تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أدبُكم مِنْ معالمِ حضارتِكم، يا عشَّاقَ الإبداع!

ـ[ناصر الكاتب]ــــــــ[12 - 11 - 2006, 06:59 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

إنَّ من أصناف تخلفنا –معشر هذا الجيل-: إعراضنا عن فقه لغتنا العربية، وتذوُّقِ أدبها الأصيل الرفيع.

والأدبُ «هُوِيَّة» تُدَوَّن في صدرِ كلِّ أمةٍ راقية، ولئِن تركْنا هُويتنا هَويْنَا في قعرِ التبعيَّة، لنعبرَ حين نعبر مع قافلة المتخلفين.

والأدبُ نتاج عقول، وحصيلةُ تجارب، وهو ينتفع بتجارب الآخرين، ولم يكن هذا الانتفاع تخلفا؛ لكنَّ التخلُّف هو في تفريغ عقولنا، وتركه لأشتات غريبة تتنازعه، وهو خالٍ من أدواتِ (التصفية) وموارد النماء.

قال أحد أدباء العصر: «ولولا الأدبُ العربي وحرصنا عليه واعتدادنا به واستمدادنا منه لوقعنا في العبوديَّة العقليَّة وهي أشدُّ خطرًا وأسوأ أثرًا من العبوديَّة الجسميَّة؛ لأنَّ العبوديَّة الجسميَّة لا تتعدَّى الأجسام والحطامَ والغَرَض، ومثلها مثل الجسم يرجى شفاؤه متى عُرِفَ دواؤه؛ أما العبوديَّة العقليَّة فهي تسلُّطُ أمَّة على عقل أمَّة أخرى بمحو لغتِها وقتل قوميتها وقطع ما بينها وبين آدابها وتقاليدها، فتصبح جسمًا بلا روح، وقلبًا بلا بغير عاطفة، ونفسًا بدون شرَف، ووجودًا مِن غير غرَض» اهـ[أحمد حسن الزيات: في أصول الأدب: 5].

وأقول: إنَّ من يقلل من شأنِ هذا الأدب، ويصِمُه بالرجعيَّة والجفاف، ويرى أنَّ «الإبداع» الذي هو موهبة تولد مع الإنسان، وتنمو مع أي أدبٍ، غنيُّ عن أدب لغتنا الخالدة: ليُسْهم في اجتثاث نبتة الإبداع قبل رسوخها؛ حتى تكون آدابُنا كأوراق الخريف الطائرة مع كلِّ ريح، والهائمة في كلِّ بلقع!

وإنَّنا لن ننتفع بثمار نبتة الإبداع حتى ترسخ جذورها في أرضِ الأصالة، وتنهل من الماء النظيف.

ناصر الكاتب

حرِّرَ في: 1/ 7 / 1427هـ.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير