[من بدائع ابن القيم رحمه الله]
ـ[عبدالعزيز الجهني]ــــــــ[09 Aug 2008, 07:01 م]ـ
لابن القيم رحمه الله كلام بديع ذكره في كتاب التبيان في أيمان القرآن تعليقا على قوله تعالى في سورة الواقعة (فلولا إذا بلغت الحلقوم. وأنتم حينئذ تنظرون. ونحن أقرب إليه منكم ولكن لاتبصرون. فلولا إن كنتم غير مدينين. ترجعونها إن كنتم صادقين) قال رحمه المولى عز وجل: ولله ما أحسن جزالة هذه الألفاظ وفصاحتها ,وبلوغها أقصى مراتب البلاغة والفصاحة ,مع الاختصار التام ,وندائها إلى معناها من أقرب مكان ,واشتمالها على التوبيخ والتقرير والإلزام ,ودلائل الربوبية والتوحيد والبعث ,وفصل النزاع في معرفة الروح ,وأنها تصعد وتنزل وتنتقل من مكان إلى مكان.
وما أحسن إعادة لولا ثانيا قبل ذكر الفعل الذي يقتضيه الأول ,وجعل الحرفين يقتضيانه اقتضاء واحدا ,وذكر الشرط بين لولا الثانية وما تقتضيه من الفعل ,ثم الموالاة بين الشرط الأول والثاني ,مع الفصل بينهما بكلمة واحدة هي الرابطة بين لولا الأولى والثانية ,والشرط الأول والثاني ,وهذا تركيب يسجد العقل والسمع لمعناه ولفظه.
فتضمنت الآيتان تقريرا وتوبيخا واستدلالا على أصول الإيمان, من وجود الخالق سبحانه وكمال قدرته ونفوذ مشيئته وربوبيته ,وتصرفه في أرواح عباده ,حيث لايقدرون على التصرف فيها بشيء ,وأن أرواحهم بيده يذهب بها إذا شاء ويردها إذا شاء ,ويخلي أبدانهم منها تارة ويجمع بينها وبينها تارة ,وإثبات المعاد ,وصدق رسوله فيما أخبر به عنه ,وإثبات ملائكته ,وتقرير عبودية الخلق.
وأتى بهذا في صورة تحضيضين وتوبيخين وتقريرين وجوابين وشرطين وجزاءين ,منتظمة أحسن الانتظام ,ومتداخلة أحسن التداخل ,متعلقا بعضها ببعض. وهذا كلام لايقدر البشر على مثل نظمه ومعناه. انتهى كلامه رحمه الله ,وقد سقته لأحبتي في الملتقى لما فيه من لطافة وجمال وحسن بيان ,وفهم وتدبر لكلام الواحد الديان. رزقني الله وإياكم حسن الفهم وحسن التدبر, والله الموفق والمعين.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[10 Aug 2008, 12:03 ص]ـ
جزاكم الله يا دكتور عبد العزيز عن هذه اللطيفة خيرا وهو كلام نافع مفيد في بابه.