" قصِير"
ـ[سعد مردف عمار]ــــــــ[05 - 10 - 2009, 01:52 ص]ـ
رجاء التعليق على القصيدة و الحكم على مساحة التصوير و التشخيص فيها من فصحائنا، لمزيد من الفائدة و العظة الفنية.
ـ[سعد مردف عمار]ــــــــ[05 - 10 - 2009, 02:04 ص]ـ
قالَ القصِيرُ لقدْ كرهتُ حياتي = أنا دائمًا في أصغرِ الهيئاتِ
مرَّتْ دهورٌ لمْ تجاوزْ قامَتي = حدَّ الطفولة و الصِّبا، ساداتي
عهدٌ مضى و الشيبُ نوَّرَ مَفرقِي = و أنا أنَا، لا تستطيلُ قناتي
إن رُمْتُ شيئاً كان أبعدَ من يدي = أو سرتُ نحوه بطَّأتْ خُطَواتي
كلُّ الثياب عليَّ أوسعُ ما تُرى = و النعْلُ في قدَمي تَروحُ، و تَاتِي
ما شمْتُ يوماً في المجالسِ مقعداً = إلا خَفيتُ، و ذُبْتُ بين لِداتِي
وحديثُ مثلي بينهم متكتمٌ = غطَّتْ عليهِ حبائلُُ الأصواتِ
لولا الحياءُ لأجلسوني بينهمْ = فوقَ الحجُورِ، و أسكتُوا حركَاتي
أو سرَّحوني بين غلمانٍ لهم = صخبُوا على الدهْليزِ، والباحاتِ
كل الولائمِ أصبحتْ ليَ مسرَحاً = أغدُو به في أحْرجِ الحالاَتِ
و إذا أنا رمْتُ السياقَةَ لم أكدْ = لقماءَتي أرنُو إلى الطرقاتِ
تمتصُّني كل المراكبِ فالمنى = فيها حكاياتٌ تزيدُ شكاتي
ناءٍ أنا عن كلِّ فضلٍ إنَّني = بينَ الأنام ِ محَارَب من ذاتي
كمْ من فتاةٍ كالمهاةِ ودِدتُها = و رأيتُها من أصلحِ الزوجاتِ
منَّيتُ نفسِي أن تجودَ بوصْلها = و يكونَ لي كالناسِ وصلُ فتاةِ
لما رأتْني صعَّرَتْ ليَ خدَّها = و تأفَّفتْ كتأففِ الحيَّاتِ
قالت لجاراتٍ لها، و تبسَّمتْ = " ويحِي أنا ويحَانِ يا جَاراتي"
أأصومُ صومَ الممسكَاتِ و ينتهِي= عمُري فأفطرَ أقصَر القاماتِ! "
كذَبَ الغواني، إن أكُنْ قِزماً فلِي = قلبُ الرجالِ يفُورُ في جنَباتِي
و عزيمةُ السادات تهدِرُ في دمي = فعلامَ يحقرُ منْ يرَى جَلَواتي
أنا لو علمتُم ليس أجودَ من يدِي = و أرقَّ من وجهِي و مِنْ قَسَماتي
و أعزَّ من طبعي، و إن وارَيتُم ُ = عزاًّ لنفسِي شامخَ الحرُماتِ
فثِبوا إلى توقِيرِ مَنْ نظَراتُكم = يا مَا أشدَّ سهَامَهَا نظراتِ
كادَتْ و قدْ وَقعتْ عليهِ تحيلهُ = جسَداً، و تورِدُهُ على الأمواتِ ...
ـ[علي جابر الفيفي]ــــــــ[06 - 10 - 2009, 07:55 م]ـ
ولكن لك باعًا طويلًا في الشعر.
موضوع جميل لم يسبق لي أن قرأت فيه من قبل.
لقد أحسنت في تصوير الموقف حتى كأني أراه.
وفقك الله.
ـ[محمد أبو النصر]ــــــــ[06 - 10 - 2009, 08:23 م]ـ
لو كانت على بحر الطويل لكانت أبلغ وأصدق
القصيدة معناها رائع والفكرة جديدة والأسلوب جميل
ـ[أحمد بن علي]ــــــــ[06 - 10 - 2009, 08:43 م]ـ
جميلة قصيدتك وكأنك تعرض ببعضنا ..
أما علمت القائل: الطول طول الخشب والقصر قصر الذهب ..
واحذر كل ما اقترب من الأرض ..
ـ[غريب حماة]ــــــــ[26 - 10 - 2009, 03:07 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أستاذنا الكبير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بين جدة الموضوع وبكارة المعاني وسهولة اللفظ وسلاسة التعبير تنقلنا في حديقة هذه القصيدة
.......
عهدٌ مضى و الشيبُ نوَّرَ مَفرقِي = و أنا أنَا، لا تستطيلُ قناتي
كثير هم الشعراء الذين عبروا عن الشيب بالضياء أو النور أو السراج ومنهم على سبيل المثال (ابن الرومي) الذي قال:
كفى بسراجِ الشيب في الرأس هاديا = إلى من أضلّتْه المنايا لياليا
ولكن تعبير (نوّر مفرقي) يثير خبيء الإعجاب لجِدّته وطرافته
.....
كلُّ الثياب عليَّ أوسعُ ما تُرى = و النعْلُ في قدَمي تَروحُ، و تَاتِي
...
أو سرَّحوني بين غلمانٍ لهم = صخبُوا على الدهْليزِ، والباحاتِ
هنا يبدع شاعرنا في تصويره ويرقى بالتصوير الفني أعلى فأعلى مضفياً على تصويره لمسة من البراءة وخفة الظل
......
وفجأة .. تنقلب الحال غير الحال ... وكأنه كان في السابقات من الأبيات يعد للغواني (صواعقَ يُخضِعنَ لها الرقابا):
كذَبَ الغواني، إن أكُنْ قِزماً فلِي = قلبُ الرجالِ يفُورُ في جنَباتِي
و عزيمةُ السادات تهدِرُ في دمي = فعلامَ يحقرُ منْ يرَى جَلَواتي
أنا لو علمتُم ليس أجودَ من يدِي = وأرقَّ من وجهِي و مِنْ قَسَماتي
و أعزَّ من طبعي، و إن وارَيتُم ُ = عزاًّ لنفسِي شامخَ الحرُماتِ
فهاهي قامة القزم تسمو سامقة فوق الأفهام السقيمة معدّدة مآثرها ومبيّنة مفاخرها
أما قامة الشاعر فزادت سمواً على سمو
بيت واحد تمنيت لو تجاوز فيه الشاعر هذه الهنة العروضية:
إن رُمْتُ شيئاً كان أبعدَ من يدي = أو سرتُ نحوه بطَّأتْ خُطَواتي
حيث لا بدّ من إشباع حركة الهاء في كلمة (نحوهُ) وهو ما تعذّر لضرورة الوزن، فحصل الثقل الذي أزعج سمعي وأثر في انسياب موسيقى القصيدة التي أعجبتني
على كل حال .. أشكر أستاذي الجليل لأنه لوّن نهاري بألوان قصيدته الفريدة
لا عدمناكم مبدعاً فذاً وشاعراً مفلقاً
أخوكم
غريب حماة
ـ[سعد مردف عمار]ــــــــ[27 - 10 - 2009, 01:09 ص]ـ
السلام عليكم يا غريب حماه ما تفضلتم به طوق عنقَ قصيري وكلَّ قصير، و لو كان للأدب من أمثالك كنانةٌ تدفعُ عن العربيةِ ما يعتورها من لوثةِ المتقولين لصفا ماؤها و كان لها من السبق نصيب، وقد وقع نقدُك على القصيدة موقع السهم من الرمية فدام حبرك في دواة الفصيح و أجراه الله على رؤوس الأقلام السارحة على طروس لغة الإعجاز و لك كلُّ الفضل.
و أما ما كان من نبوِّ سمعِك عن موسيقىِ بيتٍ أوردتُه فلك سابقُ الاعتذار، و الأمر متعلقٌ بما جاء في عجز البيت التالي:
إن رُمْتُ شيئاً كان أبعدَ من يدي = أو سرتُ نحوه بطَّأتْ خُطَواتي
و أقول ههنا مستميحاً أن البيت من بحر الكامل، ولا يشكو فيما أعتقد هنة، أو وهناً عروضياً ورموز عجزه كالتالي:
/0/ 0//0 ///0//0 ///0/ 0
وتفعيلاته متْفاعلن متَفاعلن متفاعلْ
و مثال ذلك بيت حافظ إبراهيم: و الشاهد في عجز البيت أيضًا:
إني لتطربنِي الخلالُ كريمةًً = طربَ الغريبِ بأوبةٍ و تلاقِِ
///0//0 ///0//0 ///0/ 0
تقبل بالغ احترامي و لكل من قرأني و قرأ الفصيح.
¥