[قصيدة المعري: غير مجد في ملتي .....]
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[20 - 11 - 2006, 02:57 م]ـ
هذه قصيدة المعري في رثاء الفقيه الحنفي الحلبي، فيها من الحكم الجميلة،
أرجو أن يكون فيها الفائدة:
ضجعة الموت رقدة
غيرُ مجدٍ في ملّتي واعتقادي=نوح باكٍ ولا ترنم شاد
وشبيهٌ صوت النعيّ إذا قِي =س بصوت البشير في كل ناد
أبَكَت تلكم الحمامة أم غ=نّت على فرع غصنها الميّاد
صاح هذي قبورنا تملأ الرُح=بَ فأين القبور من عهد عاد
خفف الوطء ما أظن أديم ال=أرض إلا من هذه الأجساد
وقبيح بنا وإن قدُم العه=د هوان الآباء والأجداد
سر إن اسطعت في الهواء رويداً=لااختيالاً على رفات العباد
رُب لحدٍ قد صار لحداً مراراً=ضاحكٍ من تزاحم الأضداد
ودفينٍ على بقايا دفين=في طويل الأزمان والآباد
فاسأل الفرقدين عمّن أحسّا= من قبيلٍ وآنسا من بلاد
كم أقاما على زوال نهار=وأنارا لمدلج في سواد
تعبٌ كلها الحياة فما أع=جب إلا من راغبٍ في ازدياد
إنّ حزناً في ساعة الموت أضعا=ف سرورٍ في ساعة الميلاد
خُلق الناس للبقاء فضلّت =أمة يحسبونهم للنفاد
إنما ينقلون من دار أعما=لٍ إلى دار شِقوة أو رشاد
ضجعة الموت رقدة يستريح ال=جسم فيها والعيش مثا السهاد
أبَنات الهديل أسعدن أو عد=ن قليلَ العزاء بالإسعاد
إيه لله درّكن فأنتن ال=لواتي تحسنّ حفظ الوداد
بيد أنّي لا أرتضي ما فعلت=نّ وأطواقكنّ في الأجياد
فتسلّبن واستعرن جميعاً=من قميص الدجى ثياب حداد
ثم غردن في المآتم واندب=ن بشجوٍ مع الغواني الخراد
قصد الدهر من أبي حمزة الأّوّ=اب مولى حِجىً وخدن اقتصاد
وفقيهاً أفكاره شدن للنّع=مان مالم يشده شعر زياد
فالعراقيُّ بعده للحجاز=يّ قليل الخلاف سهل القياد
وخطيباً لو قام بين وحوش=علّم الضاريات بِرّ النِّقاد
راوياً للحديث لم يحوج المع=روف من صدقه إلى الأسناد
أنفق العمر ناسكاً يطلب العل=م بكشفٍ عن أصله وانتقاد
مستقي الكف من قليبِ زجاجٍ=بغروب اليراع ماء مداد
ذا بنانٍ لا تلمس الذهب الأح=مر زهداً في العسجد المستفاد
ودّعا أيها الحفيّان ذاك ال=شخص إنّ الوداع أيسر زاد
واغسلاه بالدمع إن كان طهراً=وادفناه بين الحشى والفؤاد
واحبواه الأكفان من ورق المص=حف كبراً عن أنفس الأبراد
واتلوَا النعش بالقراءة والتس=بيح لا بالنحيب والعداد
أسفٌ غيرُ نافع واجتهادٌ=لا يؤدّي إلى غَناء اجتهاد
طالما أخرج الحزين جوى الحز=ن إلى غير لائقٍ بالسداد
مثلَ ما فاتت الصلاة سليما=ن فأنحى على رقاب الجياد
وهو من سُخرت له الإنس والج=ن بما صح من شهادة صاد
خاف غدر الأنام فاستودع الرِّي=ح سليلاً تغذوه درّ العهاد
وتوخى له النجاة وقد أي=قن أن الحِمام بالمرصاد
فرمته به على جانب الكر=سيّ أم اللُّهَيم أخت النآد
كيف أصبحت في محلّك بعدي=ياجديراً مني بحسن افتقاد
قد أقرّ الطبيب عنك بعجز=وتقضّى تَرددُ العوّاد
وانتهى اليأس منك واستشعر الوج=د بأن لامعاد حتى المعاد
هجد الساهرون حولك للتم=ريض ويحٌ لأعين الهجّاد
من أسرة مضوَا غير مغرو=رين من عيشة بذات ضماد
لا يغيّركم الصعيد وكونوا=فيه مثل السيوف في الأغماد
فعزيزٌ علي خلطُ الليالي=رِمِّ أقدامكم بِرِمّ الهوادي
كنتَ خل الصبا فلما أراد ال=بين وافقتَ رأيه في المراد
ورأيت الوفاء للصاحب الأ=ول من شيمة الكرام الجواد
وخلعت الشباب غضّاً فيا لي=تك أبليته مع الأنداد
فاذهبا خير ذاهبين حقيقي=نِ بسقيا روائح وغواد
ومَراثٍ لو أنهن دموعٌ=لمَحَون السطور في الإنشاد
زحلٌ أشرف الكواكب داراً=من لقاء الردى على ميعاد
ولِنار المريخ من حَدَثَان الده=ر مطفٍ وإن علَت في اتقاد
والثريا رهينةٌ بافتراق ال=شمل حتى تُعدُّ في الأفراد
فليكن للمحسّن الأجلُّ المم=دودُ رغماً لآنف الحساد
وليطب عن أخيه نفساً وأبنا=ء أخيه جرائحِ الأكباد
وإذا البحر غاض عني ولم أر=وَ فلا رِيّ بادّخار الثِّماد
كل بيت للهدم ما تبتني الور=قاء والسيد الرفيع الهماد
والفتى ظاعنٌ ويكفيه ظل ال=سدر ضربَ الأطناب والأوتاد
بان أمر الإله واختلف النا=سُ فداع إلى ضلال وهاد
والذي حارت البرية فيه=حيوان مستحدث من جماد
واللبيب اللبيب من ليس يغت=رُّ بكونٍ مصيره للفساد
ـ[رائد عبد اللطيف]ــــــــ[20 - 11 - 2006, 03:14 م]ـ
شكرا أخي الشمالي، هل من تعليق على البيت الآتي:
رُب لحدٍ قد صار لحداً مراراً .... ضاحكٍ من تزاحم الأضداد
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[20 - 11 - 2006, 05:01 م]ـ
تحية أخي الكريم رائد، لكي نفهم معنى البيت على حقيقته لابد أن ننظر إلى
البيت الذي سبقه وهو:
سر إن اسطعت في الهواء رويداً ... لااختيالاً على رفات العباد
لأن المدفونين في نفس هذه القبور هم أنا وأنت جدي وجدك ......
ولكن أود قراءة تعليقك عليه.
وهناك بيت فيه خطأ فالمعذرة وهو:
كل بيت للهدم ما تبتني الور****قاء والسيد الرفيع الهماد
العماد بدلاً من الهماد
ـ[رائد عبد اللطيف]ــــــــ[20 - 11 - 2006, 09:36 م]ـ
أخي الشمالي إن المشككين بعقيدة إبي العلاء احتجوا بهذا البيت للطعن بعقيدة الرجل .. والله أجل وأعلم
¥