عروبة اليوم هي صورة الأمة عند خليفة البردّوني
ـ[الأحمدي]ــــــــ[07 - 08 - 2006, 07:07 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
دفعني إلى كتابة هذا الموضوع نقل أحد الأخوة الكرام في منتدى النقد و الأدب المقارن لقصيدة الشاعر عبد الله البردّوني: أبو تمام و عروبة اليوم.
قبل سنين فارقنا عبد الله البردوني، و ما زال جرس بيته يرن في أصداء صنعاء:
ماذا أحدث عن صنعاء يا أبتي ... جميلة عاشقاها السل و الجرب
يومها قلنا لن تلد اليمن مثل البردوني، و نسينا ما قاله البردوني:
لكنها رغم بخل الغيث ما برحت ... حبلى وفي بطنها (قحطان) أو (كرب)
اليوم شاعر موهوب من شعراء اليمن يجدد نظرة البردوني لعروبة اليوم، لكن اعتزازنا بالعروبة و نسيان الإسلام في نظر الشاعر طارق عبد السلام كرمان هو أحد أسباب هزيمتنا:
وكيف قد ناب عن إسلامنا صنمٌ ... من العروبة منكوسٌ على عقِبِ
هذه القصيدة بعنوان: صورة الأمة و أبعاد القضية للشاعر طارق عبد السلام كرمان، أقدمها لكم و كلي انبهار بالحكمة التي امتلأت بها.
"يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ"
نبغي الوصول بلا سيرٍ ولا تعبِ = ونرتجي الغيثَ مشروطاً بلا سحُبِ
ونبتغي العزَّ من أسباب ذِلتنا = ونطلب النصرَ لم نفعلْ سوى الطلبِ
نبيع للغرب ما تحتاج صنعته = لنشتري منه حتى القمحَ في قِربِ
ونترك الأرض تبكي فهْي خاويةٌ = جدباء إلا من الأكياس والعُلبِ
ونملك النفط بحراً تحت أرجلنا = نضيء منه بزيتٍ غير مجتلبِ
هذا .. ولو وقفت يوماً شرائكهم = عن نقبِ آبارنا عشنا على الحطبِ
ونحبط العلماء المبدعين فهُم = في أرضنا بين مدفونٍ ومكتئبِ
والمفلحون الأُلى فروا بأرؤسهم = وأصبحوا بين غربيٍّ ومغتربِ
ليستزيد العدى مما أتوه به = علماً وتزداد جهلاً أمّة العربِ
ونستميل هوى الأغرابِ في شغفٍ = ونشتهي ودَّ طاغوتٍ ومغتصبِ
وبعضنا مبغضٌ بعضاً فما أملٌ = في أن نطبّع ما فينا من الكَلَبِ
ونستعدّ بآلاتٍ وأسلحةٍ = وفي الكريهة نستحيي من الغضبِ
فنعلن السِلمَ والأعداء تطحننا = رحاتهم وغبار الحربِ لم يغِبِ
فيُنزلون بنا سوء العذاب بلا = رفقٍ ونحن نردّ الجمرَ بالرُطبِ
فنقصُد الربَّ أمريكا وكعبته الـ = ـبيضاءَ، نحْرم حول الخمسة القُببِ
وكم ذبحنا قرابين الولاء له = وكم ركعنا وناديناه في النوَبِ
فردنا بحلول هُنَّ محنتنا = فلم يطبب قضايانا ولم نطِبِ
وكم قضينا من الأعوام في هزَلٍ = مع الهزائم والنكْسات والكُربِ
واليوم في شدّةِ الكَرْب المُلِمِّ بنا = نبكي ونضحك من قهرٍ ومن عجبِ
وما حقيقة ما يجري لأمّتِنا = إلا حصيلةُ ما عشناه من كذبِ
فاضرب لنا مثلاً في حُمقنا .. رجُلاً = في القفْرِ حرّانَ من سفْرٍ ومن نصَبِ
رمى إلى البئر دلواً لا رشاءَ له = ومات منتظراً والدلوُ لم يؤُبِ
وآخراً سكب الماءَ الذي معه = مستغنياً بسرابٍ لاح عن كثبِ
وجائعاً دسَّ قُوتاً حيطةً لِغدٍ = ومات في سغَبٍ حِذراً من السغَبِ
