تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[عودة إلى الزمن الجميل]

ـ[أبو-أحمد]ــــــــ[26 - 09 - 2006, 09:59 ص]ـ

إلى هواة أدب الزمن الجميل: أهديكم ما أرجو أن تُروّحوا به عن أنفسكم في زماننا هذا المليء بالهموم من كل جنس ولون:

خلال مطالعتي لكتاب: " شذرات الذهب في أخبار من ذهب " لابن العماد الحنبلي، وفي حوادث سنة 170هـ، التي جاء فيها أن قيس بن الملوح، الذي اشتهر بمجنون ليلى، وبعد أن حُجِبت عنه ليلى التي علق بها عندما كانا صغيرين يرعيان غنم أهلهما معاً،هام على وجهه في الفيافي والقفار مدة طويلة ثم وُجد مُلقى بين الأحجار ميتا ... انفعلت من هذه الحادثة، وتخيلت ابن الملوح وهو يجود بأنفاسه، فوصفت تلك الواقعة شعرا، أخاطب به قيسا، وأصف فيه واقع الحال، وراعيتُ فيه أن يكون على نمط ذلك الزمن الجميل ما أمككني ذلك:

ظمأ الأشواق

يا سا هرَ الليل ِ والأشواقُ تلتهب

أما لِروحِكَ من أوجاعِها هَربُ؟

تُعَلِّلُ النفسَ بالتَّذكار تُؤنِسُها

وفي حناياكَ أشجانٌ ومُضطّرَبُ

وما تَريمُ تُثيرُ القفرَ تسألُهُ

هل يُرجِعٌ السُّهدُ أحبابا لنا ذهبوا؟!

للهِ عهدُ الصِّبا قضّيتَهُ مر ِحاً

لمّا رعَيْتَ وليلى والصِّبا لعِبُ

كم من ليال ٍ مضت عاقرتَ لذتها

أودى بها الدّهرُ لا أسِفٌ ولا عَجِبُ

تلك الليالي اللواتي أ ُترعتْ جذلاً

عهدُ المشيبِ رواها وهْوَ ينتحبُ

تكاد من رجعة الذكرى تُنادمُها

وفي خيالك طيفٌ دونهُ الحُجُبُ

يا ليلُ أخبرهُ كم من ساعةٍ بقيت

حتى النهارُ يُدانيهِ ويقتربُ

*********

يا حاديَ الشوق ِ تطوي الأرض مرتحلاً

صوْبَ الأحبّةِ لا يقعُدْ بك التعَبُ

إمّا وصلتَ إلى النّائينَ قل لَهُمو

آنَ الهلاكُ ولمَا ينقض ِ الأرَبُ

ألْق ِ الرِّحالَ ولا تبرح مَرابِعَهم

يا حاديَ الشوق لا سارت بك النُّجُبُ

ما عاد للصَّبِّ صبرٌ يَستَطِبُّ به

من الفراق، ولا حوْلٌ ولا سببُ

يا حادِيَ الشّوق بلِّغ روحَهم خبراً

حانَ اللقاءُ وبات العَوْدُ مُطّلَبُ

*********

أقولُ من رهبتي مما يُخَبِّئُهُ

لنا المُقدَّرُ أو في اللوح يُكْتَتَبٌ

لو أن أهلَ الهوى علموا بقسوته

ما قاربوه، وما قالوا، وما كتبوا

ومن الجدير بالذكر أن أمير الشعراء أحمد شوقي قد خلّد قصة قيس وليلى في مسرحية شعرية تضمنت الأوبريت الشهير الذي قام بغنائه، فيما مضى، عبد الوهاب مشاركة مع أسمهان، كما أن لشوقي قصيدة أخرىفي تلك المسرحية بعنوان: " جبل التوباد "، على لسان قيس بن الملوح وهو يتذكر أيام صِباه، وغنّاها عبد الوهاب أيضا، وإليكم، أعزائي، الفصيدة بتمامها:

جبلَ التّوْبادِ حيَّاكَ الحَيا = وسقا اللهُ صِبانا ورعى

فيك ناغينا الهوى في مهده = ورضعناهُ فكنتَ المُرضِعا

وحذوْنا الشمسَ في مغربها = وبكرنا فسَبقْنا المَطلعا

وعلى سفحك عشنا زمناً = ورعينا غنمَ الأهل معا

هذه الرّبوة كانت ملعبًا = لشبابَيْنا وكانت مرتعا

كم بنينا من حصاها أربُعاً = وانثنينا فمحوْنا الأربُعا

وخططنا في نقا الرمل فلم = تحفظ الريحُ ولا الرملُ وعى

لم تزل ليلى بعيني طفلة ً = لم تزدْ عن أمس ِ إلا أصبعا

ما لأحجارك صُمّاٌ كلما = هاج بي الشوق أبت أن تسمعا

كلما جئتُكَ راجَعْتُ الصّبا = فأبَتْ أيامُهُ أن تَرجِعا

قد يهون العمرُ إلا ساعة ً = وتهون الأرض إلا موضعا

ـــــــــــــــــــــــــــ

لله قصيدة شوقي ما اجملها، وما أصدق معانيها. لقد عاد بنا شوقي إلى ذلك الزمن الجميل، زمن الحب العُذري الذي لم يختلط بالفحش والابتذال، بل كان عنوان العفة وصِدْق ِ المقال.

معذرة على الإطالة.

مع تحيات:

ياسين ـ عضو جديد أشارك لأول مرة.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير