تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[العاشق وقبلة الموت!!]

ـ[محمد عبد الغفار صيام]ــــــــ[27 - 12 - 2009, 03:26 م]ـ

العاشق وقبلة الموت

ـ[محمد عبد الغفار صيام]ــــــــ[27 - 12 - 2009, 03:29 م]ـ

"

العاشق و قبلة الموت "

ربما أنفقت قسما كبيرا من سنواتى عمرى الأولى أتأمله بقامته الفارعة، و جثته الضخمة، وصوته الجهورى، وشاربه الكث اللامع؛ و الذى طالما تخللته سحابة دخان ترتفع راقصة فى خطين يتضخمان كأفعوانى كبرا، حينما يتراقصان على نغمات نفثه المتواصل كمزمار حاو هندى محترف!

كان فعلا مبهرا على الأقل بالنسبة لى، و كانت مراقبتى التى لا تفتر فعلا ممتعا يسيل له لعابى، ربما كنت قصير القامة، ضعيف البنية، لم أحظ بعد بمثل شاربه، لكنى لن أعدم الحصول على بقايا ما ينفث علنى أضاهيه عاجلا أو آجلا.

جمعت ـ خلسة ـ أعقاب ما يستبقى فى مبسمه حتى تحصلت لى ثروة لا بأس بها تكفى لإدخالى عالم الكبار و ترسيمى رجلا

أصيلا بينهم!!

تحينت الأوقات المناسبة و الأوكار الغائرة فى زوايا منزلنا الكبير

وبت أمارس أفعالى الفاضحة مختلسا قبلاتى الحارة لتلك المعشوقة اللذيذة بعدما وطدت دعائم حبى المخلص لها، إلا أن أوقات السعادة لا تدوم!!

هكذا أيقنت بعدما ضبطتنى أمى أقبل غيرها!!

لم أر أمى تلبسها ـ من قبل ـ مس من الجنون كما رأيتها ذلك اليوم!!

ولم لا و قد رأت عذرية براءتى مفضوضة أمام ناظريها؟؟

فأثخنت وجنتى بلطمات متوالية لعلها ترتق ما انفتق من حالى

لكن هيهات أن تفهم دوافعى لا سيما وأن غضبها غلب حلمها فلم تتكلف عناء فهم أو تفسير!!

واستعرت نيران زعر واستجداء بدا أوارها يتلمظ لهبا فى عينيها، وتوترا بدا واضحا على قسمات وجهها الاثير لدى!

ألقتنى أمى بتوترها البادى فى أتون يغلى من الحيرة؛ ما بين فعل أحبه و أرجو ان يدخلنى عالم الرجولة المبهر، تشبها بأبى ذلك العظيم!

وبين حبى الجنونى لها!

رباه أعنى فى محنتى!

كيف أجمع بين غريمين ملكا شغاف قلبى؟!

أظنه ليس مستحيلا! فعله أبى من قبل! فلم تقرعه أمى ولم ترسم أصابعها الخمسة على وجنتيه كما فعلت معى، بل ربما جمع أبى بين معشوقتيه فى المجلس الواحد! لكم أنت عظيم لحد الإبهار يا أبى!!

تجمع بين الأضاد! تحقق ــ بإرادتك ــ المستحيل!!

ليتنى مثلك!!

بل سأكون!!

كلما دفعنى الشوق لخيانة أمى، تحسست وجنتى المكلومة فيفتر شوقى تحت وطأة الخوف!

حتى استبد بى العشق، وألجأنى الشوق إلى قبلات مختلسة، لعلها تطفىء لهيب الحب بينى وبين غريمة أمى، إلا أن تلك اللقاءات الحميمة المختلسة ما زادت عشقى إلا اشتعالا!!

بدأت رائحة الحب المحرم تطل على استحياء، وبدأت آثارها تتكشف فى زوايا المنزل رويدا رويدا.

و ما من جريمة كاملة! فقد أفقت من سكرتى على ثورة أمى كحمامة جريحة، و هى تواجهنى باتهامات مفصلة لا يجدى معها إنكار، لا سيما بعدما جمعت آثار الجريمة من مسرحها مشفوعة بأدلة لا يقدح في نزاهتها.

أعددت نفسى لمعركة وشيكة أنا الخاسر فيها لا محالة!!

أو ــ على أقل تقدير ــ لمحاكمة ليلية حكمها نافذ و بات، حالما يعود أبى من عمله، وقد بدت لى كل دفوعى واهنة اللهم إلا دفع واحد أظنه خلاصى، ساقف شامخا أمام كبير القضاة صارخا فى ثقة واثقا من عدله: " مثلك يا أبت، أردت أن أكون مثلك، ومن شابه أبه فما ظلم!! "

إلا أنها ــ أى أمى ــ أجهضت ذلك "السناريو " أيضا عندما تقدمت منى و أنا منزو فى أحد الأركان بعدما أغرقنى طوفان خجلى و ألجمتنى خيانتى؛ حتى ضاعت من فوق لسانى كل أبجديات الدنيا، و تحولت صرخات اعتذارى إلى عبرات هطالة، أظنها لن تغسل عارى!! ولن تجبر جناح أمى المهيض!!

تقدمت منى ويا لهول ما رأيت!! أمى تبكى! مثلى! لكنه بكاء آخر أحسه وأعجز عن وصفه! ها هى تمد يداها إلى وجنتى، فتجتاحنى رعشة زعر تجهضها أمى بحضن طويل .. رقيق .. بديع .. نفذت من خلاله رائحة أمى الأثيرة عبر خيشومى لتغسل رئتى من بقايا الغريمة، و تبعث فى أوصالى دفئا وسكينة!!

لم أشعر من قبل بهذا العبق البديع لرائحة أمى، و لم أتلق دفقة حب وحنان مثلما حدث فى ذلك اليوم، حينما دستنى بين جناحيها كفرخ صغير، أطعمتنى حبا وحنانا لا زلت أجد عسلهما يذوب فى حلقى!!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير