[من روائع غازي القصيبي]
ـ[د. محمد الرحيلي]ــــــــ[16 - 11 - 2006, 03:13 م]ـ
الشاعر الكبير غازي القصيبي يرثي نفسه
ويخاطب زوجته وبناته مستغفراً ربه:
خمسٌ وستُونَ .. في أجفان إعصارِ
أما سئمتَ ارتحالاً أيّها الساري؟
أما مللتَ من الأسفارِ .. ما هدأت
إلا وألقتك في وعثاءِ أسفار؟
أما تَعِبتَ من الأعداءِ .. مَا برحوا
يحاورونكَ بالكبريتِ والنارِ
والصحبُ؟ أين رفاقُ العمرِ؟ هل بَقِيَتْ
سوى ثُمالةِ أيامٍ .. وتذكارِ
بلى! اكتفيتُ .. وأضناني السرى! وشكا
قلبي العناءَ! ... ولكن تلك أقداري
...
أيا رفيقةَ دربي! .. لو لديّ سوى
عمري .. لقلتُ: فدى عينيكِ أعماري
أحببتني .. وشبابي في فتوّتهِ
وما تغيّرتِ .. والأوجاعُ سُمّاري
منحتني من كنوز الحُبّ .. أَنفَسها
وكنتُ لولا نداكِ الجائعَ العاري
ماذا أقولُ؟ وددتُ البحرَ قافيتي
والغيم محبرتي .. والأفقَ أشعاري
إنْ ساءلوكِ فقولي: كان يعشقني
بكلِّ ما فيهِ من عُنفٍ .. وإصرار
وكان يأوي إلى قلبي .. ويسكنه
وكان يحمل في أضلاعهِ داري
وإنْ مضيتُ .. فقولي: لم يكنْ بَطَلاً
لكنه لم يقبّل جبهةَ العارِ
...
وأنتِ! .. يا بنت فجرٍ في تنفّسه
ما في الأنوثة .. من سحرٍ وأسرارِ
ماذا تريدين مني؟! إنَّني شَبَحٌ
يهيمُ ما بين أغلالٍ .. وأسوارِ
هذي حديقة عمري في الغروب .. كما
رأيتِ ... مرعى خريفٍ جائعٍ ضارِ
الطيرُ هَاجَرَ .. والأغصانُ شاحبةٌ
والوردُ أطرقَ يبكي عهد آذارِ
لا تتبعيني! دعيني! .. واقرئي كتبي
فبين أوراقِها تلقاكِ أخباري
وإنْ مضيتُ .. فقولي: لم يكن بطلاً
وكان يمزجُ أطواراً بأطوارِ
...
ويا بلاداً نذرت العمر .. زَهرتَه
لعزّها! ... دُمتِ! ... إني حان إبحاري
تركتُ بين رمال البيد أغنيتي
وعند شاطئكِ المسحورِ .. أسماري
إن ساءلوكِ فقولي: لم أبعْ قلمي
ولم أدنّس بسوق الزيف أفكاري
وإن مضيتُ .. فقولي: لم يكن بَطَلاً
وكان طفلي .. ومحبوبي .. وقيثاري
...
يا عالم الغيبِ! ذنبي أنتَ تعرفُه
وأنت تعلمُ إعلاني .. وإسراري
وأنتَ أدرى بإيمانٍ مننتَ به
علي .. ما خدشته كل أوزاري
أحببتُ لقياكَ .. حسن الظن يشفع لي
أيرتُجَى العفو إلاّ عند غفَّارِ؟
ـ[أبو ذكرى]ــــــــ[16 - 11 - 2006, 03:49 م]ـ
نعم الاختيار
ـ[رؤبة بن العجاج]ــــــــ[16 - 11 - 2006, 04:13 م]ـ
احببت لقياك ... حسن الظنّ يشفع لي
أيرتجى العفو إلا عند غفّارِ؟
لله دره ...
ما أرجى بيته .. و ما أحسن ما ختم به قصيدته ...
جزاك الله خيراً على حسن اختيارك ..
و جميل اقتنائك ...
و مع مزيدك إن شاء الله تعالى ...
والسلام,,,
ـ[معالي]ــــــــ[16 - 11 - 2006, 06:14 م]ـ
ما أبدعها!
وله قصيدة ستينية أهداها قبلُ إلى خالد الفيصل، رفيق الستين كما قال، وهي بديعة أيضا، غير أن هذه تفوقها.
لكن قصيدته رسالة المتنبي الأخيرة إلى سيف الدولة تبقى غرة شعره.
معالي الوزير تختلف معه وتتفق، غير أنك تقف إعجابا لكثير -ولا أقول كل -من شعره، وكل نثره!
نعم الاختيار أيها المبدع الدكتور العاشق.
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[16 - 11 - 2006, 06:48 م]ـ
ذائقة ولا أروع عاشق الفصحى
ولله در القصيبي ووفاءه
أيا رفيقةَ دربي! .. لو لديّ سوى
عمري .. لقلتُ: فدى عينيكِ أعماري
بوركت مجددا