تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مادة شعرية حول عصور الشعر العربي]

ـ[عاشق اللغة العربية]ــــــــ[26 - 08 - 2006, 05:10 م]ـ

الشعر الجاهلي

عرف الشعر الجاهلي بأنه ديوان العرب لاشتماله على أخبارهم وسائر أحوالهم.

وللشعر الجاهلي أبواب رئيسة مستقلة وهي الفخر والحماسة والمدح والهجاء والرثاء، وأغراض إضافية غير مستقلة مثل الغزل والطبيعة والخمريات والحكم والمواعظ.

أولا: الوصف:

الوصف أعظم ركن يعتمد عليه شاعرهم في مختلف أبوابه وأغراضه، لما له من عين نافذة حديدة اللحظ دقيقة المراقبة، تتنبه لكل ما يحيط بها من الموصوفات، وهي محدودة في البادية، فإذا أراد أن يصف شيئا، لا يصف إلا ما يؤثر في نفسه مما يعايشه ويسمعه ويراه، أو مما يتوهمه فيحسه وتنطبع له صورة بليغة في خياله، أحاط بالموصوف من أظهر نواحيه، أو أحاط بناحية منه يطلبها دون غيرها، مشبعا موصوفه على الحالين، مخرجا عنه صورا حسية رابية الملمس، تنقله أحيانا نقلا آليا مهذبا، وتخلقه حينا خلقا شعريا زكيا.

ويخرج من الوصف إلى قصص قصيرة يحدث بها عن مغامراته الغرامية، او معاركه وغزواته، أو يروي شيئا من الأخبار مما انتقل إليهم.

على أن خيال الجاهليين لم يتسع للملاحم والقصص الطويلة لانحصاره على بادية متشابهة الصور، ثم لماديتهم وكثافة روحانيتهم، ثم لفرديتهم وضعف الروح القومية فيهم، ثم لقلة خطر الدين في قلوبهم وقصر نظرهم عما بعد الطبيعة.

ولهذه الأسباب اقتصر شعرهم على أغراض وجدانية تغمرها الذكريات، مبتورة القصص، يتواطأون عليها بأسلوب متشابه الاتجاه، فيستهلون على الغالب ولا سيما القصائد الطوال بذكر الديار الخالية والوقوف عليها للبكاء أو التحية والسؤال، متشوقين إلى أحبتهم، ثم يرحلون على ناقتهم مفرجين بها همهم، قاصدين الحبيبة أو الممدوح، فيصفونها ويصورون سرعتها ونشاطها، ثم ينتقلون إلى المدح أو الفخر أو غير ذلك، فيجتمع لهم في قصيدة واحدة عدة أغراض.

ومعاني الشعر الجاهلي لا تخلو من الغموض وذلك لغرابة الألفاظ، وما فيها من ايجاز وحذف، او على ما تتضمنه من تلميحات إلى حوادث تاريخية، أو إلى عقائدهم وعاداتهم.

ومنظومهم قصيد ورجز، وأرجيزهم في الغالب قصيرة، وهي مثل قصائدهم تجري على قافية واحدة ووزن واحد، ويستحسن عندهم تصريع المطلع أو تقفيته، ولهم من سلامة الطبع ما يرشدهم إلى اختيار القافية الملائمة للبيت.

ثانيا: الفخر والحماسة:

اتفق مؤرخو الأدب أن يجعلوا الفخر والحماسة بابا واحدا لما بينهما من الاتصال الوثيق، لأن الحماسة ليست سوى فخر الفارس ببطولته وذكر وقائعه.

وباب الفخر في الجاهلية وإن اتسع إلى موضوعات غير الفروسية كالنسب والسيادة، لا يخلو من المباهاة بالشجاعة والاقدام، ويحسن بالفروسية أن يرافقها شرف المحتد ومكارم الأخلاق، حتى إن المضعوفين في نسبهم يدافعون عنه أنبل دفاع، كما دافع عنترة عن نسبه لأمه، ولا يرضى أحد الصعاليك كالشنفري والسليك أن يغمز في حميد صفاته.

وشعر الفرسان يشتمل على جميع الفضائل الجاهلية، حيث ينصرف الشاعر إلى ذكر حروبه مبالغا في وصف البطل الذي يبارزه، أو وصف المعركة التي يخوض غمارها.

ويحدث عن القتلى والأسرى والسبايا والغنائم، فلا يخلو حديثه عن تكثر أو غلو وهما من خصائص شعر الفروسية، على أن غلوهم لم يأت مستقبحا، وهو وليد العاطفة المتحمسة تجعله قريبا إلى النفس.

والشعر الحماسي كسائر الشعر الجاهلي يعتمد على الأكثر على الوصف، وفي الأقل على القصص، وهو في كلا الحالين يؤثر الايجاز على التطويل، ويتعلق بالمادة أكثر من الروح، ويلمح الجزئيات دون الكليات، فيعطينا المعركة على الاجمال تهاويل مقطعة الخطوط والأوصال لا يتألف من أجزائها وحدة موضوعية متلاحمة.

والوصف عنده لا يتعدى الطبيعة ومرئياتها، فجواد عنترة في شكواه وتألمه، صورة تكاد تكون فريدة في روحانيتها وارتفاع الحيوان بها إلى درجة الإنسانية، وليس له اليد الطولى في استجلاء أسرار النفس، فبراعته في الوصف لا تجاوز النقل عن الطبيعة على شيء من الاحكام والتهذيب، لأن البدوي له عين متنبهة لالتقاط المرئيات، وليس له قوة الخيال المبدع فيخترع صورا جديدة أو يخلقها خلقا مبتكرا إلا في القليل المحدود.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير