فإذا نظرت إلى أسرة وجهه برقت كبرق العارض المتهلل، قالت: فقام النبي صلى الله عليه وسلم وقبل بين عيني وقال: جزاك الله يا عائشة عني خيراً ما سررت مني كسرورى منك.
أخبرنا إبراهيم بن عمر البرمكي، حدثنا إسحاق بن سعد بن الحسن بن سفيان النسوي، حدثنا أبو ذر محمد بن محمد بن يوسف القاضي املاء، حدثنا أبي، حدثنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل، حدثنا عمرو بن محمد بن جعفر، حدثنا أبو عبيدة معمر بن المثنى قال: حدثني هشام بن عروة قال: حدثني أبي قال: حدثتني عائشة بنحوه، قال أبو ذر: سألني أبو علي صالح بن محمد البغدادي عن حديث أبي عبيدة معمر بن المثنى أن أحدثه به فحدثته به، فقال: لو سمعت بهذا عن غير أبيك عن محمد لأنكرته أشد الانكار لأني لم أعلم قط أن أبا عبيدة حدث عن هشام بن عروة شيئاً ولكنه حسنٌ عندي حين صار مخرجه عن محمد بن إسماعيل .. انتهى ..
ولكن محدث عصرنا الإمام الألباني (رحمه الله) ذكر الحديث في موجز سلسلة الأحاديث الضعيفة تحت رقم (4144) في المجلد التاسع بقوله .. ((جزاك الله يا عائشة خيراً ما سررت مني كسروري منك)) كَذِبٌ مَوْضُوعٌ. انتهي ..
وكما تعلم فموجز السلسلة لايفصل موطن التضعيف مما يضطرنا لمراجعة الرواة المتواترين ويبدو أن أوهنهم أبو عبيدة معمر بن المثنى بحسب النقل السابق عن الخطيب البغدادي ويؤكده ترجمة الحافظ الذهبي له،
لنقرأ معاً مقتطفات ماورد في سير أعلام النبلاء للحافظ الذهبي، نشر مؤسسة الرسالة، الطبعة التاسعة، عام 1413 هـ، الجزء التاسع، الصفحة 445، وتحت ترجمة رقم (168):
(أبو عبيدة الإمام العلامة البحر أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي مولاهم البصري النحوي، صاحب التصانيف، ولد في سنة 110هـ في الليلة التي توفي فيها الحسن البصري ... )
( .. ولم يكن صاحب حديث وإنما أوردته لتوسعه في علم اللسان وأيام الناس ... )
( .. قال الجاحظ:لم يكن في الأرض جماعي ولا خارجي أعلم بجميع العلوم من أبي عبيدة، وقال يعقوب بن شيبة: سمعت علي بن المديني ذكر أبا عبيدة فأحسن ذكره وصحح روايته، وقال:كان لايحكي عن العرب إلا الشيء الصحيح، وقال يحيى بن معين: ليس به بأس، قال المبرد: كان هو والأصمعي متقاربين في النحو وكان أبو عبيدة أكمل القوم ... )
( .. وقال ابن قتيبة: كان الغريب وأيام العرب أغلب عليه وكان لا يقيم البيت إذا أنشده ويخطىء إذ قرأ القرآن نظراً وكان يبغض العرب وألف في مثالبها كتباً وكان يرى رأي الخوارج ... )
( .. وقيل إن الرشيد أقدم أبا عبيدة وقرأ عليه بعض كتبه وهي تقارب مئتي مصنف منها كتاب مجاز القرآن وكتاب غريب الحديث وكتاب مقتل عثمان وكتاب أخبار الحجاج .. )
( .. وكان ألثغ بذيء اللسان وسخ الثوب .. )
( .. وقال أبو حاتم السجستاني: كان يكرمني بناء على أنني من خوارج سجستان .. )
( .. وقيل كان يميل إلى المرد .. ألا ترى أبا نواس حيث يقول:
صلى الإله على لوط وشيعته **** أبا عبيدة قل بالله آمينا ... )
( .. قلت –والكلام للحافظ الذهبي- قد كان هذا المرء من بحور العلم، ومع ذلك فلم يكن بالماهر بكتاب الله، ولا العارف بسنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولا البصير بالفقه، واختلاف أئمة الاجتهاد، بلى وكان معافى من معرفة حكمة الأوائل والمنطق وأقسام الفلسفة وله نظر في المعقول ولم يقع لنا شيء من عوالي روايته ... ) انتهى ..
والله عز وجل أعلم وأرحم ,,
والسلام عليكم ..
ـ[عبد القادر علي الحمدو]ــــــــ[12 - 11 - 2006, 10:23 م]ـ
السلام عليكم:
شكراً أخي الأحمدي،
أشكرك أستاذي الفاضل المعيوفي على هذا المجهود الرائع الذي أتحفتنا به، ما شاء الله،أرجو أن نبقى دائماً على تواصل معك
ـ[الأحمدي]ــــــــ[13 - 11 - 2006, 12:37 ص]ـ
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
قد تكون العلة فقط في الزيادة التي ذكرها الشيخ الألباني رحمه الله، لأني راجعت تراجم الرواة في الشاملة فوجدت أبا عبيدة رتبته "صدوق أخبارى و قد رمي برأي الخوارج" عند ابن حجر، و "ثقة" عند الذهبي.