ـ[رؤبة بن العجاج]ــــــــ[23 - 11 - 2006, 10:32 م]ـ
مقصورة ابن دريد
يا ظَبيَةً أَشبَه شَيءٍ بِالمَها = تَرعى الخُزامى بَينَ أَشجارِ النَقا
إِمّا تَرَي رَأسِيَ حاكي لَونُهُ = طُرَّةَ صُبحٍ تَحتَ أَذيالِ الدُجى
وَاِشتَعَلَ المُبيَضُّ في مُسوَدِّهِ = مِثلَ اِشتِعالِ النارِ في جَزلِ الغَضى
فَكانَ كَاللَيلِ البَهيمِ حَلَّ في = أَرجائِهِ ضَوءُ صَباحٍ فَاِنجَلى
وَغاضَ ماءَ شِرَّتي دَهرٌ رَمى = خَواطِرَ القَلبِ بِتَبريحِ الجَوى
وَآضَ رَوضُ اللَهوِ يَبساً ذاوِياً = مِن بَعدِ ما قَد كانَ مَجّاجَ الثَرى
وَضَرَّمَ النَأيُ المُشِتُّ جَذوَةً = ما تَأتَلي تَسفَعُ أَثناءَ الحَشا
وَاِتَّخَذَ التَسهيدُ عَيني مَألَفاً = لَمّا جفا أَجفانَها طَيفُ الكَرى
فَكُلُّ ما لاقَيتُهُ مُغتَفَرٌ = في جَنبِ ما أَسأَرَهُ شَحطُ النَوى
لَو لابَسَ الصَخرَ الأَصَمَّ بَعضُ ما = يَلقاهُ قَلبي فَضَّ أَصلادَ الصَفا
إِذا ذَوى الغُصنُ الرَطيبُ فَاِعلَمَن = أَنَّ قُصاراهُ نَفاذٌ وَتَوى
شَجيتُ لا بَل أَجرَضَتني غُصَّةٌ = عَنودُها أَقتَلُ لي مِنَ الشَجى
إِن يَحم عَن عَيني البُكا تَجَلُّدي = فَالقَلبُ مَوقوفٌ عَلى سُبلِ البُكا
لَو كانَتِ الأَحلامُ ناجَتني بِما = أَلقاهُ يقظانَ لأَصماني الرَدى
مَنزلةٌ مَا خِلتها يَرضى بِها = لِنَفسِهِ ذو أرَبٍ وَلا حِجى
شيمُ سَحابٍ خُلَّبٍ بارِقُهُ = وَمَوقِفٌ بَينَ اِرتِجاءٍ وَمُنى
في كُلِّ يَومٍ مَنزِلٌ مُستَوبلٌ = يَشتَفُّ ماءَ مُهجَتي أَو مُجتَوى
ما خِلتُ أَنَّ الدَهرَ يُثنيني عَلى = ضَرّاءَ لا يَرضى بِها ضَبُّ الكُدى
أُرَمِّقُ العَيشَ عَلى بَرصٍ فَإِن = رُمتُ اِرتِشافاً رُمتُ صَعبَ المُنتَهى
أَراجِعٌ لي الدَهرُ حَولاً كامِلاً = إِلى الَّذي عَوَّدَ أَم لا يُرتَجى
يا دَهرُ إِن لَم تَكُ عُتبى فَاِتَّئِد = فَإِنَّ إِروادَكَ وَالعُتبى سَوا
رَفِّه عَلَيَّ طالَما أَنصَبتَني = وَاِستَبقِ بَعضَ ماءِ غُصنٍ مُلتَحى
لا تَحسبَن يا دَهرُ أَنّي جازِعٌ = لِنَكبَةٍ تُعرِقُني عرقَ المُدى
مارَستُ مَن لَو هَوَتِ الأَفلاكُ مِن = جَوانِبِ الجَوِّ عَلَيهِ ما شَكا
وَعَدَّ لَو كانَت لَهُ الدُنيا بِما = فيها فَزالَت عَنهُ دُنياهُ سوا
لَكِنَّها نَفثَةَ مَصدورٍ إِذا = جاشَ لُغامٌ مِن نَواحيها عمى
رَضيتُ قَسراً وَعَلى القسرِ رِضى = مَن كانَ ذا سُخطٍ عَلى صرفِ القضا
إِنَّ الجَديدَينِ إِذا ما اِستَولَيا = عَلى جَديدٍ أَدنياهُ لِلبِلى
ما كُنتُ أَدري وَالزَمانُ مولَعٌ = بِشَتِّ مَلمومٍ وَتَنكيثِ قُوى
أَنَّ القَضاءَ قاذِفي في هُوَّةٍ = لا تَستَبِلُّ نَفس مَن فيها هوى
فَإِن عَثرتُ بَعدَها إِن وَأَلَت = نَفسِيَ مِن هاتا فَقولا لا لعا
وَإِن تَكُن مُدَّتُها مَوصولَةً = بِالحَتفِ سَلَّطتُ الأُسا عَلى الأَسى
إِنَّ اِمرأَ القَيسِ جَرى إِلى مَدى = فَاِعتاقَهُ حِمامُهُ دونَ المَدى
وَخامَرَت نَفسُ أَبي الجَبرِ الجَوى = حَتّى حَواهُ الحَتفُ فيمَن قَد حَوى
وَاِبنُ الأَشَجِّ القَيلُ ساقَ نَفسَهُ = إِلى الرَدى حِذارَ إِشماتِ العِدى
وَاِختَرَمَ الوَضّاحَ مِن دونِ الَّتي = أَمَّلَها سَيفُ الحِمامِ المُنتَضى
وَقَد سَما قَبلي يَزيدٌ طالِباً = شَأوَ العُلى فَما وَهى وَلا وَنى
فَاِعتَرَضَت دونَ الَّذي رامَ وَقَد = جَدَّ بِهِ الجِدُّ اللُهَيمُ الأُرَبى
هَل أَنا بِدعٌ مِن عَرانين عُلىً = جارَ عَلَيهِم صَرفُ دَهرٍ وَاِعتَدى
فَإِن أَنالَتني المَقاديرُ الَّذي = أَكيدُهُ لَم آلُ في رَأبِ الثَأى
وَقَد سَما عَمرٌو إِلى أَوتارِهِ = فَاِحتَطَّ مِنها كُلَّ عالي المُستَمى
فَاِستَنزَلَ الزَبّاءَ قَسراً وَهيَ مِن = عُقابِ لَوحِ الجَوِّ أَعلى مُنتَمى
وَسَيفٌ اِستَعلَت بِهِ هِمَّتُهُ = حَتّى رَمى أَبعَدَ شَأوِ المُرتَمى
فَجَرَّعَ الأُحبوشَ سُمّاً ناقِعاً = وَاِحتَلَّ مِن غمدانَ مِحرابَ الدُمى
ثُمَّ اِبنُ هِندٍ باشَرَت نيرانُهُ = يَومَ أُوارات تَميماً بِالصلى
ما اِعتَنَّ لي يَأسٌ يُناجي هِمَّتي = إِلّا تَحَدّاهُ رَجاءٌ فَاِكتَمى
أَلِيَّةً بِاليَعمُلاتِ يَرتَمي = بِها النجاءُ بَينَ أَجوازِ الفَلا
خوصٌ كَأَشباحِ الحَنايا ضُمَّر = يَرعَفنَ بِالأَمشاجِ مِن جَذبِ البُرى
¥