وزارعاً عِنَباً ما اسطاع يعصره = فباعه واشترى كوباً من العِنبِ
ووارثاً كنزَ أسفارٍ تحمّلها = عبئاً على ظهره المضنى من التعبِ
فأثقلته فشاء الإنتفاع بها .. = وبئسما انتفع الحطّابُ بالكُتبِ
وجاهلاً داءَه أبلى بليّته = إذ راح يحسو دواءَ السُلّ للجربِ
ومستجيراً من الأفعى بأخوتها = وشاكياً من أذى كلبٍ إلى ذئِبِ
وقائلاً لأعاديه اضربوا عُنُقي = لن تسقطوا غصُنَ الزيتون من ذنَبي
ماذا تبقّى لدينا اليومَ وا أسفا = حتى نطيق سوى التنديد والعتَبِ
سيوفنا بيننا بيضٌ مهنّدةٌ = وإن طُعِنّا فألواحٌ من الخشبِ
جيوشنا ذات كرٍّ إن هي اعتركت = وإن غُزينا فأمثالٌ على الهربِ
حكّامُنا ضدّنا أُسْد الشرى وعلى = أعدائنا قِطَعُ الشطرنج واللُعَبِ
شعوبنا جامداتٌ كالجليد فإن = تحرّكت غضباً ذابت فلم تثِبِ
فما لدينا سوى الأبواق نشهرها = عند الحروب لنلقى الخطْبَ بالخُطبِ
كذلك اليوم أصبحنا فلا عجباً = إذا جثونا على الأرداف والرُكبِ
فناب عنا فتاةٌ في معاركنا = وذاد عن عرضنا وا ذلّتاه صبي
* * * * * * *
ماذا؟ أتعجب من فعل العدوّ بنا .. = أنظر إلى ما فعلنا نحن تكتئبِ
ألا ترى عندنا الإعلام كيف غدا = منابراً للخنى والرقصِ والصَخَبِ
وكيف غطت صدور المطربات على = وجوه أهل التقى والعلمِ والأدبِ
وكيف تفعل ساعات المجون بنا = ما ليس يفعله الأعداء في حِقَبِ
وكيف أنّا نسينا الله خالقنا = وما اتخذنا لكي نرضيه من أربِ
حتى انحرفنا وزغنا عن عبادته = إلى الحضيض فنلنا أحقر الرُتبِ
وكيف صار كتاب الله منتبذاً = وراء أظهرنا حمّالةِ الحطبِ
حتى استخفّ به أعداؤنا وأتوا = ليصلبوه على عودٍ من القصبِ
وكيف قد ناب عن إسلامنا صنمٌ = من العروبة منكوسٌ على عقِبِ
بالت قرود يهودٍ فوقه فعيا = عن ردّها ودعوناه فلم يُجِبِ
ندعو العروبَ .. وبين المُهرقي دمِنا = من اليهود لآلافٌ من العربِ
وقد أتوا من بقاع الأرضِ يجمعهم = رغم التفرق دينُ الهيكلِ الخرِبِ
قل لن تنجّي أبا جهلٍ عروبتُه = يوم القيامة أو تغني أبا لهَبِ
وإنما نحن بعد الجاهليّة قد = أعزنا الله بالإسلام لا النسبِ
حتى ابتغينا بغير الدين عزتنا = والارتقاء بحبل العرق و العصَبِ
أذلنا اللقطاء الأرذلون وهم = بلا انتسابٍ ولا دينٍ ولا حسبِ
سل أمَّ شارون في أيّْ مرقصٍ حبلت = به وإن ذكرت سلها لأيّ أبِ؟
وجورجَ بوشٍ وكولن باولْ هل لهما = من الرجولة ما يغني عن ال ( ... )
ويسئلونك ماذا يفعلون؟ فقل = توبوا إلى الله ينجيكم من الكَرَبِ
فما عدى بُعدِنا عن دين خالقنا = ما للقضيّة من بُعدٍ ولا سببِ
* * * * * * *
يا صاحِ هب أن أمريكا غداً غرقت = تحت المحيط بموجٍ هائجٍ لجِبِ
وأن أرض فلسطينا بمعجزةٍ = تحررت من قيود الغاصب الجُنُبِ
أينتهي خطْبنا؟ .. كلا؛ فإن لنا = خطباً مع الواحد القهار فلْنتُبِ
وإن داءً لَيَستشري بأنفسنا = إلا نغيرْه نستفحل فننتكبِ
وإنّ أمرَ بني صهيون سائقنا = إما إلى صحوةٍ أو سوء منقلبِ
¥