ومسكين ذلك القلب المجروح، فحتى شهادته لا تقبل عند الخصام.
يقول الطبيب الشاعر شاكر الخوري:
وسألتها هل بالأكيد تحبني **** قالت: فؤادك شاهد يا روحي
فأحببتها أهل الهوى لن يقبلوا **** أبدا شهادة شاهد مجروح
وكثيرا ما تتحسن أمراض القلب بالأدوية الحديثة من موسعات لشرايين القلب إلى ما يزيد القلب قوة وعزما، إلا أن من أدواء القلب ما يزداد نكسا بالدواء!! قال الفاضل اليماني:
لله داء في الفؤاد أجنه **** يزداد نكسا كلما داويته
ولا شك أن الضغوط النفسية الشديدة والمصائب العظام تؤثر سلبا على القلب، فكم رأينا من حالات " جلطة القلب " (احتشاء عضلة القلب)، ساهم في إحادثها تعرض المريض لضغط نفسي شديد. قال الشاعر:
احرص على حفظ القلوب من الأسى **** فصفاؤها بعد التكدر يعسر
وإذا كان القلب يبدو واضحا على شاشة تصوير القلب بالأشعة فوق الصوتية (الايكو)، فنرى ما فيه من صمامات، وضعف أو توسع في عضلة القلب، في انقباضه وانبساطه، فإن الأطباء يعجزون عن إدراك ما في القلب من أحاسيس ومشاعر.
ويأبى الذي في القلب إلا تبينا **** وكل إناء بالذي فيه يرشح
وقد تصاب عضلة القلب بالتضخم والقساوة، وخاصة عند المسنين، أو عند المصابين بارتفاع ضغط الدم الشديد. ولكنه قد يكون قاسيا عند المحبوب، فلا يحن ولا يلين. يقول صريع الغواني مسلم بن الوليد:
أحب من حبكم من كان يشبهكم **** حتى لقد كدت أهوى الشمس والقمرا
أمر بالحجر القاسي فألثمه **** لأن قلبك قاس يشبه الحجرا
ويقال في الأدب: إن أحن القلوب هو قلب الأم، وأكثرها صفاء قلب الطفل، وأشدها غلظة قلب الجاحد، والقلب المريض قلب الكافر، والضعيف قلب المتردد. والقلب الأسود الذي يختزن الضغينة والإساءة.
خفقان القلب:
والخفقان هو الشعور بضربات القلب، أو الإحساس بوجود ضربات سريعة وقوية في القلب.
ويحدث الخفقان عادة إثر القيام بجهد عنيف، أو عند الانفعال الشديد، أو لدى التعرض لخوف مفاجئ.
وقد ينجم الخفقان عن اضطراب بالتسرع فجأة، ويخفق بضربات سريعة وكأنه يركض. ويشعر المريض عادة بهذا التسرع إذا ما ازدادت ضربات قلبه عن 100 ضربة في الدقيقة.
وأكثر أسباب الخفقان شيوعا القلق والخوف، وأمراض أخرى غير أمراض القلب، كالحمى أو فرط نشاط الغدة الدرقية وغيرها. ولكن ينبغي التأكد من عدم وجود حالة فرضية في القلب.
وقد تصل سرعة ضربات القلب إلى 200 ضربة في الدقيقة ويسمى " التسرع ما فوق البطيني ".
وهذا عمران بن حطان يعير الحجاج بن يوسف الثقفي لأنه نكص عن ملاقاة " غزالة " فقال:
أسد علي وفي الحروب نعامة **** فتخاء تنفر صفير الصافر
هلا برزت إلى غزالة في الوغى **** بل كان قلبك في جناحي طائر
صدعت غزالة قلبه بفوارس **** تركت مدابره كأمس الدابر
وكثيرا ما عبر الشعراء عن إحساسهم بالخفقان لدى رؤية المحبوب أو البعد عنه. فهذا الشريف الرضي فارق محبوبه فصار قلبه يعدو كالحسان السريع حتى كاد يطير.
أشكو إلى الله قلبا لا قرار له **** قامت قيامته والناس أحياء
إن نال منكم وصالا زاده سقما **** كأن كل دواء عندكم داء
كأن قلبي يوم البين طار به **** من الرقاع نجيب الساق عداء
وقال ابن المعتز يصف ما أحدث الفراق في قلبه وجسمه:
ومتيم جرح الفراق فؤاده **** فالدفع من أجفانه يتدفق
بهرته ساعة فرقة فكأنما **** في كل عضو منه قلب يخفق
أما ابن زيد فيدعو على قلبه أن لا يسكن ولا يهدأ من الخفقان فيقول:
إني ذكرتك بالزهراء مشتاقا **** والأفق طلق ومرأى الأرض قد راقا
لا سكن الله قلبا عن ذكركم **** فلم يطر بجناح الشوق خفاقا
ويصف علي بن الحسين الخفقان السريع الذي ينتابه، وكأنه الطائر الذي تخفق أجنحته في صدره وهو يبحث عن طريق للفرار، والجواغ الذي تطبق عليه من كل جانب. وكثيرا ما يشعر المريض أثناء الخفقان بضيق في صدره، وانقباض في جوانحه:
كأن فؤادي طائر بين أضلعي **** يريد فرارا والجوانح تطبق
كأن عدا أبي حوله شرك له **** تنسب فيه فهو للخوف يخفق
وهذا عروة بن حزام يصف ما انتابه من خفقان من حب عفراء:
على كبدي من حب عفراء قرحة **** وعينان من وجدي بها تكفان
كأن قطاة علقت بجناحها **** على كبدي من شدة الخفقان
أجارنا الله وإياكم من الخفقان وسلم القلوب من كل داء! [/ frame]
ـ[أبو طارق]ــــــــ[07 - 11 - 2006, 05:18 م]ـ
موضوع شيق , وطرح متميز
متألق دائمًا أستاذنا الشمالي
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[07 - 11 - 2006, 05:21 م]ـ
بوركت أيها الشمالي
ويقال في الأدب: إن أحن القلوب هو قلب الأم، وأكثرها صفاء قلب الطفل، وأشدها غلظة قلب الجاحد، والقلب المريض قلب الكافر، والضعيف قلب المتردد. والقلب الأسود الذي يختزن الضغينة والإساءة.
أما تلك، فنسأل الله أن يغسل قلوبنا، ويعمرها بالحب، والعفو!!
امتثالا لأمره سبحانه:
(وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) (الحشر:10)
تحياتي
¥