رَبُّ العِبادِ إلى النَّبِي مُحمَّدِ
فَمن استَعانَ بِها تأيَّدَ مُلكهُ
ومن استَهانَ بِأمرها لَمْ يَرشُدِ
أمرانِ ما اجتمعا لقائدِ أمةٍ
إلاَّ جَنَى بِهما ثِمارَ السؤددِ
جَمعٌ يكونُ الأمر فِيمَا بَينَهم
شورى، وجندٌ للعدو بِمرصدِ
هَيهَاتَ يَحيا المُلكَ دونَ مشورةٍ
ويعزُّ ركنَ المَجدِ ما لَمْ يعمدِ
فَالسَّيفُ لا يَمضي بدونِ رويَّةٍ
والرَّأي لا يَمضي بغيرِ مهنَّدِ
فاعكفْ على الشورى تَجد فِي طيِّها
من بينات الحكمِ ما لَمْ يوجدِ
لا غرو إن أبصرتَ فِي صفحاتها
صورَ الحوادثِ، فهي مرآةُ الغدِ
فالعقل كالمنظارِ يبصرُ ما نأى
عنه قريباً، دونَ لمسٍ باليدِ
وكفاكَ علمُكِ بالأمورِ، وليسَ من
سلكَ السَّبيل كحائرٍ لَمْ يَهتَدِ
فلا أنتَ أولَ من أفادَ بعدلهِ
حريةَ الأخلاقِ بعدَ تعبُّدِ
أطلقتَ كلَّ مقيَّدٍ، وحلَّلتَ
كُلَّ معقَّدٍ، وجَمعتَ كلَّ مبدَّدِ
وتَمتَّعتْ بالعدلِ منكَ رعيَّةٌ
كانت فريسةَ كلِّ باغٍ معتدِ
فاسلم لِخَير ولايةٍ عزَّت بِهَا
نفسُ النصيحِ، وذلَّ كلُّ مفنَّدِ
ضرحت قذاةَ الغيِّ عن جفنِ الهدى
وسرت قناعَ اليأسِ عن أملٍ ندِ
ضمت إليكَ زمامَ كلِّ مثلِّثٍ
وثنت إليكَ عنانَ كلِّ موحِّدِ
وتألَفتْ بَعدَ العداوةِ أنفسٌ
سكنت بعدلكَ فِي نعيمٍ سرمدِ
فحباكَ ربُّكَ بالجميلِ كرامةً
لجزيلِ ما أوليتَ أمَّةَ أَحمدِ
وتَهنَّ بالملكِ الَّذي ألبستهُ
شرفاً بِمثلِ ردائهِ لَمْ يَرتدِ
بزغت بِهِ شَمسُ الهدايةِ بعدَ ما
أفلَت، وأبصرَ كلُّ طرفٍ أرمدِ
لَمْ يَبقَ من ذي خلةٍ إلاَّ اغتدى
بِجَميلِ صنعِكَ مصدراً للوفَّدِ
بَلَغَتْ بِكَ الآمالَ أبعدَ غايةٍ
قصرَت على الإغضاءِ طرفَ الحسَّدِ
فَاسعَد وَدمْ واغنم وجُدْ وانعمْ وسُد
وابدأ وعُد وتَهنَّ واسلم وازدَدِ
لا زالَ عدلكَ فِي الأنامِ مُخَلداً
فالعدلُ فِي الأيامِ خيرُ مُخَلَّدِ
هذه القصيده للشاعرالذي كان مجدد الشعر الكلاسيكي
اعتقد بأنكم قد عرفتوه