيْهَا بِيَاسَمِينَةٍ نَدِيَةٍ تَسْتَمِد نُورَ الْوُجُودِ مِنْ نَبَضَاتِهَا ويَجْعَلُ دَوْحَتَهَا غَنَاءً نَضِرَةً.

تَبَاشِيرُ مِيَلادٍ للْثَانِيَةِ تَمْلأُ الْدُنْيَا بِبَسْمَةِ قدُومِ بُرْعُمٍ أخْضَرٍ غَذَّتْهُ قَطَرَاتُ الأمَلِ (فَارِس)

تَمُرُّ الأَيَّامُ .. تَلِيهَا الْشُهُورُ وتَمْلأُ أرْكَانَ قَلْبِهِ تَغَارِيدُ كَلِمَةٍ لَطَالَمَا حَلمَ بِهَا سَنَوَاتٍ طوالٍ (بابا) ...

كَانَ يَحْمِلُه ... يُهَدْهِدُه ... يَضْحَكُ لِضَحكَاتِهِ ... يَجْزَعُ لِبُكَائِهِ ... كَانَ لَهُ تَاج الْحَيَاةِ.

ويَأْتِي الْعِيدُ يَلْبَسُ حُلَةَ الْفَرَحِ الَّتِي اكْتَمَلَتْ بِهَمْسَةٍ فِي مَسْمَعِ الْفَجْرِ (لَبَّيْك).

الْكُلُ يَتَبَادَلُ الْتَبَارِيك والْتَهَانِي .... فِي سُرُورٍ وفَرَحٍ , تُذْبَحُ الأَضَاحِي ...

تَنُوحُ الْدُنْيَا وهِيَ تَغْتَصِبُ الْفَرْحَةُ , وقَدْ أَيْنَعَ الْعِيدُ حُزْناً , لِيَحْتَضِنَ في حَنَانٍ ... والْدُمُوعُ تَمْلأُ عَيْنَيْهِ. وهُوَ يَحْمِلُ بَيْنَ ذِرَاعَيْهِ مَاعَاشَ يَتَمَنَّاهُ سَنَوَات عُمْرِهِ فِي غُمُوضِ الأقْدَارِ,

يَسْتَرِدُ اللهُ وَدِيَعَتُهُ .. !

لِيَجَدَ نَفْسَهُ بَيْنَ جُدْرَانِ الْحِرْمَانِ مَرَّةً أُخْرَى

ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[28 - 09 - 2009, 10:21 ص]ـ

لي عودة غاليتي ..

ـ[كنوز الشرق]ــــــــ[28 - 09 - 2009, 01:52 م]ـ

لي عودة غاليتي ..

في انتظار عودتك وتوجيهاتك أستاذتي الفاضلة

ومرحبا بك هنا

احتراماتي

ـ[محمد شمس]ــــــــ[28 - 09 - 2009, 04:21 م]ـ

ما اروع القصاص عندما يكتب كلماته بمداد من نبض قلبه ويصوغ صوره على لوحة احساسه وها نحن نجد (كنوز الشرق) تقدم لنا كنزا قصصيا نفتقد مثله كثيرا فنحن فرحنا لبطلك كانه منا وبكينا حزنا عندما وجدنا بطل قصتك بَيْنَ جُدْرَانِ الْحِرْمَانِ مَرَّةً أُخْرَى

ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[28 - 09 - 2009, 05:30 م]ـ

غاليتي كنوز الشرق ..

وجدت أن لك باعا عريقا في القصة .... فهذه القصة لايكتبها مبتدئ ..

دوما تأتين محملة بالروعة والجمال.

أول مرة أقرأ لك قصة بهذا الجمال، ولست بناقدة، لكني متذوقة

وجدت القصة بها رمزية جميلة تدعو كل من يقرأها إلى التفكر، واليقين أن الله هو الملجاء الوحيد مهما كانت المصائب والكوارث التي ستحل عليه،

أختي الكريمة:

أمامك مستقبل أدبي زاهر ... لديك الأسلوب الرائع,

وتمتلكين زخم لغوياً لا بأس به,

ومع كتابة المزيد من القصص ستكتسبين الكثير والكثير ...

ثانياً: النقدالأدبي:

مقدرتي الأدبية لا تؤلني لأن أنقد القصة, لأن النقد يتطلب مهارة عالية في

التحليل من جميع الجوانب

وهناك من هو أقدر مني

تقبلي تحيتي

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير