تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[بحث في المعارضات الاندلسية]

ـ[قصي علي الدليمي]ــــــــ[19 - 08 - 2006, 01:44 م]ـ

المعارضة لغةً وإصطلاحاً

المعارضة لغةً: هي المقابلة فيُقال فلانٌ يُعارضني أي: يباريني،وعارضته في السير إذا سرتُ حِياله وحاذيته، وعارَضَ الشيءَ بالشيءَ مُعارضةً قابَلَه وعارَضْتُ كتابي بكتابه أَي قابلته وعارضته مثل ما صنع أي: أتيت إليه بمثل ما أتى وفعلتُ مثلَ ما فعل. (1)

المعارضة إصطلاحاً: لعلَّ أفضل تحديد لمفهومها ما ذكره الأستاذ الدكتور أحمد الشايب بقوله (والمعارضة في الشعر أن يقول شاعر قصيدة في موضوع ما. من أيّ بحرٍ وقافية فيأتي شاعر آخر فيعجب بهذه القصيدة لجانبها الفنّي وصياغتها الممتازة فيقول قصيدة في بحر الأولى وقافيتها وفي موضوعها مع انحراف يسير أو كثير حريصاً على أن يتعلَّق بالأول ودرجته الفنّية ويفوقه، فيأتي بمعانٍ أو صور بإزاء الأولى، تبلغها في الجمال الفنّي أو تسمو عليها بالعمق أو حسن التعليل و جمال التمثيل أو فتح آفاق جديدة في باب المعارضة) (2)

ولا علاقة بين اتفاق الشاعرين في العصر أو إختلافهما فيه.

ونلمح الصلة بين المعنيين اللغوي و الاصطلاحي حين علمنا أنَّ المعارضة في اللغة هي المقابلة كما تقدَّم ذلك (3)

هل المعارضة من مظاهر التقليد؟

(المعارضة ليست من مظاهر التقليد لأنَّ مجرد قول الشاعر قصيدة في بحر قصيدة أخرى وقافيتها وموضوعها

لا يدل على تقليد مطلق للشاعر السابق فالمعارضة مظهر من مظاهر الإبداع وصورة من صور التفوّق لا سيَّما

في مراحلها الأخيرة فقد يبدو الشاعر مقلداً وتكون المعارضة مظهراً من مظاهر هذا التقليد لكنَّه لن يجرؤ على معارضة كبار الشعراء إلا بعد أن تستوي لديه مَلَكَةُ الشعر فيحاول مجاراة أعلام الشعراء و مظاهاتهم. وتنتهي هذه النزعة وتستوي على ساقها حين يدرك مرتبة أولئك الشعراء الذين بدأ معجباً بهم ومن هنا نقرر بأنَّ المعارضة حالة تتجاوز التقليد إلى الإبداع و المتابعة إلى الابتكار و الشاعر يمزج فيها بين القديم و الجديد) (4)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1. لسان العرب مادة (عرض)

2. تأريخ النقائض في الشعر العربي القديم ص 7

3. الأدب الأندلسي / للدكتور منجد مصطفى بهجت ص 266

4. الأدب الأندلسي / للدكتور منجد مصطفى بهجت ص 267

هل المعارضة مناقضة؟

لا ليست المعارضة مناقضة. لانَّ المعارضة تدل على الإعجاب و تعرب عن الوفاء وتتصل بالبراعة الفنيّة التي تصل إلى درجة التحدي. أمّا المناقضة فتدل على الاختلاف بين الشاعرين وعدم اتفاقهما من حيث الأفكار

بشكل أساس. (5) فلماذا لا تعد المناقضات تقليداً؟ وتعد المعارضات تقليداً (على رأي بعض الدارسين)؟

أ لِأنَّ المعارضات أندلسية (مغربية) والمناقضات مشرقية؟ أم لأنَّ المعارضات لم تشتهر عند المشارقة كما اشتهرت عند المغاربة؟ فمن أراد أن يعرف المغاربة فلْيقرأ عنهم و لْيرَ كيف كانوا يهتمون باللغة أيما اهتمام

مما أعطاهم الموهبة في معارضاتهم.ومن أراد الاستزادة فلْيطلع على (اثر القرآن الكريم في الشعر الأندلسي منذ الفتح وحتى سقوط الخلافة) فيرى كيف تأثروا بالقرآن الكريم في شعرهم. فهل هذا تقليداً؟

هل أنَّ المعارضات كانت في الشعر فقط؟

(نظراً لثقافة العصر فإنَّ المعارضات كانت في الشعر و النثر بل حتى في الحياة اليومية وماذاك إلا لإعجاب الأندلسيين بأدب المشرق وتأثرهم به لأنَّهم كانوا يجدون فيه الوطن الأم الذي نزحوا منه وهم فرع من هذه الشجرة ومعروف أنَّ الفرع يعود إلى الأصل فأسماء مدن المشرق كانت في المغرب فقد نُقِل عن المقرّي أنَّ أبا الخطار حسام الكلبي كثُرَ أهل الشّام عنده ولم تحملهم قرطبة ففرَّقهم في البلاد وانزل أهل دمشق البِيرَة لتشابههما وسماها دمشق وانزل أهل حمص أشبيلية وسماها حمص،وهكذا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير