تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو عاد، من يدري؟ إلى أولاده=يوماً وذٌكِّرَ صورتي لبكاني

*****

وعلى الجدار الصلب نافذةٌ بها=معنى الحياة غليظة القضبانِ

قد طالما شارفتها متأملاً=في الثائرين على الأسى اليقظانِ

فأرى وجوماً كالضباب مصورا=ما في قلوب الناس من غليانِ

نفس الشعور لدى الجميع وإن همُ=كتموا وكان الموت في إعلاني

*****

ويدور همسٌ في الجوانحِ ما الذي=بالثورةِ الحمقاءِ قد أغراني؟

أوَلمْ يكن خيراً لنفسي أن أُرى=مثل الجميع أسير في إذعانِ؟

ما ضرَني لو قد سَكَتُّ وكلما=غلب الأسى بالغت في الكتمانِ

هذا دمي سيسيل، يجري مطفئاً=ما ثارَ في جنبَيَّ من نيرانِ

وفؤاديَ الموَّارُ في نبضاتهِ=سيكفُّ من غده عن الخفقانِ

والظلم باقٍِ لن يُحَطِّمَ قيدهُ=موتي، ولن يودي به قرباني

ويسير ركب البغي ليس يضيرهُ=شاةٌ إذا اجتُثَّت من القطعان

*****

هذا حديث النفس حين تشفُّ عن=بشريتي،، وتمور بعد ثوانِ

وتقول لي: الحياةَ لغايةٍ=أسمى من التصفيقِ للطغيانِ

أنفاسك الحرَّى وإن هي أُخْمِدَتْ=ستظل تغمر أفقهم بدخانِ

وقروح جسمك وهو تحت سياطهم=قسمات صُبْحٍ يتقيه الجاني

دمع السجين هناك في أغلالهِ=ودم الشهيد هنا سيلتقيانِ

حتى إذا ما أفعمت بهما الرُّبَا=لم يبق غير تمرُّدِ الفيضانِ

فمن العواصف ما يكون هبوبها=بعد الهدوء وراحة الربانِ

إنَّ احتدام النار في جوف الثرى=أمرٌ يثير حفيظة البركانِ

وتتابع القطراتِ ينزل بعدهُ=سيلٌ يليه تدفق الطوفانِ

فيموج يقتلع الصغاة مزمجراً=أقوى من الجبروت والسلطانِ

*****

أنا لست أدري، هل ستُذْكَرُ قصتي=أم سوف يعروها دُجَى النسيانِ؟

أو أنني سأكون في تاريخنا=متآمراً، أم هادم الأوثانِ؟

كل الذي أدريه أن تجرُّعي=كأس المذلة ليس في إمكاني

لو لم أكن في ثورتي=غير الضياء لأمتي لكفاني

أهوى الحياة كريمةً، لا=إرهاب، لا استخفاف بالإنسانِ

فإذا سقطتُ، سقطتُ أحمل عزتي=يغلي دم الأحرار في شرياني

*****

أبتاه إن طلع الصباح على الدُّنى=وأضاء نور الشمس كل مكانِ

واستقبل العصفور بين غصونهِ=يوماً جديداً مشرق الألوانِ

وسمعتَ أنغام التفؤل ثرًّةً=تجري على فم بائع الألبانِ

وأتى يدُقُّ – كما تعوَّدَ – بابنا=سيدُقُّ باب السجن جلادانِ

وأكون بعد هنيهة متأرجحاً=في الحبل مشدوداً إلى العيدانِ

ليكن عزاؤك أن هذا الحبل ما=صنعته في هذي الربوع يدانِ

نسجوه في بلدٍ يَشِعُّ حضارةً=وتضاء منه مشاغل العِرفانِ

أو هكذا زعموا، وجيء بهِِ إلى=بلدي الجريحِ على يد الأعوانِ

أنا لا أريدك أن تعيش محطماً=في زحمة الآلام والأشجانِ

إنَّ ابنك المصفود في أغلالهِ=قد سيق نحو الموت غير مُدانِ

فاذكر حكاياتٍ بأيام الصبا=قد قلتها لي عن هوى الأوطانِ

*****

وإذا سمعت نشيج أمي في الدجى=تبكي شباباً ضاع في الريعانِ

وتُكَتِّمُ الحسراتِ في أعماقها=ألما تواريه عن الجيرانِ

فاطلب إليها الصفح عني إنني=لا أبتغي منها سوى الغفرانِ

ما زال في سمعي رنين حديثها=ومقالها في رحمة وحنانِ

أبُنَيَّ:إني قد غدوت عليلة=لم يبق لي جَلَدٌ على الأحزانِ

فأَذِقْ فؤاديَ فرحةً بالبحث عنْ=بنت الحلال ودعك من عصياني

كانت لها أمنية ريانةً=يا حُسْنَ آمالٍ لها وأماني

غزلتْ خيوط السعد مخضلا ولمْ=يكن انتقاض الغزل في الحسبانِ

والآن لا أدري بأي جوانحٍ=ستعيش بعدي أم بأي جَنَانِ

*****

هذا الذي سطرته لك يا أبي=بعض الذي يجري بفكرٍ عانِ

لكنْ إذا انتصر الضياء ومُزِّقَتْ=بِيَدِ الجمزع شريعة القرصانِ

فلسوف يذكرني ويُكْبِرُ همتي=من كان في بلدي حليف هوانِ

وإلى لقاءٍ تحت ظلِّ عدالةٍ=قُدْسِيَّة الأحكامِ والميزانِ

*******

******

*****

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير