تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الأدب العربي اليهودي]

ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[01 - 10 - 2006, 03:23 ص]ـ

الأدب اليهودي العربي [ B]

(Judaeo-Arabic Literature)

تطلق تسمية "الأدب اليهودي العربي" للدلالة على المؤلفات العربية التي كتبها الكتاب اليهود في العصر العباسي عموماً وفي الأندلس خصوصاً في مواضيع تتعلق بالديانة اليهودية وبشريعتها وباللغة العبرية وبآدابها من نثر وشعر وما إليهما.

عاش اليهود في ظل الحضارة الإسلامية عيشاً كريماً وعرفت جالياتهم في حواضر الدولة الإسلامية بُحبُوحة من العيش ما عرفوها قط في تاريخ شتاتهم بإجماع علمائهم واعترافهم بذلك قبل غيرهم*. أثرت الدراسات اللغوية والدينية، خصوصاً المتعلقة بالقرآن الكريم وبعلومه، التي قام بها العلماء المسلمون، بالمسيحيين واليهود القاطنين في أصقاع الدولة الإسلامية فتأثروا بأعمال العلماء المسلمين وبدؤوا يدرسون لغاتهم وكتبهم المقدسة متبعين في ذلك مناهج العلماء المسلمين، فأخذ السريان الغربيون عن العرب نظام الإعجام والحركات الذي وضعه أبو الأسود الدؤلي واستعملوه لضبط أصوات السريانية (أما الكلدان فاستعاروا أحرف الأصوات اليونانية وشكلوا بها كتابتهم المعروفة بالإسطرنجيلو). وأخذ أحبار اليهود المعروفون بالمسوريين نظام الإعجام والحركات عن العرب وضبطوا به أيضاً أصوات لغتهم العبرية، مع العلم أنها كانت في ذلك الوقت (القرن الثاني للهجرة) لغة غير محكية.

وتأثر علماء اليهود بالدراسات اللغوية العربية فطبقوها على العبرية فكانت كتب سعاديا الفيومي وحيوج وابن برون ويهوذا بن قريش ومروان بن جناح القرطبي في اللغة العبرية. ويعتبر "كتاب اللمع" لمروان بن جناح أهم كتاب نحو في العبرية اتبع فيه منهج سيبويه في الكتاب. ووضع ابن جناح أيضا معجماً عبرياً عريباً هو "كتاب الأصول" فسر فيه غريب التوراة بما يقابل ألفاظها من العربية ودافع عن منهجه هذا دفاعاً قوياً ضد علماء التلمود ووصفهم فيه بالجهلاء.

وتأثر علماؤهم الآخرون بما كتب علماء المسلمون في علم الكلام والفقه والتصوف فأتت كتبهم صدى لكتابات العلماء المسلمين. فكتب سعاديا الفيومي كتابه "كتاب الأمانات والاعتقادات" يرد فيه على فرقة القرائين اليهود التي ظهرت في بغداد، وكتب ابن بقودا كتابه "الهداية إلى فرائض القلوب" تقليدا للإمام الغزالي في "إحياء علوم الدين"، وأتت كتب ابن عزرا شبيهة برسائل الجاحظ في الأدب، وألف موسى بن ميمون كتبه، خصوصاً كتابه الشهير "دلالة الحائرين"، على غرار كتب الكندي والفارابي وابن سينا وغيرهم في محاولة التوفيق بين النقل والعقل.

وفي مجال الأدب اقتبس اليهود من العرب الأنواع الأدبية العربية كلها وقلدوها فأدخل الشاعر العبري دونش بن لبراط (القرن الثالث الهجري) بحور الشعر وعلم العروض كما وضعه الخليل بن أحمد في العبرية وأسس بذلك لشعراء كبار جاؤوا من بعده مثل يهوذا اللاوي وإسماعيل بن النرغيلة وغيرهما. وقد أثار إدخال البحور العربية في الشعر العبري الذي لم يكن يعرف الوزن والقافية حفيظة علماء التلمود الذين اعترضوا دون جدوى على ذلك خصوصاً وأن الشعراء اليهود آنذاك كانوا ينظمون الشعر في الأنواع المعروفة عند العرب من مديح وهجاء وفخر ورثاء وغزل وخمر ومجون وزهد وتصوف في لغة كانت الأشعار البسيطة فيها (كالمزامير وترنيمات الشعراء المعروفين بالبيتانيم) تتلى في الصلوات فقط. وقلد الأديب العبري المعروف بالحريزي (بالزاي) بديع الزمان الهمذاني والحريري في فن المقامات ونسج على منوالهما فوضع مقامات في العبرية تسمى ??????? (تَحكِموني أي "مقامات").

وقد كتب هؤلاء العلماء كل كتبهم باللغة العربية، بعضهم كتبها بالكتابة العربية، وبعضهم بالكتابة العبرية. تسهل هذه الكتب على الطلاب العرب الذين يدرسون العبرية وآدابها كثيراً لأنها مكتوبة بالعربية ولأنها مؤلفة وفقا لمناهج وضعها العرب ولأنها تعتمد منهجاً مقارناً في علم اللغة وأحياناً في علوم الدين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير