تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

على أن فن النقائض نشأ أول ما نشأ في العصر الجاهلي وامتد حتى ازدهر في العصر الأموي الذي استيقظت فيه العصبية بعد أن أضعفها الإسلام، وانضمت إلى العوامل القبلية عوامل أخرى سياسية واجتماعية واقتصادية وشخصية .. فكانت نقائض هذا العصر تختلف عن نقائض العصر الجاهلي بطولها وإفحاشها واتساع الخيال فيها ولاكنها كانت استمرارا" لها.

هذا ومن المعروف أن النقائض تقوم على الهجاء، وفن الهجاء بدوره قائم على أمور ثلاثة: الأول أن يذكر الشاعر معايب خصمه ومثالب قبيلته بنفسه وبقبيلته .. والثاني تناول الأغراض وقذف المحصنات والشتائم .. والثالث تصوير الخصم بصورة ساخرة تحمل القارىء أو السامع على الضحك ..

وقد وصف الفرزدق ان رافع السماوات قد عمر لنا قصرا" كالطود الشامخ من المجد و الرفعة لا يمكن ان يطاوله عز آخر فيقول:

ان اللذي سمك السماء بنا لنا بيتا" دعائمه أعز و أطول

فنقضه جرير حيث قال ان الله عز وجل اللذي رفع السماء بغير عمد عمر لنا بيتا" يطاول بيتكم بالرفعة و المجد لا يتزحزح من مكانه فيقول:

ان اللذي سمك السماء بنا لنا عزا" علاك فما له من منقل

أمّا بالنسبة للحمية القبلية, فقد ظلّت ذات أثر في النفوس حتّى بعد أن انتشر الاسلام. فقد برع الفرزدق براعة فائقة في الفخر، ذلك لأن شرف آبائه وأجداده قد مهد له سبيل القول بالفخر، وتطاول على جرير وتحداه أن يأتيه بمثل آبائه وقومه حيث أنّ الفرزدق قد افتخر بقومه ووقارهم يفوق الجبال لراسيات وزنآ, أما اذا غضبوا فتحسبهم بلا عقول فيقول:

أحلامنا تزن الجبال رزانة و تخالنا جنّآ اذا ما نجهل

أمّا جرير فقد وصف قومه بالحكمة و رجاحة العقل و الذي قارنها برزانة الجبال أما أفعال الجهال من قومه فتفوق أفعالكم حيث يقول:

أحلامنا تزن الجبال رزانة و يفوق جاهلنا فعال الجهّل

للنقائض قيمة لغوية كبيرة , فشعراء النقائض حفظوا اللغة العربية كاملة من الجاهلية و أتقنوا الشعر العربي اتقانا" عظيما" حتى وصلوا الى أشعار جرير و الفرزدق الذين عشقوا الشعر وجعلوه من أيام حياتهم البدويةمحافظين على نقاء اللغة العربية وجمالها , حيث أن الفرزدق قال اني أنتسب الى بيت شريف في فنائه رجال عظماء من أمثال زرارة و مجاشع فيقول:

بيتا" زرارة محتب بفنائه و مجاشع أبو الفوارس نهشل

فنقضه جرير الذي وصف بيت الفرزدق بانه بيت وضيع غير طاهر تنتشر الفاحشة فيه فيقول:

بيتا"يحمم قينكم بفنائه دنسا" مقاعده خبيث المدخل

ان المعركة الشعرية نشبت بين الفرزدق وجرير ودامت أكثر من خمسين عامًا، فالنقائض قصائد امتزج فيها الهجاء والفخر، وكثرت فيها الإشارة إلى ماضي القبائل في الجاهلية وحاضرها في عهد بني أمية، يقول الشاعر قصيدته، فيرد عليه خصمه بقصيدة من وزنها وقافيتها ويتعقب أفكاره ومعانيه، فيردها عليه ..

من كل ما سبق يوحي الينا النص أن جرير و الفرزدق كانا على عداء شديد و لكن في الحقيقة أنهما

كانا على عكس ذلك فقد تذكر لنا كتب التاريخ حبّهما لبعضهما البعض ويذكر لنا الأصفهاني في كتابه الأغاني:

) أنّهما كلما وقع أحدهما في شدةٍ حاول صاحبه أن يُخرجه منها جاهداًَ، فإذا طُلِب جريرٌ للحرب توسّط له الفرزدق عند المهلّب ليتركه، وإذا حُبس الفرزدق توسط له جرير عند صاحب الشرطة في العراق

=========================

وهذي اضافة من عندي

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير