أختي معالي هالتني عبارتك في مقالك "بدأتُ أشككُ في كل ما تحمله بطون كتب التراث!! "وللشك كل الحق أن يتملك عليك نفسك، ولو اتفق لتراثنا التاريخي والأدبي أن يحظى بمثل ماحظيت به كتب الحديث الشريف لكان لنا مع موروثنا شأن آخر .... نحن مولعون دوما بالحقيقة، متعلقون بأسبابها، وعند تعارض الأخبار أو اختلاف مضامينها، تجدين لنا فزعا بتتبع أسانيدها ومواطن ثبوتها حتى يتبين لنا الخيط الأبيض من الأسود، أو على الأقل يتبين لنا الجانب الأكبر من الحقيقة، وعلى أية حال فإن المنهج التاريخي أو الأدبي له في تاريخنا مايشبه المنهج الأوروبي الذي يعده الباحثون بعلم الرواية هو الأقرب في منهجيته وتقعيده من الحقيقة، بل ربما فاق أسلافنا في بعض تقعيداتهم الروائية المنهجية الأوروبية في ذلك، وكتاب "الأغاني " نموذجا حيا برغم كل مايقوله المشفقون على أخلاقنا فيه، وربما تسمحين لي أختي معالي أن أشير إلى كتاب عمي لا يعرف عنه الأكثرون شيئا، تناول صاحبه بدراسة مقارنة أصيلة المنهج الإسلامي الروائي بمجالاته الثلاثة الأثري والتاريخي والأدبي والمنهج الأوروبي مع تطبيقات وإحالات جد مفيدة ومتقنة وبإبداع بالغ، وهو كتاب:
المنهج الأوروبي والمنهج التاريخي الإسلامي. لعثمان موافي.
وهو من أروع ماقرأته في هذا الخصوص، ولعل ماتجدينه في نفسك من الشك بصدق ماتحمله كتب التراث، ولهذ القصور الفاحش في تأصيلها، هو مايحمل كاتبا جليلا كطه حسين إلى التشكيك بكثير من حوادث التاريخ التي نعدها اليوم حوادث مفصلية في تاريخنا القديم، بل وإلى رد كثير من الروايات الأدبية .... بل فاض به الأمر إلى إنكار الشعر الجاهلي برمته في كتابه الشهير "الشعر الجاهلي" الذي يعد تناوله منذ ظهوره وإلى يومنا هذا أمرا عسيرا. بل إن الشك الذي لم يجد طه وسيلة لنفيه من نفسه كلما زاد إيغالا في كتب التراث العربي هو ماحمله إلى تلك الدعوة المشؤومة بإخضاع كل نص أدبي أو تاريخي تحت مقصلة المنهجية التحقيقية بدافع الشك في ثبوته بما في ذلك القرآن الكريم باعتباره نصا أدبيا حسب منظور طه حسين له في تصنيفه.
أنا أشاطرك أختي معالي هذا الشعور المشفق الذي يختزنك حيال مرواياتنا التي هي بحاجة إلى كثير من الدراية والتحقيق على ألا يشط بنا البحث إلى إنكار شطر من ثقافتنا التاريخية والأدبية على حد سواء.
وتقبلي مني تحياتي العطرة
ـ[معالي]ــــــــ[07 - 09 - 2006, 10:46 م]ـ
الأستاذ محاكاة
بارك الله فيك وشكر لك.
لن يصل بي الأمر إن شاء الله إلى ما وصل إليه طه حسين، وأنا أقصد بمقولتي التي أشرتَ إليها تحديدًا الأخبار والنصوص الواردة في كتب التراث، أما ما لا جدال حول ثبوته كالقرآن العظيم فهو بعيد كل البعد عن ذلك، ونسأل الله السلامة والعافية.
ما أعنيه بالضبط هو ما جاء في نهاية ردك الكريم:
أنا أشاطرك أختي معالي هذا الشعور المشفق الذي يختزنك حيال مرواياتنا التي هي بحاجة إلى كثير من الدراية والتحقيق على ألا يشط بنا البحث إلى إنكار شطر من ثقافتنا التاريخية والأدبية على حد سواء.
فالتحقق من الخبر والرواية منهج علمي أصيل يقبح بالباحث المحقق أن يتجنبه بدعوى أن هذا مما لم يعرفه المتقدمون أو نحوًا من ذلك.
أما قولكم بارك الله فيكم:
ولو اتفق لتراثنا التاريخي والأدبي أن يحظى بمثل ماحظيت به كتب الحديث الشريف لكان لنا مع موروثنا شأن آخر ....
فلا زلتُ أحاول الجمع بينه وبين ما قدمتُه أعلاه في الردّ (36) موجهًا إلى أستاذنا أبي سارة.
بارك الله فيك وجزاك خيرا.
وأظنني ظفرتُ بنصّيْن آخرين من هذا الباب، لعلي أوافيكم به قريبا إن شاء الله.:)
ـ[محاكاة]ــــــــ[08 - 09 - 2006, 08:04 م]ـ
أختي معالي، بعد التحية:
عذري أني أجهل طريقة مراسلة إدارة هذا المنتدى المبارك، وربما تتكرمين علي بحكم موقعك فيه بالطريقة لذلك، يدعوني إلى مثل هذا الالتماس أني حررت تعقيبا على موضوعك هذا البارحة استنفد مني وقتا لتحريره لكني لا أجده الآن مدرجا وأجهل سبب حذفه إذا كان قد حذف فعلا .....
ولك مني كل الامتنان
ـ[معالي]ــــــــ[09 - 09 - 2006, 02:57 م]ـ
لا أظنه حُذف، وربما كان الإشكال فنيا، وهذا يحدث بعض الأحيان.
لو أعدتَ إدراجه سلمك الله.
ـ[محاكاة]ــــــــ[09 - 09 - 2006, 07:58 م]ـ
مازلت مبتدئا بتقنية المنتديات، فأنا لا أجد تعقيباتي على بعض الموضوعات، ولا أعرف سر اختفائها، لكني حين أبعث تعقيبا جديدا -كهذا الذي أكتبه الآن - عن طريق الرد السريع فسرعان مايظهر تعقيبي القديم والجديد معا!!
من يفقهني بالطريقة الصحيحة للتصفح وله من الله الأجر ومني الشكر ...